بوتين الطبيب الذي أنهى أسطورة كورونا!
عندما انطلقت موجة كورونا قبل عامين كتبنا نقول، فجأة وبدون مقدمات اجتاح العالم وباء كورونا الذي أوقف الحياة على سطح المعمورة، واستبدلت وسائل الإعلام العالمية والمحلية أجندة برامجها اليومية والتي كانت تركز في جزء كبير منها على الصراعات والنزاعات في المناطق الساخنة على سطح الكرة الأرضية ومنها بالطبع قضايا الصراع والنزاع المسلح داخل بعض مجتمعاتنا العربية، وأصبح الخبر الرئيس عبر كل وسائل الإعلام يدور حول كورونا وما يمكن أن يسببه من فناء للبشرية.
وبالطبع انتقلت العدوى إلى الإعلام الجديد المتمثل في السوشيال ميديا أو مواقع التواصل الاجتماعي التي لا تخضع لضابط أو رابط وما يبث عبرها يتضمن أكاذيب وفبركات أكثر من الحقائق، وبذلك سادت حالة من الرعب لدى الغالبية العظمى من سكان الكوكب والتي تقدر بنحو 7.75 مليار نسمة، مما دفع حكومات غالبية الدول من اتخاذ إجراءات وقائية لحماية مواطنيها وصلت في بعض الدول لوقف الحياة نهائيا، وفرض الحجر الصحي المنزلي الاختياري أو الإجباري على الجميع.
تقسيم العالم
وطرحنا في حينه السؤال التالي ماذا كان وضع العالم قبل كورونا؟ وكانت الإجابة باختصار شديد ودون الخوض في تفاصيل أن العالم كان عبارة صراعات ونزاعات خلقتها بعض القوى العظمى من أجل السيطرة والهيمنة على الثروات الطبيعية لمجتمعات العالم الثالث وتكريس تبعيتها وتخلفها ومنعها من النهوض واستلاب قدرة أنظمتها السياسية على اتخاذ القرارات المستقلة..
وبالطبع كانت الولايات المتحدة الأمريكية هى تلك القوى العظمى التي ظلت تسيطر وتهيمن على العالم كقطب أوحد منفردًا لما يقرب من عقدين من الزمان، قبل أن تعود روسيا لمكانتها الدولية في العقد الثاني من الألفية الثالثة بعد فقدها لهذه المكانة منذ تفكك الاتحاد السوفيتي في مطلع التسعينيات من القرن العشرين، وبروز دور الصين مؤخرا على الساحة الدولية كقطب ثالث خلال نفس العقد الأخير، وبالطبع يمكن تقسيم العالم إلى أقلية غنية وأغلبية فقيرة.
وأكدنا أنه إذا كان حجم سكان الكوكب قبل سبعين عامًا حوالي 2.5 مليار نسمة فهذا يعني أنه قد تزايد مرتين في ظل تقدم تكنولوجي رهيب وارتفاع في مستوى الصحة، في الوقت الذي ازدادت فيه الفروق الاقتصادية بين الدول وعدم عدالة التوزيع بين الأفراد، وهو ما يمثل ضغطا كبيرا على إمكانية استمرار الحياة على كوكب الأرض..
وهنا يبرز أمامنا توماس روبرت مالتوس الباحث السكاني والاقتصادي السياسي البريطاني الشهير بنظرياته المؤثرة حول التكاثر السكاني والتي يمكن تلخيصها بأنه قد أشار إلى وجود علاقة وطيدة بين تطور عدد السكان وتطور كمية الإنتاج، وأكد حتمية النقص في المواد الغذائية بالنسبة لزيادة السكان، إذ يعتبر أن عدد السكان يزيد وفق متوالية هندسية ( 2- 4 – 8 – 16 – 32 )، بينما يزيد الإنتاج الزراعي وفق متوالية حسابية ( 2 – 3 – 4 – 5 - 6 ) وهو ما سيؤدي حتما إلى نقص الغذاء..
حروب ومجاعات
وأشار مالتوس إلى أن السكان قادرون على المضاعفة مرة كل 25 عامًا، وهى النبوءة التي تحققت تقريبا مرتين خلال السبعين عامًا الماضية، ويرى مالتوس أن العلاج لوقف هذه المشكلة يتمثل فيما أسماه الموانع الإيجابية الطبيعية مثل الحروب والمجاعات والأمراض والأوبئة التي تحصد أرواح أعداد ضخمة من البشر على سطح المعمورة، وبما أنه لم تعد هذه الموانع الإيجابية تحدث بشكل طبيعي وتلقائي فقد بدأت الدول العظمى بتخليق هذه الحروب والمجاعات والأمراض والأوبئة وآخرها كورونا.
وطرحنا في حينه ثلاثة سيناريوهات على النحو التالي:
1- سيناريو المؤامرة الأمريكية: والذي تتهم فيه الولايات المتحدة بتخليق الفيروس وتصديره إلى الصين.
2- سيناريو الخطأ الفني الصيني: والذي تتهم فيه الصين بتسرب الفيروس من مختبراتها.
3- سيناريو الانتشار الطبيعي: وهو ما سيحصد أرواح أعداد كبيرة من البشر حول العالم.
وأكدنا في النهاية أن السيناريوهات الثلاثة المطروحة والنتائج المتوقعة من وراء انتشار الفيروس سواء تمت السيطرة عليه أو انتشر وحصد أرواح الملايين فإن الدول الأكثر فقرًا هى الأكثر تضررًا وتدميرًا لاقتصادياتها، والمواطنين الفقراء في هذه الدول هم الأكثر تعرضًا للخطر نتيجة قلة الوعي وانعدام الحيلة وعدم القدرة على الوقاية نتيجة اضطرارهم للنزول خارج بيوتهم سعيًا وراء لقمة العيش، على عكس الأغنياء الذين تمكنهم ظروفهم من الوعي بخطورة الموقف واتخاذ الاجراءات الوقائية لحماية أنفسهم والابتعاد عن مواطن الخطر..
والسؤال الذي طرح نفسه في حينه ماذا عن العالم بعد كورونا؟ وجاءت الإجابة ببساطة أنه سيعود مرة أخرى للصراعات والنزاعات بين القوى العظمى بعد أن يكون قد رسم خرائط جديدة للصراع.
واليوم وبعد قرار الرئيس بوتين بغزو أوكرانيا حفاظا على الأمن القومي الروسي، اتجهت أنظار العالم إلى أوكرانيا ودارت الآلة الإعلامية معلنة عن توقعات بحرب عالمية ثالثة، وفي غمرة الأحداث المتتالية غابت أخبار كورونا التي صدعنا بها الإعلام على مدار العامين الماضيين، لدرجة أن أخبار الحرب وتصريحات الرئيس بوتين أصبحت هى الشغل الشاغل لسكان المعمورة..
وفي هذه الأثناء خرج علينا مندوب روسيا في مجلس الأمن يؤكد حصول بلاده على معلومات موثقة بالأدلة تؤكد السيناريو الأول بأن فيروس كورونا قد تم تخليقه في مختبرات بيولوجية وبائية في أوكرانيا بدعم أمريكي، وبذلك يكون الرئيس بوتين هو الطبيب الذي أنهى أسطورة كورونا، ونقل العالم لصراع جديد بين القوى العظمى، يمكن تفسيره وفقا لنظرية مالتوس عن الموانع الطبيعية الإيجابية والمتمثلة اليوم في الحرب والمجاعة والتي سيدفع ثمنها الفقراء حول العالم، فمع إعلان الحرب ارتفعت أسعار السلع الغذائية وأصبحت قطاعات واسعة من البشر على سطح المعمورة معرضة للمجاعة… اللهم بلغت اللهم فاشهد.