الذكرى 108 لميلاد مصطفى وعلي أمين.. أشهر توأم في الصحافة المصرية.. عاشا ثورتين وحربين عالميتين
عملاقان فى بلاط صاحبة الجلالة، وهما أشهر توأم فى تاريخ الصحافة المصرية، نشأ التوأم، وترعرعا فى بيت الزعيم سعد زغلول.
هما التوأم مصطفى وعلي أمين، اللذان وُلدا فى مثل هذا اليوم 21 فبراير 1914، والدهما المحامى أمين يوسف، والوالدة هى ابنة أخت الزعيم سعد زغلول التى قام بتربيتهما.
ارتبط التوأم علي ومصطفى أمين منذ صغرهما بالسياسة والصحافة، فأصدرا وهما فى الثامنة من عمرهما مجلة أطلقا عليها “الأقلام”، ثم مجلة “الحقوق”، ومجلة ثالثة هى “أخبار المدرسة”، ومجلة باسم “عمارة البابلي”، وتتناول أخبار الشارع الذى يسكنان فيه، ومجلة "التلميذ" لانتقاد سياسة الحكومة، وغيرها من الصحف والمجلات.
الكتابة الصحفية
وهو طالب بالبكالوريا، أرسل مصطفى أمين مقالات صحفية كتبها إلى مجلة “روزاليوسف” عام 1930، بتوقيع مصطفى محمد، دون أن يفصح عن نفسه، حتى أصبح نائبا لرئيس تحريرها، وهو فى مرحلة البكالوريا.
اتجه علي أمين إلى إنجلترا لدراسة هندسة الطباعة، ثم عمل فى الصحافة ولقب بمهندس الصحافة، بينما اتجه مصطفى أمين إلى دراسة العلوم السياسية بجامعة جورج تاون، وحصل على الماجستير، وعمل صحفيًّا متجولًا بجريدة المصري مع حسين أبو الفتح أثناء تواجده فى إنجلترا.
إصدار أخبار اليوم
حين عادا من إنجلترا أسس مصطفى وعلي أمين فى نوفمبر 1944 جريدة "أخبار اليوم"، وضما إليها مجلة “آخر ساعة” التى كان مصطفى قد عمل فيها مع صاحبها محمد التابعي، ثم اشتراها منه عام 1946، ثم أصدر التوأمان مجلة "الجيل"، وفى يونيو 1952 صحيفة الأخبار اليومية.
وتأثر مصطفى أمين فى حياته الصحفية بالأديب عباس محمود العقاد لاحتفاظه بكرامته، كما تأثر بمحمد التابعى وعبد القادر حمزة وتوفيق دياب وفكري أباظة، حيث تأثر بهما فى الكتابة السياسية.
فى عام 1938، حُكم على مصطفى بالسجن بتهمة العيب فى ذات ولى العهد الأمير محمد على.. وفي عام 1939 عُين رئيسا لقسم الأخبار بالأهرام، ثم رئيسا لتحرير مجلة الاثنين، وبعد تأميم أخبار اليوم انتقل للعمل، هو وشقيقه بمؤسسة دار الهلال، وفى 1963 عين مصطفى رئيسا لمجلس إدارة أخبار اليوم ومشرفا على التحرير، وبعدها بعامين اتُّهِم بالتخابر مع المخابرات الأمريكية، وقضى تسع سنوات بالسجن.
سافر علي أمين، وأقام فى إنجلترا طوال فترة غياب توأمه بالسجن، ولما أفرج عنه عاد على أمين وولاه السادات رئاسة الأهرام بعد خلع محمد حسنين هيكل منه ثم تولى رئاسة دار الهلال، وهو صاحب المقولة الشهيرة "ساعة ظلم واحدة طولها ألف سنة"، وظل يكتب عموده فى الأخبار "فكرة"، حتى رحل عام 1976، فتولى كتابتها بنفس الاسم شقيقه مصطفى أمين، حتى رحل عام 1997 بعد ان قضى 60 عاما فى العمل الصحفى وتربت على يديه اجيال صحفية متعددة.
ذكريات بيت الأمة
في كتابه "من واحد لعشرة" الذي صدر عام 1977، يحكى الكاتب مصطفى أمين بعضا من ذكرياته وهو صغير في بيت الامة مع أخيه التوأم عند خال والدته سعد زغلول يقول في مقدمته: كيف أحسب عمري؟ بالصحف التي أصدرتها أو أشتركت في تحريرها ؟ أم بعدد تلاميذى أم بعدد قرائى؟ أم بالانتصارات التي حققتها أم الهزائم التي منيت بها؟ بالمرات التي أخفق فيها قلبى؟ أم بالصداقات الحلوة التي تمتعت بها؟أحسب أن العمر هو كل هذا، ولو كانت هذه القاعدة الحسابية صحيحة فلا بد أنني عشت ألوف السنين.
الأيام السعيدة
وقديما قالوا: إن عمر الإنسان يحسب بالأيام السعيدة التي عاشها، بهذا أكون قد عشت كل يوم من أيام حياتى الصحفية التي بدأتها في طفولتى، فإن كل كلمة كتبتها أسعدتنى.. حتى لو كلفتنى حريتى وحياتى بعد ذلك.. لا أتصور أن أعيش يوما في حياتى بغير قلم؛ فلقد كان دائما هذا القلم صديقى وحبيبى، أعطيته وأعطانى، وعشقته وأخلص لى.. وعندما أموت أرجو أن يضعوه بجوارى في قبرى؛ فلقد أحتاج إليه إذا كتبت تحقيقا صحفيا عن يوم القيامة.. كان من حسن حظى أنى كنت قريبا من قائد الثورة الأولى سعد زغلول بحكم مولدى، ومن قائد الثورة الثانية جمال عبد الناصر بحكم عملى وشهدت حربين عالميتين، ورأيت نتائج الحربين الكبيرتين التي غيرت حياة البشر وتفكيرهم.
استقلال البلاد
وأضاف: عشت صراع الشعوب المستعبدة، وهى تحطم قيودها وتكسر أغلالها وتنقض على مستعبديها، رأيت بلدى تتحول من مستعمرة إلى دولة مستقلة الشعب فيها هو صاحب الجلالة وصاحب السمو وصاحب السر وصاحب الدولة وصاحب القلب الكبير.. وسمعت أم كلثوم وهى تغنى، ورأيت نجيب الريحانى وهو يمثل، وجلست مع محمد عبد الوهاب وهو يلحن، وحضرت أمير الشعراء أحمد شوقى وهو ينظم شعره، وشاركت في صنع صحافة عظيمة في بلادى.. إنها قصة مصر التي عشتها.