البنك الدولي وفرصة الانقضاض على الفريسة
بالتأكيد ستؤثر الحرب بين روسيا وأوكرانيا على الدول العالم تأثيرا اقتصاديا متفاوتا، وطبعا مصر من هذه الدول فمن الطبيعي أن يتأثر قطاع السياحة في مصر بسبب تلك الحرب، خاصة وأن السياح الروس والأوكرانيين يشكلون على الأقل ثلث السياح الوافدين إلينا، مما يجعل من المتوقع أن يشهد قطاع السياحة ركودًا، وما لذلك من تداعيات سلبية على معدلات التشغيل وميزان المدفوعات. ومن الطبيعي أن تتأثر البلدان غير المنتجة للنفط في المنطقة بسبب حرب أوكرانيا تأثرا سلبيا.
وبالطبع منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مُعرضة لتداعيات سلبية، وتشترك بعض بلدان المنطقة على الصعيد الاقتصادي مع أوكرانيا وروسيا بعلاقات تجارية، وستكون آثار الأزمة ملموسة -وإن كانت بدرجات متفاوتة- على اقتصاديات المنطقة. وستكون لهذه الآثار تبعات سلبية مُضاعفة على مستويات الأمن الغذائي عبر أرجاء المنطقة، فضلًا عن جائحة كورونا، وتعطُّل سلاسل الإمداد، ومشكلات داخلية تخص كل بلد من بلدانها.
ويظهر تأثير الأزمة في خمسة أثار وهي صدمات أسعار الغذاء لاسيما القمح، وزيادات أسعار النفط والغاز، وعزوف المستثمرين عن المخاطر، وجنوحهم إلى الاستثمارات الآمنة الأمر الذي قد يؤثِّر على تدفقات رؤوس الأموال الخاصة على الأسواق الصاعدة ككل، بجانب تحويلات المغتربين، والسياحة. أما البلدان المصدرة للمواد الهيدروكربونية مثل قطر والسعودية والكويت وليبيا والجزائر، فستشهد تحسنًا في أرصدة المالية العامة وميزان المدفوعات الخارجية وتعزيز معدلات النمو.
وبالنسبة لمصر نجد أن الأزمة يخفف من آثارها وجود مخزون جيد من الأقماح لمدة تصل إلى 6 أشهر مع محصول القمح الجديد، كما أن هذه الأزمة تفتح باب دعم الاقتصاد المصري عن طريق تصدير الغاز الطبيعي، فكما يذكر رئيس لجنة الطاقة باتحاد الصناعات المصرية ورئيس جمعية مستثمري الغاز المسال، فإنه سيزيد الطلب على الغاز المصري خلال الفترة المقبلة، نتيجة للحرب، إذ أنها ستفتح الفرصة أمام الغاز المصري للتوسع والانتشار في جميع أنحاء العالم خاصة في الدول الأوروبية.
فهناك دول صناعية كبرى ستتأثر نتيجة الحرب بين روسيا وأوكرانيا، مثل ألمانيا التي تعد شريكا تجاريا ومستوردا رئيسيا ل الغاز الروسي، وبالتالي ستعاني بسبب التداعيات الناتجة من الأزمة القائمة بين الدولتين خلال الفترة المقبلة. ومن الممكن أن تستفيد مصر من الأزمة عن طريق فتح الباب أمام تصدير الغاز الطبيعي إلى ألمانيا والدول الأوروبية الصناعية، فمصر قادرة على تحقيق ذلك وأكثر، لأنها تحولت قبل عامين من دولة مستوردة إلى مصدرة للغاز الطبيعي، ولديها فائض قابل للتصدير يزيد عن 2 مليار قدم يوميا.
إدارة المخاطر
وفي ظل هذه الأزمة يجد البنك الدولي فرصته سانحة للتدخل في شؤون الدول تحت زعم حمايتها من مخاطر الأزمة وإمدادها بالقروض اللازمة، وهو لا يريد سوى بسط هيمنته على بعض الدول واحتلالها احتلالا اقتصاديا وسياسيا، فالبنك يقدم نفسه على أنه على أهبة الاستعداد للاستجابة بكل الأدوات المتاحة الملائمة لطبيعة مواطن الضعف والقصور على المستوى الدولي. وقد وقع اختيار البنك الدولى على المغرب ومصر وتونس ليقوم فيها بعملياته القذرة، وهو لم يكتف من مصر بما فعله في مجال التعليم لكنه يريد أن يمد نفوذه لكافة المجالات في مصر..
فيعرض البنك الدولي خدماته مؤكدا على لسان فريد بلحاج، نائب رئيس مجموعة البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أن: "بلدانا مثل المغرب وتونس ومصر، يمكن أن يكون لعملياتنا الخاصة بدعم موازناتها دورها الفعَّال، حيث من المتوقع أن تكون آثار الأزمة أكثر شدة على مستوى قيود المالية العامة الكلية الوطنية بهذه البلدان". ويضيف بلحاج: "أن البنك الدولي على استعداد لزيادة مساندة الإنتاج المحلي والتسويق التجاري للأغذية الزراعية، وإدارة المخاطر الزراعية والاحتياطيات الغذائية في البلدان التي تتعرض لصدمات على ذلك المستوى سواء من خلال زيادة تكاليف الطاقة أو الأسمدة، أو عوامل أخرى مثل الأزمات المرتبطة بالجفاف/ تغير المناخ مثل العراق واليمن وتونس ولبنان ومصر.
ويقول: "في الأجل القريب، نحن على استعداد لتوسيع برامجنا للحماية الاجتماعية الموجَّهة للتغذية في بلدان مختارة عن طريق البناء على الأعمال التي أُنجزت منذ 2020 في سياق الاستجابة والتصدي لجائحة كورونا". وأشار إلى أن البنك الدولي ملتزم بالاستمرار في تقديم مساعدات فنية وتحليلية وثيقة وموجهة لاسيما للبلدان التي ستكون أشد تضررا في مجالات تتراوح من استدامة المالية العامة، وإصلاح أنظمة الدعم، والأمن الغذائي، ورصد المعاملات التجارية، وإدارة المخاطر الزراعية.
وفي هذا السياق لا ينبغي على مصر أن تلجا لهذا البنك مرة ثانية وإلا ستكون العواقب وخيمة كما هي في مجال التعليم الذي ما أن أخذت مصر قرض البنك الدولي في التعليم إلا وكان خبراء ذلك البنك يقبعون في الوزارة، ويحركون سياستها، وهو ما نراه الآن من اضطراب في أحوال التعليم المصري تحت بند التطوير، فمرة يكون التابلت هو التطوير الذي ستتم عليه امتحانات الطلبة وكلها ستكون اختيار من متعدد، وتارة يكون الامتحان ورقي ويشمل أسئلة مقالية، كما ثبت أن عدم وجود الكتاب مع الطالب يؤدي إلى عدم الارتباط بالدراسة والمناهج والمذاكرة، وصار التابلت وسيلة للعب واللهو وليس وسيلة للمذاكرة..
وكل ذلك من جراء تدخل البنك الدولي وتدمير التعليم العام أو الحكومي المصري أو تعليم الغلابة؛ ليكون مصير الطالب الغلبان إذا تفوق في الإعدادية أن يدخل مدرسة ضمن 33 مدرسة حددها الوزير وكلها صناعية حتى لا يدخل الجامعة أو يكون طبيبا أو مهندسا؛ لأن الذي سيكون كذلك هو الثري الذي يستطيع أن يدخل الجامعة الخاصة أو الأهلية، والبركة في البنك الدولي.