عاطف فاروق يكتب: مذيع التليفزيون يحاور مستشارا بألفاظ خادشة
ما زالت أحكام القضاء تكشف عن المباديء والمعتقدات التي تُشكِل أخلاقيات المجتمع، وتُنزِل العقاب بمن يخرج على هذه المباديء، ونعيش اليوم مع حكم جديد، يطفو معه على السطح مجددًا مفهوم أخلاقيات المهنة، وهو مفهوم عميق لو أحسنت كل جهة قائمة على شئون مهنة من المهن إدارته بإحكام لأصبح المجتمع في شأن آخر
وتتعدد مواضع المسئولية عن الفعل الواحد بتعدد نُظم المساءلة، فالإهمال الطبي قد يرتب مسئولية جنائيًة، وثانية مدنية، وثالثة تأديبية، ورابعة نقابية، ولا يحول الجزاء عن أي من هذه المسئوليات دون المجازاة عن غيرها إذا توافرت الشروط
وأهمية حكم اليوم في أنه يضع النقاط فوق الحروف بشأن التجاوزات على صفحات التواصل الاجتماعي بكافة أشكالها، لا سيما حين تصدر تلك التجاوزات عن أشخاصٍ يُشار اليهم بالبنان، وحين يتخذ هؤلاء الأشخاص من تلك المواقع وسيلة لتصفية الحسابات مع غيرهم، وهنا كان لا بد للقضاء من وقفة تكشف عن أمرين، أولهما: أن المجتمع يلفظ هذا السلوك ويمقته من ناحية، وثانيهما: أن القضاء سيضرب على كل يدٍ تمتد للنيل من الآخرين
محكمة القاهرة الإقتصادية
وكانت الدائرة الثالثة بمحكمة القاهرة الإقتصادية أصدرت حكمًا بتغريم المذيع التليفزيوني أدهم الكموني بمبلغ عشرة آلاف جنيه مع إلزامه بدفع خمسة آلاف جنيه لأحد المستشارين تعويض مؤقت له بعد ثبوت قيامه بنشر عبر موقع التواصل الإجتماعي "فيس بوك" عبارات وألفاظ تضمنت خدشًا لاعتباره وإسناد أمور لو صحت لأوجبت عقابه قانونًا، وأحتقاره عند أهل وطنه
صدر الحكم في الجنحة رقم 1435 لسنة 2021 جنح اقتصادية القاهرة برئاسة القاضي محمود عابدين، رئيس المحكمة وعضوية القاضيين إبراهيم صالح ومحمود يحيى، رئيسي المحكمة وحضور أحمد محمد، وكيل النيابة وأمانة سر عماد رمضان
النيابة العامة
وكانت النيابة العامة أحالت المتهم أدهم هاني عبد العزيز الكموني "مذيع تليفزيوني" للمحاكمة لقيامه بقذف أحد المستشارين بأن نشر مستخدمًا حسابه على فيسبوك عبارات وألفاظ تضمنت إسنادا الأمور لو صحت لأوجبت عقابه بالعقوبات المقررة قانونًا، وأوجبت احتقاره عند أهل وطنه، وسب المستشار بأن نشر عبارات وألفاظ تضمنت خدشا لاعتباره، وتعمد مضايقته بإساءته إستخدام أجهزة الاتصالات
قالت المحكمة أن وجيز الواقعة فيما أبلغ به المستشار المجني عليه بموجب مذكرته للنيابة العامة بتضرره من المتهم لقيامه بنشر مقطع على حسابه الخاص بـ "الفيس بوك" متضمنا عبارات من شأنها الحط من مكانته، ومنها إتهامه بتزوير تقريرًا طبيًا لإدانته في واقعة تعدي بالضرب، وأرفق بالأوراق إسطوانة مدمجة متضمنة للمقاطع، وكذا تقرير الادارة العامة لتكنولوجيا المعلومات من أنه بإجراء التحريات الفنية تبين أن الحساب القائم على نشر المقطع مستخدمه المتهم
كما أرفق بالأوراق تقرير الهيئة الوطنية للإعلام والذي تضمن أن التسجيلات تسير بشكل طبيعين وثابت بها فحص وتفريغ مقطع الفيديو الأول والبين به أن المتهم تحدث وذكر.. هو جايب تقرير طبي مزور إن أنا فتحت له دماغه.. وإن أنا كسرت له موبايله.. الراجل ده عنده مخالفات في بيته وفي شارعه وفي محل عمله.. راجل عامل كتلة من المشاكل.. يا عم أحمد إنت استحالة تبقى مستشار ولا استحالة تبقى رجل قانون أنت.. عم احمد ها انت فاهم بشكلك بطريقتك بكلامك بلبسك بكلك على بعضك كده لا تصلح.. مزور تقرير طب وجايب شهود زور.. كل أعضاء نادي الجزيرة المحترمين الجمال وبخاصة السلك القضائي ومستاء هذا من أفعال هذا المستشار إلى هما بيتنصلو منه
المجني عليه
وجاء بأسباب الحكم أنه فيما يتعلق بالإتهامات فقد استقام الدليل على صحتها وثبوتها في حق المتهم أدهم الكموني، أخذًا بأدلة الإثبات التي إطمأنت إليها والمتمثلة في ما أبلغ المستشار المجني عليه بمذكرته للنيابة العامة بتضرره من المتهم لقيامه بنشر مقطع على حسابه الخاص بوسائل التواصل الاجتماعي فيسبوك متضمنا عبارات من شأنها الحط من مكانته متهما إياه بتزوير تقرير طبي لإدانته في واقعة تعدي بالضرب
وأرفق بأوراق القضية أسطوانة مدمجة متضمنة للمقاطع وما أيد ذلك ما جاء بالتقرير الصادر من الإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات من أنه بإجراء التحريات الفنية تبين أن الحساب القائم على نشر المقطع مستخدمه المتهم وما أيد ذلك ما جاء بالتقرير بشأن الأسطوانات المدمجة من الهيئة الوطنية للإعلام من أن التسجيلات تسير بشكل طبيعي وثابت بها أن المتهم هو المتحدث
وأطمأنت المحكمة إلى حدوث الواقعة بتلك الصورة المتقدمة وأرتاح وجدانها وأستقر في عقيدتها قيام المتهم بارتكاب الجُرم المنسوب له، لاسيما وأن تلك الألفاظ والعبارات تشكل جرائم السب والقذف في حق المستشار المدعي بالحق المدني وأنها نالت من شرفه واعتباره أمام أهل مجتمعه
مواقع الانترنت
وفضلا عن أن تلك العبارات والالفاظ التي تحدث بها المتهم من حسابه الخاص قد أستبان للمحكمة أنها مثلت ضيقا في نفس المدعي بالحق المدني نظرًا لتكرار وتعمد المتهم مضايقته وإزعاجه من خلال تحدثه عن أخبار ووقائع غير صحيحة على حسابه الخاص بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك الذي يشاهده الكثير من العامة وهو ما يعد إساءه استعمال مواقع الانترنت وتطمئن معه المحكمة من أن المتهم ارتكب الوقائع محل الاتهامات مما يستوجب إدانته على ما إرتكبه من جرم، وتوقيع العقوبة الأشد قانونًا
وأكدت المحكمة أن المدعي بالحق المدني أقام دعواه المدنية أمام المحكمة، وكان البين من الأوراق ثبوت الاتهام في حق المتهم الأمر الذي يشكل بالإضافة إلى كونه جريمة جنائية، كونه خطأ مدني وهذا الأخير لا ريب فيه أنه ألحق الضرر بالمدعي وقد تمثل هذا الضرر فيما لحق به من أضرار نفسيه وأدبية من جراء فعل المتهم، وقد إرتبط الخطأ بالضرر بعلاقة سببيه مباشرة، إذا لولا الخطأ ما وقع الضرر وترى معه المحكمة إجابة المدعي بالحق المدني إلى طلبه على النحو الذي تقدره المحكمة كتعويضًا
وأنتهت المحكمة الإقتصادية إلى تغريم المتهم أدهم هاني محمد عبد العزيز الكموني بمبلغ 10000 جنيه للإرتباط وألزمته بأني يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ 5000 جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت والزمته بالمصاريف الجنائية والمدنية ومبلغ 50 جنيها مقابل أتعاب المحاماة، وكان هذا هو قول القضاء في المسئوليتين الجنائية والمدنية، وتبقى المسئوليتان التاديبية والنقابية إن توافرت الشروط