الشيخ عطية صقر يكشف موقف الشرع من صيام رجب وشعبان
يستعد المسلمون لصيام شهر رمضان بالتعود على الصيام بدءا من شهر رجب فيكثر الصيام في شهرى رجب وشعبان فما رأي الشرع الحنيف من صيام أيام من شهر رجب وهل هو واجب ؟
ويجيب عن هذا السؤال فضيلة الشيخ عطية صقر الرئيس الأسبق للجنة الإفتاء بالأزهر الشريف ـ رحمه الله ـ في كتابه "أحسن الكلام في الفتاوى والأحكام" فيقول فضيلته:
إن الصيام الذي فرضه الشرع هو صيام شهر رمضان، وصيام النذر والكفارات، وما عدا ذلك فمستحب لكنه غير ملزم، والرسول صلى الله عليه وسلم رغب في صيام التطوع بمثل ما جاء في صحيحي البخاري ومسلم: "ما من عبد يصوم يومًا في سبيل الله تعالى إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا ".
ومن الصيام المستحب الصيام فى الأشهر الحرم منها شهر رجب،وذو القعدة وذو الحجة ومحرم، وكذلك الصيام فى شهر شعبان، وقد سبق حكم الصوم فى شهر رجب وما نقله ابن حجر عن الطرطوشي في كراهة الحرص على صيام رجب تشبيها برمضان، أو لأنه ثابت مؤكد، أو لفضل خاص يزيد على صيام باقي الشهور.
الأشهر الحرم
أما عن الصيام فى شهر شعبان فقد وردت أحاديث صحيحة منها ما رواه البخاري عن عائشة رضي اللّه عنها: كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يصوم أكثر شهر شعبان، بل كان يصومه كله أحيانا، وجاء فى رواية تقول فى سبب ذلك: تعظيما لرمضان، كما روى النسائي أن أسامة بن زيد سأله صلى الله عليه وسلم لم أرك تصوم في شهر ما تصوم في شهر شعبان، فقال: "ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأحب أن يرفع عملى وأنا صائم".
صيام شعبان
وصيام شهر شعبان كله أو أكثره لمن وصل النصف الثاني بالنصف الأول: أما الذي لم يصله فيكره أو يحرم أن ينشئ صياما فى النصف الثانى لحديث رواه أبو داود، وبه أخذ الشافعي، كما جاء النهى عن صوم يوم أو يومين قبل رمضان لحديث رواه الجماعة " لا تقدموا -تتقدموا- صوم رمضان بيوم ولا يومين، إلا أن يكون صوم يصومه رجل فليصم ذلك اليوم".
ولم يرد حديث مقبول يقول: إن صيام رجب كله أو بعضه وشعبان كله أو بعضه، ووصلهما برمضان بدعة مذمومة، فالصوم في رجب وشعبان مشروع كما قدمنا، الأول لأنه من الأشهر الحرم والثانى لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، غير أن هناك توصية بعدم الإِرهاق وتكلف الإنسان ما لا يطيق، ففى البخارى ومسلم عن عائشة رضى الله عنها قالت: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شهرا أكثر من شعبان فإنه كان يصوم شعبان كله، وكان يقول "خذوا من العمل ما تطيقون فإن اللّه لا يمل حتى تملوا".
لا مانع بغير إرهاق
ومن هنا فإذا كان في صيام الشهرين إرهاق يؤثر على صيام رمضان كان التتابع مخالفا للحديث، ويكره أن يكون ذلك عن طريق النذر فقد يحصل العجز ويكون المحظور، ومن استطاع بغير إرهاق فلا مانع، مع مراعاة إذن الزوج إذا أرادت الزوجة أن تصوم هذا التطوع، ففى الحديث الذى رواه البخارى ومسلم "لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه".