لماذا يقف العرب على الحياد في أزمة روسيا وأوكرانيا ؟
رغم اشتعال العالم ومحاولة بلدانه المختلفة التدخل بشكل أو بآخر في الصراع بين روسيا وأوكرانيا، سواء التحالف في فرض العقوبات الاقتصادية الواسعة كما تفعل أوروبا وأمريكا، أو التصريح بضرورة ضبط النفس كما تفعل الصين، لكن من الملفت أن البلدان العربية نأت بنفسها تماما عن الصراع، ولم تتدخل مطلقا، ولم تلوح بأي موقف.. فما السر وراء ذلك، وهل في صالح العرب أم ضدهم.
حياد العرب من الأزمة
يقول أحمد مصطفى، الكاتب والباحث، أن البعض قد يتعجب بالفعل من موقف العرب الذي يبدو حياديا إلى حد كبير من الصراع في أوروبا الشرقية الذي تطور إلى توغل عسكري روسي في أوكرانيا، لكن هذا العجب لا محل له، إذا عرفنا أن أهم ما قاله الرئيس الأميركي جو بايدن مع دخول القوات الروسية أوكرانيا والمدفعية والطائرات تقصف المواقع الأوكرانية "دعوات وصلوات العالم مع أوكرانيا".
تابع: صحيح أن هناك عقوبات اقتصادية فرضت على روسيا من قبل الدول الغربية وحلفائها، لكن تلك العقوبات التي تفرض على موسكو منذ عام 2008 حين اجتزأت إقليمي أبخازيا وأوسيتيا من جورجيا لم تمنع الرئيس الروسي فلاديمير بوتن من ضم شبه جزيرة القرم واجتزائها من أوكرانيا في عام 2014.
العرب ليسوا مع هذا أو ذاك
استكمل: إذا كان رد فعل القوة العظمى الوحيدة في العالم قدر كبير منه "صلوات ودعوات" فإننا في العالم العربي لا نكف عن الصلاة والدعاء في السراء والضراء وفي السر والعلن، لكن اتخاذ مواقف سياسية صارمة تظهر توجهنا مع هذا المعسكر أو ذاك ليس بالتصرف المنطقي، فحسنا نفعل بحيادنا المكتوم بانتظار ما ستؤول إليه تطورات الأمور، على حد تعبيره.
تابع: حسابات المكسب والخسارة على المدى المتوسط والطويل تقول انه ليس من مصلحة أحد في العالم العربي أن يتخذ موقفا آنيا يكلفه فيما بعد، أو على الأقل ينتقص من مكاسبه التي يمكن أن يحققها.
اضاف: نعم قد يبدو ذلك توجها "نفعيا" تماما، لكن من قال إن السياسة الدولية ليست كذلك، خاصة بعدما انهارت كل حجج التعالي الأخلاقي، ومستغلي القيم الإنسانية لأغراض نفعية بشكل فج سواء من الغرب أو الشرق، وتابع: أكثر من ابتلي بذلك نحن العرب.
المصالح العليا للعرب
أردف: ليس لنا إلا أن نزن مواقفنا حسب مصالحنا القطرية والاقليمية دون أي تورط في مواقف تحالفية قد تكلفنا أو على الأقل تحد من مكاسبنا، فالولايات المتحدة تفك ارتباطها مع العالم منذ ما قبل حكم أوباما مباشرة ورغم ما بدا من اهتمام إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب بالمنطقة فلم يكن ذلك سوى في إطار تقاطع مصالح لكن في المحصلة، وحين جاء بايدن شرع في بناء ما سماه تحالف ديموقراطي مع الشركاء، ولم يكن العرب في البال.
اختتم: هدف الاستراتيجية الأميركية ـ الغربية مواجهة صعود الصين وروسيا، لذا ترغب واشنطن في تعزيز علاقتها بأوروبا الغربية ودول كاليابان وأستراليا، مضيفا: صحيح أن من مصلحة منطقتنا ألا تقف في ناحية معادية لأميركا والغرب، لكن ذلك أيضا لا يعني ألا تبحث عن مصالحها في مراكز عالمية صاعدة أخرى حتى لو كانت الصين وروسيا، على حد قوله.