حقيقة الإسراء والمعراج
لأن النبي محمد صلى الله عليه وسلم مبعوثا برسالة سماوية وفقا لقرارات الهيئة فقد استمر الدعم الرباني للنبي صلى الله عليه وسلم وايده بآيات القرآن الكريم كبراهين على صدقه رفعة لشأنه كما جاء في سورة الإسراء.. إلا أن هناك من يشكك في أصل الرحلة الربانية فما حقيقة قصة الاسراء والمعراج، وهل كانت بالروح والجسد أم بالرؤيا وهل منكرها كافر؟
يجيب على السؤال الشيخ عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف سابقا ويقول: رغم اشتمال سورة الإسراء على الكثير من الموضوعات والقضايا إلا أن الله سبحانه وتعالى افرد بدايتها لتتناول حدث الإسراء تأييدا لنبيه ودرءا لشكوك ومزاعم قومه،
وتوالت تلك الآداب لتشمل صورا من اليوم الآخر فتحدثت عن البعث النشور والجزاء، ونظمت العلاقة بالآباء والأمهات "وبالوالدين احسانا "، كما تحدث عن حقوق الأقارب والمساكين، وحذرت من أكل مال اليتيم سرقة الموازين ولفتت النظر إلى أن القرآن الكريم شفاء ورحمة للمؤمنين مشيرا إلى أن ما ورد في سورة الاسراء والمعراج هي آيات قرآنية كونية تدل على عظمة الواحد القهار سبحانه كآيات الليل والنهار ودعوة لحمده وتكبيره ودعوة محمد ومن يعيد قراءة الإسراء بتدبر وتأمل يكتشف المزيد من الإسرار.
الشيخ عطية صقر
ويجيب فضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى السابق بالأزهر فيقول: الإسراء مأخوذ من السرى وهو المشي ليلا، وإسراء الله تعالى بالنبي محمد معناه نقله ليلا من المسجد الحرام بمكة الى المسجد الأقصى بالشام وهو الثابت بالقرآن الكريم فى قوله تعالى (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا أنه هو السميع البصير)، كما وردت في الأحاديث الصحيحة وهي كثيرة.
معنى المعراج
وتابع: المعراج مأخوذ وهو الصعود إلى أعلى وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم عرج به من الأرض إلى السماء بقوله تعالى في سورة النجم (ولقد رآه) أي جبريل ( نزلة أخرى عند سدرة المنتهى، عندها جنة المأوى إذ يغشى السدرة ما يغشى، ما زاغ البصر وما طغى، لقد رأى من آيات ربه الكبرى ).
حكم منكر الإسراء
وأضاف صقر: ومن أجل أن الإسراء ثبت بالقرآن قال العلماء أن منكره كافر، ولأن المعراج ثبت بالحديث الذي لم يبلغ مبلغ التواتر ولعدم الدلالة القطعية عليه من آيات سورة النجم قالوا: إن منكره غير كافر بل هو فاسق، لكنهم اختلفوا في الإسراء هل كان بروح النبي وجسده أم كان بالروح فقط ؟
وأكد رئيس لجنة الفتوى السابق بالأزهر، أن الصحيح أنه كان بالروح والجسد معا كما ذهب إليه جمهور العلماء والفقهاء والمتكلمين، وذلك لما يأتي: أولا أن الله تعالى قد أسرى بعبده، ولفظ العبد لا يطلق في اللغة على الروح فقط بل على الإنسان كله كما جاء في مواضع كثيرة بالقرآن مثل قوله تعالى ( أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى ) العلق، وقوله تعالى (وأنه لما قام عبد الله يدعوه ) سورة الجن.
ثانيا: أن الإسراء بالروح ليس أمرا خارقا للعادة وهو أمر عادي يحصل أثناء النوم، ولو كان الأمر كذلك لما جعل الله الإسراء تكريما للنبي صلى الله عليه وسلم.
ثالثا:أن الله تعالى قال في سورة الإسراء (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ) أي امتحانا واختبارا لهم كيف يصدقونها، وذلك لا يكون إلا إذا تمت الرحلة بالجسد والروح معا، فليس في إسراء وحدها فتنة ولا غرابة.
رابعا: أن الإسراء بالروح والجسد معا هو فعل الله سبحانه وليس فعل سيدنا محمد والله على كل شئ قدير.
مصدر الرؤية
هذا ومن قال ان هذه الرحلة كان بالروح فقط استند الى قوله تعالى (وما جعلنا الرؤية التى أريناك الا فتنة للناس ) حيث قال ان الرؤيا مصدر رأى الحلمية لا البصرية، فإن مصدر رأى البصرية هو الرؤية، لكن أجيب على ذلك بأن الرؤيا والرؤية مصدران لرأى البصرية مثل قربى وقربة.