رئيس التحرير
عصام كامل

اغتيال بوتين!

عندما يطالب عضو شهير ومهم فى الكونجرس باغتيال بوتين فهو بذلك يُبين أن تلك رغبة ليست شخصية، وإنما رغبة يشاركه فيها آخرون داخل الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة وأنه سبقها إشارات غير مباشرة من مسئولين أمريكيين عبروا فيها عن أملهم في أن تدفع العقوبات الاقتصادية الروس للتخلص من قيادتهم الحالية.. 

 

لكن لآن أثار العقوبات الاقتصادية على روسيا التى ذهب فيها الأمريكان إلى مدى بعيد لن تظهر كلها بشكل فورى وستحتاج بعض الوقت، ولأنهم يريدون وقف تقدم القوات الروسية في الأراضى الأوكرانية فإن التخلص من بوتين بالاغتيال يعد بمثابة الحل السريع بالنسبة للأزمة الأوكرانية، بدلا من الحل الذى يحتاج وقتا وهو حل الإطاحة بالرئيس الروسى. ويعزز هذا الاستنتاج القرار الذى اتخذته إدارة فيسبوك ويسمح بدعوات التحريض بقتل بوتين على خلاف ما تلتزم به عادة من حجب تغريدته ومنشورات التحريض على العنف. 

 

نفوذ أمريكا

 

والمجاهرة على هذا  النحو بالمطالبة باغتيال رئيس دولة مهمة على هذا المنوال يعكس إحساسا لدى دوائر أمريكية في أن بوتين لا يجدى معه الآن شيء مهما كانت قسوته وشدته، وأنه ماض في طريقه لتحقيق أهدافه الخاصة بحرب أوكرانيا، وأنه يرد بقوة على كل إجراء يتخذه الأمريكان والأوربيون ضد بلاده، وأن تأخر قواته في اقتحام كييف وبعض المدن الرئيسية في أوكرانيا لا يعنى أنها تخلت عن هدف الاستيلاء عليها، وذلك في وقت بدأ الأوكرانيون يعربون عن استعدادهم  لتقديم بعض التنازلات، سواء فيما يتعلق بحياد بلادهم أو بخصوص أوضاع القرم والدونباس..

 

ولعل ذلك ما قصده بوتين بقوله مؤخرا إن المفاوضات مع الأوكرانيين أحرزت بعض التقدم، وبالطبع فإن آخر شىء يريده الأمريكان هو أن يخرج بوتين من هذه الحرب وهو يحمل في يديه أية مكاسب عبر أية تسوية، لأن ذلك سوف يرتب لبلاده نفوذا أكبر على المستوى الدولى مما كانت تحوزه قبل دخول قواتها الأراضى الأوكرانية، ويشجع الصين على أن تحذو حذوها أيضا مستقبلا، وهذا سيكون خصما من النفوذ الأمريكى الدولى. 

 

 

ولكن رغم أن المخابرات الأمريكية والمخابرات البريطانية لهما باع طويل في عمليات الاغتيال فإن اغتيال الرئيس الروسى ليست بالعملية السهلة، خاصة وأن المحيطين به يرتبطون بعلاقة  تاريخية وثيقة معه.. لذلك لن يكون سهلا على عضو الكونجرس المخضرم أن يحقق رغبته التى جاهر بها للتخلص من بوتين قتلا.. ومع ذلك فإن المجاهرة بمثل هذه الرغبة علنا من ذلك العضو المهم هو تطور خطير في العلاقات الدولية.   

الجريدة الرسمية