علي جمعة: الأنبياء لم يكرهوا الناس على الإيمان.. والانغماس في الحياة ليس نفاقا
قال الدكتور علي جمعة، المفتي السابق للجمهورية، إننا استفدنا حرية العقيدة من قصص الأنبياء، مشيرا الى أن كثيرًا من الناس يعتقد أن مخالطة المؤمنين للحياة هو نوع من أنواع النفاق، وهذا الاعتقاد في ذاته بداية جيدة لفكر الإرهاب.
الأنبياء لم يكرهوا الناس
وأضاف علي جمعة أن الله رحل الحساب سواء أكان عقابا أو ثوابا لليوم الآخر، وجعل الاختيار في الدنيا هو الأساس، موضحًا أن الأنبياء دعوا الناس من غير إكراه، وداموا على ذلك دون أن ينفصلوا، ودون أن يكرهوا الناس على الإيمان.
وكتب الدكتور على جمعة تدوينة على الفيس بوك: "تعرضنا لقضية التعايش، وتكلمنا على بعض معالمها، فكان أولا: الاستمرار على الحق. وكان ثانيا: الجوار والحوار مع الآخر. ونكمل شيئًا من هذه المعالم فنقول: ثالثا: حرية المسلك إلى الجنة أو إلى النار، وفي التعايش أيضا يترك كل واحد منا الحرية للآخر".
دخول الجنة والنار
وقال: "إذا كنا ندعو إلى أن نترك الحرية لدخول النار، فإنه من الأولى أيضا أن نترك الحرية لدخول الجنة، قال تعالى: (وَقُلِ الحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِى الوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا) [الكهف:29، 30].
وأضاف:"وهنا نرى أن الله قد رحل الحساب سواء أكان عقابا أو ثوابا لليوم الآخر، وجعل الاختيار في الدنيا هو الأساس، وهذا أمر مهم يغفل عنه كثير من الناس".
وتابع علي جمعة: "رابعا: التفرقة بين الحياة وبين العقيدة: فعندما قص الله علينا القصص لمسيرة الأنبياء- عليهم السلام- ظهر من حياتهم أنهم كانوا يعيشون في مجتمعات، وأن هذه المجتمعات اختلفت، فمنها مجتمعات قل فيها المؤمنون، ومنها مجتمعات اشتملت على المؤمنين وغيرهم، ومنها مجتمعات كثر المؤمنون، وقل غيرهم".
الدعوة دون إكراه
وأضاف "في كل هذه المجتمعات خالط الأنبياء الناس، ودعوهم من غير إكراه، ودلوهم على الخير، ووصفوا الأفعال البشرية بصفاتها من الحسن أو القبح، وداموا على ذلك دون أن ينفصلوا، ودون أن يصطدموا، ودون أن يكرهوا الناس على الإيمان، ولا أن يكرهوا الناس على دخول الجنة إذا لم يعتقد بعضهم أن هذا ليس بطريق الجنة، ولم يكرهوهم على عدم السير في طريق إلى النار، إذا لم يعتقد الناس أن هذا الطريق لا يؤدي إلى النار، أو أن ليس هناك نار أصلا، أو ليس هناك إله أصلا".
واختتم حديثه قائلًا: "فاستفدنا من قصص الأنبياء حرية العقيدة، واستفدنا منها أيضا وجوب البيان، وقد يحتاج هذا الأمر إلى مزيد تفصيل؛ لأن كثيرا من الناس يعتقد أن هذه الحالة وهي مخالطة المؤمنين للحياة إنما هو نوع من أنواع النفاق، وهذا الاعتقاد في ذاته بداية جيدة لفكر الإرهاب، وهو ما نرى العلماء يقلون ضده ويبينون خلافه".