ما هي أقوال العلماء في مصير والدي الرسول صلى الله عليه وسلم؟
تعدّدت أقوال العلماء في مصير والديّ النبي -عليه الصلاة والسلام- على ثلاثة أقوال، وهي كما يأتي:
القول الأول: أنّهما في النار، وذهب إلى هذا القول أبو حنيفة، والبيهقيّ، وابن تيمية، وابن كثير، ومن المُعاصرين الألبانيّ، وادّعى المُلا علي بن سُلطان الإجماع على ذلك، واستدلّوا بالحديث الذي أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- فيه أن أباه في النار، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: (أنَّ رَجُلًا قالَ: يا رَسولَ اللهِ، أيْنَ أبِي؟ قالَ: في النَّارِ، فَلَمَّا قَفَّى دَعاهُ، فقالَ: إنَّ أبِي وأَباكَ في النَّارِ).
كما استدلّوا بالأحاديث التي نُهِي فيها النبي -عليه الصلاة والسلام- من الاستغفار لأُمّه، فقد قال -عليه الصلاة والسلام-: (اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي أنْ أسْتَغْفِرَ لِأُمِّي فَلَمْ يَأْذَنْ لِي، واسْتَأْذَنْتُهُ أنْ أزُورَ قَبْرَها فأذِنَ لِي).
القول الثانيّ: التوقّف، دون الحُكم عليهما بالجنة أو النار، وذهب إلى هذا القول تاج الدين الفاكهاني، والإمام السخّاوي، وشمس الحق العظيم آبادي، وجاء عن تاج الدين قوله: "الله أعلم بحال أبويه"، وقال السّخاوي بعدم التعرّض لإثبات مصيرهما أو نفيه.
القول الثالث: أنّهما في الجنة، وذهب إلى هذا القول السيوطي، والسِّندي، والطاهر بن عاشور، ومحمد الجزيري، ومحمد الغزاليّ، والخطيب البغداديّ، وابن حجر الهيتمي، وابن شاهين، وذهب إلى هذا القول أيضًا دار الإفتاء المصريّة، وغيرهم، واستدلّ بعضهم بذلك لأنّهما ماتا قبل بعثة النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولم تصلهما الدعوة، واستدلّ بعضهم الآخر بأنّهما كانا على ملّة إبراهيم -عليه السلام-؛ وهي التوحيد، أو أن الله -تعالى- أحياهما للنبي -عليه الصلاة والسلام- في آخر عُمره فأسلما، كما استدلّوا بحديثٍ ضعيفٍ لا يصحّ؛ لِما في سنده من الضعف والنكارة، وقد أخرجه ابن شاهين وابن عساكر في كتبهم، وهو أنّ النبي -عليه الصلاة والسلام- ذهب إلى الحجون حزينًا؛ وهي مقبرة أهل مكة، ثُمّ رجع مسرورًا، فسألته عائشة -رضي الله عنها- عن السبب، فأجاب أن الله -تعالى- أحيا له أُمّه، فآمنت به، ثُمّ ماتت، وعلق القُرطبيّ فقال: إن هذا من فضائل النبي -عليه الصلاة والسلام-، وليس بعيدًا عن الله -تعالى-، فقد جاء في القُرآن إحياء ميّت بني إسرائيل.