بعد 146 عاما على ظهور الهاتف.. سر أول مكالمة في التاريخ
صحيح أن الهاتف أحد أهم الاختراعات في تاريخ البشرية، إلا أنه يتميز عن غيره من الاكتشافات كونه أحدث فارقا كبيرا في حياة الإنسان.
قبل ظهور الهاتف، كان التنقل من مكان لآخر، يستغرق العديد من الأيام أو الأشهر وقد يصل لسنوات في بعض الأحيان، ولم يكن هناك وسيلة للتواصل بين الأشخاص سوى الزيارات، ومن بعدها التليغراف.
إلا أن الهاتف، غير مفهوم التواصل تماما، وأصبح التواصل مع أشخاص لا يستغرق سوى ثوان معدودة، مهما بعدت المسافات.
في 14 فبراير 1876، سجل ألكسندر جراهام بيل براءة اختراع الهاتف، والذي يعد أحد أبرز الاختراعات في تاريخ البشرية.
من هذا اللحظة استطاع الإنسان أن يكتب مرحلة جديدة من التاريخ، وهي مرحلة ما بعد الهاتف.
أهمية الاختراع
يكفي لمعرفة مدى أهمية اختراع "بيل" للهاتف بالنسبة للعالم أن نتذكر جائحة كورونا.
بالتزامن مع ظهور الجائحة في نهاية 2019 وتطورها في السنوات التالية، وإصابة عشرات الملايين حول العالم، وإجبار مليارات من البشر على المكوث فى منازلهم وعدم النزول، ضمن إجراءات احترازية صعبة لم تتعود عليها البشرية.
لتبقى فقط الهواتف ووسائل التواصل هى الوسائل الوحيدة التى تمكن البشر من الاطمئنان على بعضهم البعض أو إنجاز بعض أعمالهم، فى ظل ظروف قاسية تمر بها دول العالم.
رحلة جراهام بيل مع الهاتف
جاء نجاح جراهام بيل في اختراع الهاتف كنتيجة مباشرة لمحاولاته في تحسين التلغراف، والذي كان وسيلة الاتصال الثابتة منذ 30 سنة تقريبًا، حيث اقتصر على إرسال واستقبال رسالة واحدة في كل مرة.
كما ساهمت خبرة جراهام بيل الواسعة في طبيعة الأصوات والموسيقى من التنبؤ بوسيلةٍ لنقل الرسائل المتعددة عبر السلك نفسه في نفس اللحظة، والتي سميّت بالتلغراف التوافقي.
واستند مبدأ التلغراف التوافقي على إمكانية إرسال العديد من الملاحظات خلال السلك نفسه، وفي اللحظة ذاتها عند اختلاف هذه الملاحظات أو الإشارات في درجة الصوت.
وفي سنة 1874 أبلغ بيل والد زوجته المستقبلية عن تقدم البحث الذي يقوم به، وعن إمكانيات التلغراف المتعدد، حيث قدّم الدعم المالي له.
بدأ جراهام بيل في عمله على التلغراف المتعدد بمساعدة توماس واتسون، حيث طوّرا جهازًا ينقل الكلام كهربائيًا، وفي شهر مارس سنة 1875 التقى جراهام بيل بشكل سري مع مدير مؤسسة سميثسونيان، وأخبره عن أفكاره المتعلقة بالهاتف ليلقى الدعم والتشجيع منه لاستكمال عمله.
انتقال الصوت عبر سلك
وبحلول شهر يونيو من نفس العام أثبت جراهام بيل وواتسون أن النغمات المختلفة تؤدي إلى تفاوت قوة التيار الكهربائي في السلك، ولإثبات هذا النجاح تطلب تصميم جهاز إرسال يعمل بغشاء لديه القدرة على تغيير التيارات الإلكترونية، إضافة إلى جهاز استقبال يمكنه إعادة إنتاج هذه التغيرات على شكل ترددات مسموعة.
وتمكن جراهام بيل وواتسون بالصدفة خلال تجربة للتلغراف التوافقي من اكتشاف إمكانية انتقال الصوت عبر السلك في الثاني من شهر يوليو سنة 1875، عندما حاول واتسون أن يرخي قصبةً كانت ملفوفةً حول جهاز الإرسال بالصدفة، مما أدى إلى انتقال الاهتزاز الناتج عن هذه الحركة عبر السلك إلى جهاز آخر موجود في غرفة بيل.
أول مكالمة
وقد أدى سماع هذا الرنين إلى تسريع بيل، وواتسن لعملهما، كما استمرا بالعمل على هذه الفكرة في العام التالي، وروي عن جراهام بيل أنه صرخ في السماعة، وقال: سيد واتسون، تعال هنا، أريد أن أراك" فذهب السيد واتسون، وأعلن أنه سمع وفهم ما قاله، وبذلك كانت هذه أول مكالمة هاتفية أجريت في التاريخ.
تسجيل براءة الاختراع
قدّم جراهام بيل في 14 فبراير سنة 1876 براءة اختراع تصف طريقته في نقل الأصوات، وفي السابع من مارس/ آذار من نفس العام منحه مكتب براءات الاختراع ما يقال عنه بأنه أحد أكثر براءات الاختراع قيمةً في العالم.
تصميم الهاتف الأصلي
كان تصميم الهاتف الأصلي عبارةً عن نسخة معدلة من التلغراف، وقد استمر بيل في تحسين تصميمه، ليتمكّن بعد عامين من تطوير هاتف مغناطيسي كمقدمة للهواتف الحديثة، كما احتوى التصميم على جهاز إرسال، واستقبال، ومغناطيس، حيث احتوى جهازي الإرسال والاستقبال على غشاء مصنوع من قرص معدني.
ومنذ لك الوقت، بدأت مرحلة جديدة في تاريخ الهاتف، بداية من المنزلي وصولا للهاتف المحمول يما يحمله من تقنيات وتكنولوجيا فائقة.