يهودية في بيت المرشد.. عناصر استخبارات نسائية تخترق دوائر السلطة الإيرانية|صور
عاشت إيران خلال هذا الشهر على وقع صدمات دللت على اختراق دوائر السلطة، الأمر الذي بات يمثل مبعث قلق على أمنها القومى، فى ظل نجاح إسرائيل وعواصم غربية في النفاذ لملفاتها السرية عبر العناصر النسائية.
نازانين زاغاري
واليوم أعلنت بريطانيا أنها تمكنت من تحرير مواطنين بريطانيين من أصل إيرانى بعد دفع رقم مالى كبير لصالح طهران.
وقالت الحكومة البريطانية، وفق هيئة الإذاعة البريطانية "بى بى سي"، إن المواطنين البريطانيين الاثنين من أصل إيراني، نازانين زاغاري- راتكليف، وأنوشه عاشوري، أطلق سراحهما وفي طريقهما إلى المملكة المتحدة.
ووفق وسائل إعلام بريطانية، أن "الصفقة تمت بعد موافقة الحكومة في المملكة المتحدة على تسديد دين بريطاني لإيران يقدر بـ 400 مليون جنيه استرليني".
ويتعلق دين الـ 400 مليون جنيه إسترليني بأمر إلغاء صفقة بيع 1500 دبابة لإيران يعود تاريخها إلى سبعينيات القرن الماضي.
وكانت زاغري-راتكليف (43 عاما)، وهي مديرة مشروع في "مؤسسة تومسون رويترز"، قد سجنت في إيران عام 2016، خلال زيارة عائلية إلى هذا البلد، وحكم عليها بالسجن خمس سنوات بتهمة التورط في مخطط يستهدف إسقاط الحكومة.
وقضت زاغري-راتكليف السنوات الأربع الأولى من هذه العقوبة في السجن والسنة الخامسة قيد الحبس المنزلي، لكن في وقت سابق من العام الجاري وجهت السلطات الإيرانية إليها اتهامات جديدة بـ"نشر الدعاية ضد النظام".
كاثرين بيريز شيكدم
وقبل أسابيع تفجرت فى إيران قضية تجسس كبيرة، بعد الكشف عن تمكن صحفية يهودية بريطانية تدعى، كاثرين بيريز شيكدم، من اختراق المجتمع الإيرانى، واستعان بها الموقع الخاصة للمرشد الإيرانى على خامنئ فى كتابة التقارير الصحفية.
وكشفت يهودية بريطانية، سبق وأن "أعلنت إسلامها على المذهب الشيعي"، من خلال صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" منتصف فبراير الماضى، كيفية وصولها إلى مواقع رسمية تابعة للمرشد علي خامنئي والحرس الثوري الإيراني.
صحيح أن الصحفية اليهودية البريطانية، كاثرين بيريز شيكدم، نفت أن تكون عميلة للموساد الإسرائيلي، أو أن يكون وجودها في إيران ضمن مهمتها كعميلة.
واعتبرت أن مقالها الذي نشرته على الموقع الإسرائيلي، قبل نحو أربعة أشهر، يأتي بعد الكشف عن أنها يهودية، على الرغم من عدم شعورها بأي انتماء إلى الديانة اليهودية.
وقالت: أن "لأمر الوحيد الذي يزعج الإيرانيين حقًا هو أنهم استيقظوا على حقيقة أنني يهودية بعد أن سمحوا لي بالدخول بينهم، اليوم، وعند معرفتهم أنني يهودية، أدركوا أنني العدو - أو ما يعتبرونه العدو".
وأضافت أنها معتادة على "مثل هذه الاتهامات والأخبار التي يتم نشرها عندما لا يعجبهم ما تقوله، وهم لم يعجبهم أنني يهودية وضمن جهودي في عملي الصحفى لمواجهة معاداة السامية".
موقع المرشد الإيراني
وتحدثت عن نشأتها البعيدة عن اليهودية، وإنها كانت حريصة على إظهار انتمائها إلى إسرائيل، من خلال قولها، إن ابنتها التي تعيش معها في العاصمة البريطانية "لندن" ترغب في القدوم إلى إسرائيل للانضمام إلى الجيش الإسرائيلي.
وذكرت أنها تمكنت من الكتابة في مختلف وسائل الإعلام العربية والإيرانية والتقت عددًا كبيرًا من الناس والمسؤولين.
بعد وصولها إلى إيران في عام 2015، للمرة الأولى، بدأت كاثرين بيريز شيكدم تكتب في العديد من وكالات الأنباء اليمينية الإيرانية وموقع المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي.
وحتى نوفمبر 2021، عندما كتبت مقالها عن لقاء "رئيسي" بقيت ديانتها اليهودية سرية أمام الإيرانيين. وفي مقالها، ذكرت أنها انفصلت عن زوجها اليمني السني ولم تعد مسلمة.
على مدى سنوات، خصصت مقالاتها للإسلام الشيعي والشرق الأوسط، وكتبت في مختلف وسائل الإعلام العربية والغربية، وعملت مستشارة خاصة لمنطقة الشرق الأوسط للأمير علي سراج من أفغانستان.
ولدت شيكدم في باريس لأبوين يهوديين، وبقيت يهودية إلى أن اعتنقت الإسلام بعد زواجها. ويتداول الإسرائيليون أنها علمانية عاشت منفصلة عن المجتمعات اليهودية معتنقة الدين الإسلامي.
وبعد اتهامها بالجاسوسية لصالح إسرائيل، حرصت على الترويج لسيرتها الذاتية ونشأتها كيهودية اعتنقت الإسلام ومن ثم تركته.
فكتبت "تايمز أوف إسرائيل"، "في عام 1999، عندما كانت طالبة في كلية لندن للاقتصاد، التقت بزوجها وهو مسلم سني من اليمن، وعلى الرغم من اعتناقها الإسلام، فإن خلفيتها اليهودية كانت مصدر خلاف مع أهل زوجها وأصبحت في النهاية مصدر عار لها".
وقالت "لم أتحدث بتاتًا عن أصولي، لأنني كنت أعرف أنه إذا ما ذكرت ذلك سأتعرض للتنمر والكراهية".
وبعد طلاقها في عام 2014، عملت في وسائل الإعلام الإيرانية.
استغلال إيران
وروت عن ذلك، "إيران متعطشة للغاية للدعم الغربي، لدرجة أنها ستتحدث مع أي شخص يحمل جواز سفر غربيًا. وكنت على علم، آنذاك، أن وسائل الإعلام الإيرانية كانت تحاول تحويلي إلى آلة دعائية، ومن جهتي لعبت إلى حد ما مع الوقت".
وصلت شيكدم عام 2017 إلى طهران، مندوبة في مؤتمر حول القضية الفلسطينية في طهران، وكانت هذه واحدة من خمس رحلات قامت بها إلى إيران،.
وقالت أنها كانت تتنقل بدون معوقات، والمؤتمر الذي شاركت فيه افتتحه خامنئي بالتنديد بإسرائيل ووصفها بأنها "ورم سرطاني".
وروت تفاصيل زيارتها الأولى إلى طهران، وتعهد المرشد الإيرانى، بأن طهران لن تتوقف عن دعم حركة "حماس" و"حزب الله"، وعزا إليها نجاحات الحركة الوطنية الفلسطينية.
في هذا المؤتمر، شارك خالد مشعل، الذي وصفته بـ "زعيم حماس الإرهابي"، وكذلك الجنرال الإيراني قاسم سليماني، الذي اغتيل عام 2020. وتقول "لقد كان الجو ملائمًا بشكل جيد مع آرائي الخاصة في ذلك الوقت".
وقالت إنها خلال وجودها في إيران، كانت حساسة لما يقوله الإيرانيون وغيرهم في الشرق الأوسط عن اليهود، لكنها كانت تبقى صامتة، "جنون ما يقوله الناس عن إسرائيل واليهود في إيران. لقد قال لي مثقفون إن لليهود قرونًا وذيولًا. إنه أمر مخيف للغاية إلى أي مدى تمتد الكراهية".
وحرصت خلال المقابلة المطولة معها بصحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، على تأكيد إخلاصها وحبها لإسرائيل من خلال ابنتها البالغة من العمر 17 سنة.
كاثرين بيريز شكدام، عملت كاتبة عمود بشكل منتظم في السنوات الأخيرة على الموقع الإنجليزي لموقع "حفظ ونشر آثار خامنئي"، ونشرت مواقع إيرانية أخرى مقابلات ومقالات لها من قبيل صحيفة "مشرق" القريبة من استخبارات الحرس الثوري الإيراني.
روت عن مقابلتها مع إبراهيم رئيسي، عندما ترشح للمنصب الرئاسي في 2021، وكانت قد أجرت المقابلة معه عندما كان في رحلة انتخابية بمدينة رشت عاصمة محافظة جيلان، شمال إيران.
مواقع الحرس الثوري
شكدام كانت عملت مع مراكز أبحاث تابعة لإسرائيل، قبل أن تبدأ العمل مع وسائل الإعلام والمواقع المقربة من الزعيم الإيراني والحرس الثوري، وليس من الواضح كيف نجحت في كسب ثقة المسؤولين الإيرانيين لتصبح كاتبة عمود منتظم على موقع خامنئي، كما كانت كاثرين بيريز تظهر بشكل منتظم على "برس تي في" الإيراني الناطق بالإنجليزية كمحللة سياسية.
كما نشرت وكالة أنباء "تسنيم" القريبة من الحرس الثوري مقالات لها عدة مرات أو أجرت معها مقابلات حول القضايا الإقليمية والتطورات في المنطقة وجميعها من وجهة نظر إيرانية، كما تعاونت مع صحيفة "طهران تايمز" الناطقة بالإنجليزية، التابعة لمنظمة الدعاية الإسلامية الإيرانية.
وأظهرت وثائق نشرها موقع "إيران إنترناشيونال" أن كاثرين شكدام عملت مع شركة استخبارات خاصة تسمى "ویکي استرات"، والتي لها علاقات بإسرائيل وروسيا.
وتقول شركة "ویکی استرات" أنها متعاقدة مع بعض وكالات الاستخبارات الأمريكية، لكن وثائق الشركة تظهر أن 74 % من عملائها حكومات أجنبية، وأهمها روسيا، وفقًا لأحد الباحثين في الشركة.
وتم الآن حذف مقالات كاثرين بيريز شكدام على موقع المرشد الإيراني بالكامل، ولكن من خلال البحث في شبكة الانترنت، يظهر اسمها في 18 تسجيلا على موقع خامنئي، ومن خلال البحث عن الكلمة الإنجليزية لاسمها في جوجل يمكن العثور على عنوان مقالاتها على موقع المرشد علي خامنئي.
ومن خلال البحث باللغة العربية يمكن إيجاد مقابلات ومقالات لها من قبيل مقابلة مع "مجلة الروضة الحسينية" التي تصدر عن مركز الإعلام الدولي في "العتبة الحسينية" في مدينة كربلاء، وهناك مقالات لها منشورة على مواقع حوثية ومليشيات عراقية.
يشار إلى أن الحديث عن وجود عناصر إسرائيلية على الأرض في إيران مطروح للنقاش حتى في الأوساط الموالية للنظام الإيراني.
وفي السنوات الأخيرة تمكنت إسرائيل وبمساعدة مثل هذه العناصر، سرقة وثائق نووية وفضائية إيرانية مهمة للغاية، وقامت بقصف دقيق لمنشآت عسكرية ونووية حساسة، وهي متهمة من قبل طهران باغتيال العديد من العلماء والمسؤولين الإيرانيين، بمن فيهم فخري زاده المقلب بـ"أبو البرنامج النووي" الإيراني.