مجلس الدولة:
حيثيات إلغاء قرار تأديب المدير التنفيذي لمستشفيات جامعة الزقازيق
قضت المحكمة التأديبية بمجلس الدولة بقبول الطعن رقم 16 لسنة 55 قضائية عليا شكلا وفي الموضوع بإلغاء قرار رئيس جامعة الزقازيق فيما تضمنه من مجازاة الدكتور هشام عبد الحميد حسين، المدير التنفيذي لمستشفيات جامعة الزقازيق بعقوبة اللوم، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات بعد ثبوت صدور القرار مفتقدا إلى صحيح سنده وفقًا للقانون.
وقالت المحكمة عبر أسباب حكمها أن الطاعن يشغل وظيفة أستاذ مساعد بكلية الطب جامعة الزقازيق، ومنتدب للعمل مديرًا تنفيذيًا لمستشفيات جامعة الزقازيق، وتم التحقيق معه في واقعة وجود كشط وتزوير في بعض محاضر الجلسات الخاصة بالمناقصة العامة التي تم طرحها لشراء مستلزمات طبية لقسم العظام بالمستشفى(حوادث الطرق)، وانتهى المحقق إلى ثبوت مخالفة الطاعن لأحكام المادة (10) من قانون تنظيم العمل في المستشفيات الجامعية
والمادة (21) من قرار وزير التعليم العالي بشأن اللائحة التنفيذية لهذا القانون، ومن ثم أعد مذكرة بالتصرف في التحقيق أوصى في ختامها بمجازاة الطاعن بعقوبة اللوم، وبعرض نتيجة التحقيق على رئيس الجامعة وافق عليها، ومن ثم صدر القرار المطعون فيه بمجازاة الطاعن بعقوبة اللوم
قانون المناقصات والمزايدات
وشددت المحكمة أن قرار مجازاة الطاعن بعقوبة اللوم صدر استنادًا لما نسب إليه من أنه خالف قانون المناقصات والمزايدات، وكذا التعليمات المنظمة لإدارة المستشفيات الجامعية بالزقازيق، وذلك لقيامه بصفته المدير التنفيذي لمستشفيات جامعة الزقازيق بإحالة أوراق المناقصة، بما في ذلك محاضر لجنة البت في المناقصة ومرفقاتها، إلى رئيس مجلس إدارة المستشفيات الجامعية لاعتمادها، على الرغم مما تضمنته أوراق المناقصة من مخالفات قانونية تمثلت في وجود كشط وتزوير في بعض محاضر الجلسات
وبمطالعة أقوال الطاعن تبين دفعه لهذه المخالفة بأنها جاءت في عبارات مبهمة وغير محددة، بحسبان أن المحقق لم يحدد وهو بصدد توجيه الاتهام إلى الطاعن مواد بعينها في قانون المناقصات والمزايدات نسب إلى الطاعن مخالفتها، فضلًا عن أنه لم يحدد الدور المنوط قانونًا كمدير تنفيذي للمستشفيات بشأن طرح هذه المناقصات والبت فيها فنيًا وماليًا، لا سيما في ضوء وجود لجان مشكلة لهذا الغرض بموجب قرار من رئيس الجامعة مختصة بالبت في المناقصة فنيًا وماليًا، وأستبان للمحكمة أن الطاعن طلب من المحقق أن يحدد نصوص المواد المنسوب إليه مخالفتها حتى يسنى له الدفاع عن نفسة، إلا أن المحقق لم يجبه إلى طلبه
وأضاف الطاعن أنه لم يكن عضوًا بهذه اللجان ولم يوقع على محاضرها، وأن أعضاء هذه اللجان هم المسئولون عن أعمالها، وأنها ترفع توصياتها إلى رئيس الجامعة لاعتمادها بحسبان الأخير هو السلطة المختصة في هذا الشأن، وأن دوره في هذا الشأن ينحصر في عرض توصيات هذه اللجان على رئيس مجلس إدارة المستشفيات الجامعية (عميد كلية الطب) ليقوم الأخير بدوره برفعها إلى رئيس الجامعة بحسبانه السلطة المختصة في هذا الشأن، وأنه لا يملك التدخل في أعمال هذه اللجان أو التعقيب على توصياتها، وأن الكشط والتزوير المدعى وجودة بمحاضر اللجان يسأل عنه من قام بتحرير هذه المحاضر والتوقيع عليها، فضلًا عن أن قيمة هذه المناقصة تجاوز خمسة ملايين جنيه وهي حدود اختصاص المدير التنفيذي وفقًا للقانون
أوراق التحقيق
وتبين للمحكمة أن أوراق التحقيق خلت من ثمة ما يفيد قيام المحقق بتحقيق دفاع جوهري للطاعن، يتمثل في أنه غير مختص باعتماد أعمال اللجان المشكلة للبت في المناقصة أو التعقيب عليها، بحسبان أن قيمة هذه المناقصة تزيد على النصاب المالي المقرر له وهو خمسة ملايين جنيه، الأمر الذى يؤكده أن هذه اللجان تم تشكيلها بموجب قرار من رئيس الجامعة، فإن ذلك مما يعيب التحقيق ويبطله
وكان يتعين على المحقق بحث وتحقيق دفاع الطاعن وتفنيده والرد والتعقيب عليه وبيان مدى صحة هذا الوجه من أوجه الدفاع من عدمه، خاصة وأنه دفاعا جوهريا له وجاهته وأهميته فى إثبات مدى ارتكاب الطاعن للمخالفة. أما وان المحقق قد التفت عن ذلك ولم يكترث بتحقيق دفاع الطاعن على النحو سالف البيان، فإن ذلك يعد إخلالا جسيما بحق الطاعن فى الدفاع، بما يتعين معه الالتفات عما انتهى إليه هذا التحقيق وعدم التعويل عليه أو الاستناد إليه لإثبات ارتكاب الطاعن للمخالفة المنسوبة إليه
وبالإضافة إلى ما تقدم، فقد ناط قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بقانون المناقصات والمزايدات، وكذا قانون تنظيم العمل في المستشفيات الجامعية بالسلطة المختصة واللجان التي تشكلها لهذا الغرض (لجان فض المظاريف - لجان البت) مسئولية إجراء المناقصات ابتداءً من إجراءات طرح المناقصة وانتهاء باعتماد توصيات لجنة البت
الكشط والتزوير
والثابت الطاعن لم يكن عضوًا بأي من هذه اللجان، كما لم يكن مختصًا باعتماد أعمالها، وأن دوره كان يقتصر على مجرد إحالة ما انتهت إليه هذه اللجان من توصيات إلى السلطة المختصة للنظر في اعتمادها من عدمه، ومن ثم فلا يمكن مساءلة الطاعن عن أي قصور شاب أعمال هذه اللجان، وأن الكشط والتزوير المدعى وجوده بمحاضر أعمال هذه اللجان يسأل عنه من قام بتحرير هذه المحاضر والتوقيع عليها، وأن رئاسة الطاعن لأعضاء هذه اللجان لا ترتب مسئوليته عن أعمالهم
وأكدت المحكمة أن الواقعة التي نسبتها الجامعة المطعون ضدها إلى الطاعن والتي صدر بناءً عليها القرار المطعون فيه، غير ثابتة فى شأن الطاعن ثبوتا يقينيا فى ضوء الإخلال بحقه فى الدفاع بعدم تحقيق أوجه دفاعه التى أبداها نفيا لمسئوليته عما شاب بعض المحاضر من كشط وتزوير، فضلا عن ثبوت عدم مسئوليته عن ذلك بالفعل وفقا لما تقدم، ومن ثم فإن القرار المطعون فيه يكون قد صدر مفتقدا إلى صحيح سنده، ولهذه الأسباب أصدرت المحكمة حكمها المتقدم