عاطف فاروق يكتب: مكتب تأمينات قطاع خاص يمنح المعاشات للمحظوظين
دائمًا ما نسمع السؤال الحائر: من الأولى بالمناصب، أهل الكفاءة أم أهل الثقة؟ وينقسم كل من يسمع ذلك السؤال إلى فريقين، لكل منهما حجته البليغة، وهذه هي آفة الإختيار بين إثنين لا ثالث لهما، ولو أنصف السائل لقال: من الأحق بالمناصب؟ وسكت ليسمع الإجابة، خاصة في ظل تطور العلوم الإدارية، وكثرة الدراسات المُنصَبة على حسن إختيار الموظف ثم تدريبه ثم تحفيزه ثم منحه صلاحيات الوظيفة مع إعمال الرقابة المستمرة.
وتلعب الرقابة المستمرة دورًا كبيرًا حين يتبعها التقييم والتقويم، فيحصل من اجتهد على مكافأة ويُعاقب من أخطأ، ولا شك أن قانون الخدمة المدنية قد نظم تلك الاجراءات من أجل الوصول إلى خدمة تليق بالمواطنين وتُشعِرهم بالأمان، ولكن هناك من يحيد عن هذه الضوابط، ويجعل من الوظيفة العامة مغنمًا له ولذويه، وقد يستغل حسن نية زملائه، وثقتهم فيه، والذين لا يكتشفون خداعه إلا حيث لا ينفع الندم، ونضع بين يدي القارئ نموذجًا عمليًا لهذه الجرائم ليتعلم منها، أو يقدم لغيره النصح فيتعلم كيف يتفادى طعنات الفاسدين.
رصدت تحقيقات النيابة الإدارية تفاصيل مثيرة في أغرب وأجرأ قضية فساد مالي وإداري داخل الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، أحيل على إثرها مدير مكتب تأمينات وثلاثة مدخلات بيانات للمحاكمة العاجلة بعد ثبوت قيام المتهم الأول بالحصول على الأرقام السرية لأجهزة الحاسب الآلي الخاصة بالموظفات الثلاثة وتحويل المكتب الحكومي إلى مكتب تأمينات قطاع خاص وكأنه من ممتلكاته الخاصة، وإدخال بيانات ومدد غير حقيقية لإبنه وبعض المواطنين بقصد تسهيل حصولهم على معاشات بدون وجه حق.
تقرير الاتهام
أكد تقرير الاتهام في القضية رقم 16 لسنة 64 قضائية عليا أن المحالين الأربعة خلال أعوام 2015 و2016 و2017، بوصفهم الوظيفي وبمقر عملهم داخل محافظة الدقهلية خالفوا القواعد والتعليمات وارتكبوا ما من شأنه المساس بحق من حقوق الدولة المالية.
وكشفت التحقيقات أن المحالات من الأولى حتى الثالثة وهن فوزية متولي محمد وشيرين السيد محمد وثناء محمد فوزي مسجلات تغطية تأمينية بمكتب تأمينات المطرية للقطاعين العام والخاص بمحافظة الدقهلية تركن الأرقام السرية لأجهزة الحاسب الآلي الخاصة بهن للمحال الرابع بوصفه مدير المكتب مما مكنه من ارتكاب جرائم مالية جسيمة مما ترتب عليه الإضرار بالمال العام.
وأكدت النيابة الإدارية قيام المتهم الرابع ممدوح إبراهيم السيد، مدير مكتب تأمينات المطرية بالدقهلية للقطاعين العام والخاص، بتسجيل مدد لها بيانات تاريخية على منشآت تتبع المكتب رئاسته تم إرسالها إلى مكتب ثان وثالث سيارات بور سعيد دون وجود أي مستند يدل على صحة تلك المدد وعددها 14 حالة مما ترتب عليه صرف معاشات بدون وجه حق لهم بلغت جملتها 272 ألف جنيه.
مكتب سيارات المنزلة
كما سجل بيانات على منشأت لا تتبع المكتب ودون أي وجود مستند صحيح عن تلك المدد مما ترتب عليه صرف معاشات لعدد 4 حالات والمرسلة لمكتب سيارات المنزلة بلغت جملتها 165 ألف جنيه، بالإضافة إلى تسجيل بيانات تاريخية لحالات 5 مواطنين، بقصد إعطائهم مدد وهمية رغم عدم توريد الإستمارات الخاصة بهم بالوارد العام للمكتب، فضلًا عن عدم وجود تسوية مالية لتلك المدد مما ترتب عليه إهدار المال العام.
كما قام المتهم بتسجيل بيانات على منشآت تتبع المكتب وإعطاء أصحابها مدد تستحق عنها معاش غير صحيح، وعدم توريد استمارات الإلتحاق أو إنهاء الخدمة للوارد العام، وعدم وجود تسوية مالية بتلك الحالات وعددها حالتان مما ترتب عليه صرف صرف مبالغ مالية بدون وجه حق بلغ 50 ألف جنيه، وتسجيل بيانات تاريخية للمؤمن عليهم لإعطائهم مدد وهمية رغم عدم توريد إستمارات خاصة بهم بالوارد العام وعدم وجود تسويات مالية لتلك المدد مما نتج عنه صرف مبالغ مالية بلغت جملتها 33 الف جنيه لعدد 11 حالة طبقًا للكشف المرفق بأوراق القضية.
وكشفت التحقيقات أن المتهم قام بتسجيل مدد لها بيانات تاريخية عن طريق المكتب على منشآت تتبع المكتب تم إرسالها إلى مكتب ثان وثالث سيارات بور سعيد دون وجود أي مستند يدل على صحة تلك المدد وذلك لحالة أحد المواطنين الذي صرف دون وجه حق 16 ألف جنيه، وسجل بيانات تاريخية للمؤمن عليهم على منشأت تتبع المكتب وإعطاء أصحابها مدد وهمية وعدم توريد الإستمارات الخاصة بهم بالوارد العام وعدم وجود تسوية مالية لتلك المدد لعدد 4 حالات صرفوا 15 ألف جنيه دون وجه حق.
بيانات تاريخية
وتسجيل بيانات تاريخية لبعض المواطنين بقصد إعطائهم مهن بمدد وهمية وتسجيل بعض المواطنين لاستمارات اشتراك مؤمن عليه استمارة واحدة مفتوحة ثم إنهاء خدمة بعض المؤمن عليهم بتأكيد إستمارة 65 بالرغم من عدم ورود تلك الإستمارات بسجلات الوارد العام ووحدة الوثائق وضم المدد لعدد 45 حالة.
وجاء بمذكرة النيابة الإدارية أن المتهم إحتفظ بأوراق ممهورة بخاتم المكتب أثناء خدمته ظلت معه بعد إحالته للتقاعد، وأصدر بموجبها خطابات بعد إحالته للمعاش موجهه لوحدات مرور بور سعيد والمنزلة غير خاضع منشأتها لمكتب تأمينات المطرية لصالح بعض المواطنين لتسهيل تجديد تراخيص سياراتهم دون إصدار الإيصال اللازم الذي يفيد أن العميل سدد المستحق عليه.
وسجل المتهم مدتين لنجله أحمد ممدوح إبراهيم على منشأة رقم 1110395 والمسماة وحدة آلية حمزة السيد إبراهيم تحت رقم 35747918، في الفترة من أول مايو عام 2010 وحتى 8 سبتمبر عام 2013، ومن 9 سبتمبر عام 2013، حتى أول أكتوبر عام 2013، بدون تسوية على الحاسب الآلي رغم أن تاريخ ورود الإستمارة التي دخلت المكتب برقم 3842 في 24 ديسمبر عام 2013 بعد خروج الإبن من المنشأة، وذلك خلال الأعوام من 2015 حتى 2017، مما ترتب عليه صرف مبالغ بدون وجه حق بلغت جملتها 449 ألف جنيه بخلاف مبلغ 33 ألف جنيه تسويات لم تدرج على الحاسب الآلي.