بين الاعتراف بحكومة باشاغا وبقاء الدبيبة.. ليبيا على صفيح ساخن
تعيش ليبيا في محيط هائل من الصراعات بلغت ذروته بعد اعلان البرلمان الليبي اسقاط السلطة عن رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة وتشكيل حكومة جديدة برئاسة فتحي باشاغا الامر الذي قوبل برفض الدبيبة ومجلس حكماء مدينة مصراته وموافقة الجيش الوطني الليبي.
ليبيا
وبعد قرار حكومة باشاغا اعلن عبد الحميد الدبيبة تاريخ الـ17 من شهر فبراير الجاري موعدًا لإعلان خطة سياسية تحت عنوان ”عودة الأمانة للشعب“ بشأن الانتخابات التشريعية والاستفتاء على الدستور.
فيما لم يوضح الدبيبة اليات تنفيذ خطته في ظل تصاعد حدة التوتر في طرابلس.
وتنقسم ليبيا على نفسها في محاولة للخروج من دائرة الصراع المسلح بدعم القوى الاقليمية صاحبة المصالح في اغراق الشعب الليبي في ازمات طاحنة بينما يبقى دور الجيش الوطني الليبي هو الامل الاخير لانتشال ليبيا من فخ الدولة الفاشلة.
وكان اعلن الجيش الوطني الليبي دعمه لفتحي باشاغا مرحبا بقرار تغيير الحكومة الا ان مجلس حكما مصراته رفض قرارات البرلمان الليبي مشددا على ان تلك الخطوة تعد سابقة خطيرة لشق الصف مؤكدا جاهزية كل القوى العسكرية للدفاع عن الشرعية في بادرة خطيرة تعيد للازهان مخاطر المواجهات المسلحة في ليبيا التي تعاني من ملف المرتزقة الاجانب.
لغز المرتزقة الاجانب
ويبقى ملف المرتزقة الأجانب في ليبيا العائق الاول والاساسي لانتشال الدولة العربية من الفوضى التي غرقت فيها منذ 2011.
فلقد هيأت الفوضى التي أعقبت ثورة 2011 في ليبيا الظروف لتدخّل أطراف إقليمية دفعت بمرتزقتها لتنفيذ أجندتها في البلاد.
وطفا هذا الملف على السطح أواخر عام 2019 بعد الاتفاق الأمني، الذي أبرمه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع رئيس حكومة الوفاق السابقة، فايز السراج.
وبموجب ذلك الاتفاق بدأ المرتزقة، وغالبيتهم من السوريين أو الذين انضموا إلى مقاتلي الحرب بالوكالة التابعين لشركة "فاجنر" الروسية، بالتدفق على ليبيا.
لكن المشهد بدا أكثر سخونة في مناطق نفوذ حكومة الوفاق غرب البلاد الخاضعة لسيطرة الميليشيات والتنظيمات المتطرفة.
البداية من سوريا
وبدأت رحلة المرتزقة السوريين من شمال سوريا، حيث يتم تدريبهم في معسكرات، وينتمي هؤلاء إلى فصائل "فرقة السلطان مراد" و"فرقة الحمزات"، و"لواء المعتصم بالله، وتشرف عليهم شركة تسمى "سادات" التركية، التي لا تقوم فقط بالتدريب بل بتنظم عملية تبادل المرتزقة.
إلى ذلك، وفي قواعد في الغرب الليبي يحط المرتزقة السوريون رحالهم، حيث يتواجدون في قواعد الخمس ومعيتيقة والوطية، والتي يتواجد بها مجموعة متدربين وقوات تركية.
في حين لن تتناقص أعداد المرتزقة السوريين رغم الضغط الدولي على تركيا، إلا بنحو لا يتجاوز 10 آلاف مقاتل.
ملاذ آمن
في موازاة ذلك، منحت الإطاحة بنظام القذافي ملاذًا آمنًا لمقاتلين أجانب من جنسيات متعددة، من تشاد والسودان وكذلك من المعارضة النيجيرية.
فقد تواجد هؤلاء المقاتلون في قاعدة جنوب ليبيا قبل تجنيدهم من قبل الأطراف المتنازعة.
وبينما لا تتواجد إحصائيات دقيقة لأعدادهم إلا أن مصادر تقول إنهم لا يتجاوزون 10 آلاف مقاتل.
ويكمن التحدي في إبعاد هؤلاء على وجه الخصوص، بإيجاد مقاربة وتسوية سياسية، مع أنظمتهم في الساحل الإفريقي التي ترفض استقبالهم.
سحب القوات الأجنبية
لكن المحادثات التي أجرتها مؤخرا اللجنة العسكرية 5+5، قادت إلى قبول دول الجوار الليبي باستعادة مواطنيها المرتزقة العائدين من ليبيا.
كما أن الخطة التي أكملتها اللجنة العسكرية في جنيف، تنص على البدء بسحب القوات الأجنبية إلى نقاط متفق عليها، ثم العمل مع مراقبين دوليين ومحليين، لتنفيذ الإخلاء بشكل تدريجي.
وبعدها الشروع في عملية رصد الأعداد الحقيقية للقوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا وتوثيقها، وأخيرا ترحيل المرتزقة من ليبيا على شكل دفعات متتالية، وفق خارطة زمنية محددة.
لماذا المرتزقة؟
ويمثل المرتزقة القوى القاهرة الاقليمية الحقيقية في طرابلس؛ فلقد رصدت مواقع متخصصة في الطيران تشييد تركيا جسرا جويا بينه وبين الغرب الليبي، كان يضم رحلات غير مسجلة، وظهر مصطلح المرتزقة في ليبيا بعدما نقلت إذاعة "أر أف ي" الفرنسية عن مصادر أن مطار معيتيقة كان يشهد حركة دؤوبة لنقل المسلحين السوريين.
ويعتمد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على المرتزقة، لأن مقتلهم لن يكون له تأثير يذكر، بخلاف ما قد يحصل له داخليا في حال عاد مئات الجنود إلى ذويهم في توابيت، كما أن المرتزقة غير مشمولين بحق اعتبارهم أسرى حرب كجنود الدول مثلا، ولا يحركم شيء سوى المال.
ولا يبدو أن أنقرة في وارد سحب هؤلاء المرتزقة، فقد صرح وزير الخارجية التركي، مولود تشاوش أوغلو، في مايو الماضي خلال لقائه نظيره الألماني هايكو ماس، أن بلاده متفقة مع برلين على ضرورة سحب جميع المرتزقة الأجانب من ليبيا، لكن لدى تركيا "اتفاقا" مع الحكومة الليبية بشأن تمركز قواتها هناك.
تركيا
وهو ما يعني عمليا أن تركيا مصممة، في المرحلة الحالية على الأقل، على إبقاء هؤلاء المرتزقة هناك، فالاتفاق هو مجرد غطاء لذلك.
ويثير استمرار وجود المرتزقة أزمات في لبيبا، بما في ذلك عودة القتال، خاصة بعد تاجيل الانتخابات الليبية بسبب القوى القاهرة في اشارة خطيرة تبشر بنفجار وشيك في طرابلس خاصة بعد اقرار البرلمان الليبي تدشين حكومة جديدة برئاسة باشاغا وسحب الثقة من الدبيبة الذي رفض واعلن خطة عودة الأمانة للشعب.