الطبيب مكتشف دواء "الضغط": الروتين هو القاتل الأول لمشروعات البحث العلمي بمصر ( حوار )
على الرغم من أن الدولة المصرية أحرزت تقدما كبيرا فى ملف البحث العلمى والابتكار الدولية مؤخرًا وتحديدًا 2021 على إثر اهتمام الرئيس عبد الفتاح السيسي بالبحث العلمى لتصل مصر إلى الترتيب الأول أفريقيا والـ11 عالميا فى الملف البحثى «تحلية المياه» والـ25 عالميا فى ملف النانو تكنولوجى.. ليبقى السؤال الأهم لماذا لم تكون مصر من ضمن الـ10 دول الأوائل فى البحث العلمى بكافة مستوياته؟!
وللإجابة عن هذا السؤال، أجرينا حوارا موسعًا مع الدكتور طارق عبد العزيز، عضو مركز العلوم الطبية بجامعة تكساس بالولايات المتحدة الأمريكية والباحث المصرى الحاصل على جائزة أفضل 5 باحثين فى مجال البحث العلمى على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية فى نهاية عام 2021 وجائزة التميز بأمريكا، لاكتشافه طريقة لعلاج ضغط الدم.
"البيئة" إذا صلحت صلح البحث العلمى.. بتلك الكلمات أجاب ابن محافظة المنيا الباحث المصرى المقيم بمدينة سان أنطونيو بولاية التابعة لولاية تكساس بالولايات المتحدة الأمريكية حين سألناه عن الفرق بين البحث العلمى فى مصر والفرق بينه وبين البحث العلمى وروبا، خلال حوار لـ"فيتو" الذي تطرق فيه إلى تفاصيل عديدة
*حدثنا عن مصادر التمويل لمشروعات البحث العلمى والفرق بين مصر والدول الأجنبية؟
مصادر التمويل لمشروع البحث العملى تختلف من كل دولة لأخرى، بمعنى أنه كلما كانت مصادر التمويل متوفرة كلما كان الانتهاء من مشروع البحث العلمى أسرع، أستطيع أن أحدثك عن التمويل فى أوروبا، فنحن كباحثين نعيش بالخارج، نتسلم أموال مشروع البحث العلمى فور اعتماد البحث من قبل الجامعة، وعلى حسب خطة مشروع البحث يتم تسليم المبلغ، فنحن نتسلم الأموال الخاصة بالبحث العلمى دفعه واحدة، لكى نستطيع من خلاله شراء الأجهزة المستخدمة فى البحث بالإضافة إلى شراء المواد الكيميائية المستخدمة فى البحث بكل سهولة.
*نعلم أن الجامعات الأمريكية تتفوق بشكل كبير عن باقى الجامعات فى البحث العلمى حدثنا عن أسباب النجاح؟
أسباب نجاح مشروعات البحث العلمى فى أمريكا والتى تختلف عن باقى دول العالم عدا إنجلترا هى السرعة والإنجاز، فأنت تعلم جيدًا أن مشروعات البحث العلمى فى تجدد بشكل مستمر، فإن لم تنجز البحث العلمى بشكل دقيق وسريع فستجد العديد من الباحثين الآخرين احذر منك فى إنجاز البحث، والسرعة فى إنجاز البحث العلمى فى أمريكا تختلف اختلاف كلى عن دول الخليج العربى، فكما ذكرنا سابقا السرعة والإنجاز
فعلى سبيل المثال إذا تطلب البحث العلمى أجهزة غير متوفرة فى مصر أو أي دولة عربية، فعليك أن تطلب شراءها من أي دولة أجنبية، هنا تكون المعضلة، الإجراءات الروتينية فى تصريح دخول هذا الجهاز بداية من الجمارك التى من الممكن أن تكون سببا رئيسى فى تأخير مشروع البحث ناهيك عن الضرائب التى تفرض على الجهاز
وتلك هى أسباب مؤكدة تعمل على تأخير مشروع البحث العلمى ولكن نحن فى أمريكا تجد جميع الأجهزة متوفرة وجميع المواد الكيميائية متوفرة بشكل يجعل إنجاز مشروع البحث العلمى أسرع وأسهل، فإننا نحتاج لتذليل بعض العقبات الإدارية، فالباحثون المصريون على أعلى مستوى ويظهر هذا واضحا عندما تكون البيئة مناسبة.
*تم تكريمك مؤخرًا فى نهاية العام الماضى 2021 لحصولك على جائزة التميز العلمى من الجمعية الأمريكية لعلم وظائف الأعضاء «American Physiological Society» فى مجال أبحاث الكلى، ضمن أفضل 5 باحثين ما بعد الدكتوراه.. حدثنا بشكل أوضح عن مشروع البحث؟
أحمد الله تعالى شاكرًا كرمه فقد تم اختيارى ضمن أفضل 5 باحثين من بين أكثر من 3000 باحث مشارك فى اجتماع علم الأحياء التجريبى.. قُدمت الجائزة تكريما لى عن اكتشافى لـ"البروتين المسبب لمرض ارتفاع ضغط الدم " (Hypertension)، وهو نتيجة ارتفاع نسبة الأملاح فى الدم وعدم قدرة بعض القنوات العصبية «Epithelial Sodium Channel» فى الكليتين على العمل بصورة طبيعية، فالخلل الموجود فى القناة العصبية تزيد نسبة الأملاح فى الجسم وبالتالى يرتفع ضغط الدم.
اختيارى فى مشروع البحث فى إيجاد بروتين لعلاج ضغط الدم ونجاحه سيعود بالاستفادة على أمريكا ومصر والباحثين المصريين، عن طريق نعلم أن أكثر من 65٪ من الأمريكان يتناولون نسبة أملاح كبيرة للغاية، فاكتشاف هذا البروتين سيقلل من ارتفاع ضغط الدم لديهم، وكذلك لأبناء بلدى مصر كذلك فالعديد من أهالينا فى مصر يعانون من ضغط الدم، وبإذن لله تعالى يكون هذا البروتين علاج لهم للقضاء على ضغط الدم.
أما الفائدة التى ستعود على الباحثين المصريين، فإن اعتماد ونجاح مثل تلك الأبحاث فى أمريكا تجعل الأمريكان يتأكدون من قوة الباحثين المصريين والوافدين لهم وفتح جميع السبل أمامهم، فبالفعل نفتخر بكوننا مصريين نرفع اسم مصر وعلم مصر فى جميع المجالات فى دول الغرب المختلفة فلولا التعليم المصرى لما كنا نحن الآن على ما عليه، وبإذن الله تعالى سيتم نشر البحث قريبا فى مجلة علمية عالمية مرموقة بعد اعتماد تسجيل البروتين الجديد.
*بالنسبة للتعليم المصرى حدثنا عن مسيرتك العلمية وكيف وصلت إلى ما أنت عليه الآن، وحدثنا عن دور الأسرة بالنسبة لسفرك إلى الدول الأجنبية، خاصة أنت ابن من أبناء الريف؟
أنا افتخر كونى شابا صعيديا من مركز ملوى تابع إداريا لمحافظة المنيا، تخرجت من كلية العلوم جامعة المنيا، ثم حصلت على درجة الدكتوراه فى فسيولوجيا الأعصاب والسموم من جامعة جرونوبل بفرنسا عام ٢٠١٦، زاد الله من فضله على فابتعث فى مهمة علمية إلى جامعة كيوتو بدولة اليابان عام ٢٠١٨، وحاليا فى مهمة علمية بمركز العلوم الطبية بجامعة تكساس بالولايات المتحدة الأمريكية.
*ما الذي تحتاجه مصر لتكون رائدة فى مشروعات البحث العلمى فى شتى المجالات؟
مصر الآن على عكس مصر الفترات السابقة وزارة التعليم العالى وأكاديمية البحث العلمى فى مصر بدأت تمويل مشروعات بحثية مهمة، وتنفرد بها كنا ذكرت مسبقًا بأن مصر حصل على المركز الأول أفريقيا فى البحث العلمى حول تحلية المياه والمركز الـ 11 عالميًا
وخاصة أن مصر تختار المشروعات البحثية بعناية وأستطيع أن أقول الآن مصر تسير فى المسار الصحيح على عكس ما مضى، ومع مرور الوقت سنستطيع الوصزل لمراكز متقدمة، ولكن لا بد أن نتخلص من الروتين والإجراءات المعقدة خاصة فى الأجهزة.
*وما طبيعة معوقات البحث العلمي في الصعيد؟
-الصعيد يمتلك عددًا من الباحثين القادرين على إنجاز أبحاث علمية هائلة ولكن الإجراءات الروتينية تكون عائقا بالنسبة لهم، على سبيل المثال، إذا حاول باحث جلب أحد الأجهزة من الخارج بالإضافة إلى المواد الكيماوية، عن طريق الشحن وما شابه ذلك، سيقابله عائق كبير وهو تلف المواد الكيماوية أثناء الشحن لأن تلك المواد تحتاج إلى أن تحفظ فى درجة حرارة معينة.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"