مما تحبون!
في مطعم بإحدى الولايات الأمريكية ناولت نادلة المطعم قائمة طعام الغداء إلى رجل وزوجته، وقبل أن يطلعا على القائمة سألاها أن تعرض عليهما أرخص طبقين كونهما لا يمتلكان مالًا كافيًا إثر عدم حصولهما على راتبهما منذ عدة أشهر؛ بسبب تحديات مالية تواجهها الجهة التى يعملان لديها، لم تفكر النادلة سارة طويلًا، واقترحت عليهما طبقين، فوافقا بلا تردد ما داما هما الأرخص.
جاءت بالطلبين وتناولاهما بنهم، وقبل أن يغادرا طلبا من النادلة الفاتورة.. فعادت إليهما ومعها ورقة داخل المحفظة الخاصة بالفواتير كتبت فيها: "دفعت فاتورتكما من حسابى الشخصى مراعاة لظروفكما، وهذا مبلغ مائة دولار هدية منى، وهذا أقل شيء أقوم به تجاهكما.. شكرًا للطفكما.. التوقيع سارة".
كان الزوجان فى غاية السعادة وهما يغادران المطعم، واللافت في الموقف السابق أن سارة شعرت بسعادة غامرة لدفعها مبلغ فاتورة طعام الزوجين على الرغم من ظروفها المادية الصعبة، فهى تدخر منذ عام كامل تقريبًا قيمة غسالة أتوماتيك تود أن تشتريها، وأى مبلغ تهدره سيؤجل موعد اقتنائها لهذا الجهاز الحلم، فهى تغسل ثيابها وثياب طفلها بغسالة قديمة، لكن أكثر ما أحزنها هو توبيخ صديقتها الحميمة لها عندما علمت منها بالأمر..
كرم سارة
فقد نددت بتصرفها؛ لأنها حرمت نفسها وطفلها من مال هى أحوج إليه من غيرها لشراء الغسالة، وقبل أن يتغلغل الندم إلى داخلها إثر احتجاج رفيقة عمرها على مبادرتها تلقت اتصالا من أمها تقول لها بصوت عالٍ: "ماذا فعلت يا سارة؟"، ردت بصوت خفيض ومرتعش خوفًا من صدمة لا تحتملها: "لم أفعل شيئا يا أمى ماذا حدث؟".
أجابت أمها: "يشتعل الفيسبوك إشادة بكِ ومدحا لتصرفك.. هناك رجل وزوجته وضعا رسالتك لهما على الفيسبوك بعد أن دفعتِ الحساب عنهما فى المطعم وتناقلها الكثيرون.. أنا فخورة بكِ".
لم تكد تنتهى من محادثتها مع أمها حتى اتصلت عليها صديقة دراسة تشير إلى تداول رسالتها بشكل فيروسى فى جميع المنصات الاجتماعية الرقمية، وفور أن فتحت سارة حسابها في فيسبوك، وجدت مئات الرسائل من منتجي برامج تلفزيونية ومراسلين صحفيين يطلبون مقابلتها للحديث عن مبادرتها المميزة..
وفي اليوم التالى، ظهرت سارة على الهواء فى أحد أشهر البرامج التلفزيونية الأمريكية وأكثرها مشاهدة، ومنحتها مقدمة البرنامج غسالة فخمة جدًا وجهاز تليفزيون حديثا ومبلغ عشرة آلاف دولار.. وحصلت من شركة إلكترونيات قسيمة شراء بخمسة آلاف دولار، وانهالت عليها الهدايا حتى وصلت إلى أكثر من 100 ألف دولار تقديرًا لسلوكها الإنسانى العظيم.
سبحان الله.. وجبتا طعام لم تكلفاها أكثر من 27 دولارا + 100 دولار غيرت حياتها تغيرًا جذريًا، ليس الكرم يا صديقى أن تعطى ما لا تحتاج، وإنما الكرم أن تعطى ما أنت فى أشد الحاجة إليه، وفى ذلك لا توجد كلمات أبلغ وأعظم وأعمق من كلمات الله عز وجل: {لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} صدق الله العظيم.
وحقيقى ليس الفقر هو فقر المال، إنما الفقر هو فقر الإنسانية والمواقف والأخلاق.