خفايا فضيحة بيع أسرار البحرية الأمريكية.. تورط قادة وضباط في القضية مقابل ليالي حمراء
في واقعة ليست الأولى من نوعها، تشهد الولايات المتحدة الأمريكية في هذه الأيام سلسلة من الفضائح المدوية والصادمة تتعلق ببيع أسرار البحرية الأمريكية والتي تورط فيها عدد من الأدميرال والضباط والجنود داخل الأسطول البحري الأمريكي، وذلك مقابل أمسيات جنسية وسهرات بذخ في مطاعم من الدرجة الأولي ورشاوي بمبالغ ضخمة تتخطى الـ 250 ألف دولار خلال فترة انتشارهم في العراق، مما جعلها مادة خصبة لوسائل الإعلام المحلية والغربية، وذلك بعد أن فتحت السلطات الأمريكية تحقيقات رسمية في دعاوى قضائية تقضي بعدد من العقوبات من بينها قرارات الإعفاء لأهم الضباط والملازمين والقادة.
تفاصيل الفضيحة
وبمجرد اقتراب المرافعة القضائية بشأن تلك الفضيحة التي وقعت قبل عدة سنوات وذاع صيتها مؤخرا بسبب تورط حوالي 9 ضباط من الأسطول السابع الأمريكي بتهمة بيع معلومات وأسرار عسكرية لصالح شركة "جلين ديفانس مارين آسيا"، والتي أسسها مواطن ماليزي يدعى ليونارد جلين فرانسيس، في سنغافورة، والتي تمكنت من الاحتيال على البحرية الأمريكية بمبلغ قدره 35 مليار دولار، مما جعلها واحدة من أسوأ الفضائح التي واجهتها البحرية الأمريكية.
قال الأدميرال كولين جرين قائد القوات الخاصة في البحرية الأمريكية عن تلك التجاوزات الخطيرة متحدثًا عن هذه التجاوزات الخطيرة قائلًا: لقد فشلت بعض الجهات التابعة لنا في الحفاظ على النظام والانضباط، ونتيجة لذلك ولسبب وجيه أصبحت قوات الحرب الخاصة بالبحرية الأمريكية محل تساؤل، لا أعرف حتى الآن ما إذا كانت لدينا مشكلةٌ ثقافية؟ أم أن لدينا مشكلةً في النظام والانضباط.
لكن أود التأكيد على أننا نعمل جاهدين على معالجة تلك الأمور ومعاقبة المتورطين لتجنب تكرار تلك الواقعة مرة أخرى"، كما شدد على أنه بمجرد الكشف عن تلك الواقعة تمت إقالة قائد الوحدة إدوارد ماسون والضابط التنفيذي الملازم لومي ايم وكبير القياديين وقائد القيادة هيوسبانجلر بسبب فقدان الثقة التي نتجت عن فشل القيادة التي تسببت في انهيار النظام والانضباط داخل وحدتين تابعتين أثناء نشرهما في مناطق القتال، بالإضافة إلى استمرار البحث عن المتورطين في تلك القضية وكل من سولت له نفسه انتهاك الأوامر العامة الصادرة للقوات المشاركة في الخارج.
فات ليونارد
وبحسب صحيفة "واشنطن بوست" و"لوس أنجلوس" الأمريكيتين، عرفت تلك القضية التي تم تصنيفها بأنها واحدة من أسوأ فضائح البحرية الأمريكية إعلاميًّا باسم "فات ليونارد"، وذلك نسبة إلى الشكل الممتلئ والبدين للمتهم الرئيسي ليونارد جلين فرانسيس، والذي قدم رشوة لضباط في البحرية الأمريكية، مقابل الحصول على معلومات هامة.
وذلك قبل أن تتمكن الأجهزة الأمريكية من القبض على ليونارد عام 2013 في كاليفورنيا، بعد استدراجه وصدر قرار ببقائه قيد الإقامة الجبرية، في انتظار الحكم عليه بتهمة التآمر والرشوة، ومن ذلك الحين تواصل الأبحاث والتحقيقات للكشف عن كواليس الحادثة التي تورط فيها عدد كبير من المسؤولين في الأسطول السابع الأمريكي وتسببت بحجم كبير من الخسائر، وبفضل بعض الضغوطات التي واجهها المتهمون أثناء التحقيق وجلسات الاستماع انطلقت سلسلة الاعترافات للضباط المتهمين، حول كثير من حيثيات وملابسات القضية.
وكانت آخر هذه الاعترافات، ما أفاد به القائد السابق بالبحرية الأمريكية، ستيفن شيد أمام المحكمة الاتحادية بسان دييجو في كاليفورنيا بتلقيه رفقة ثمانية مسؤولين آخرين أكثر من 250 ألف دولار كرشوة، إضافة إلى حصوله أيضا منذ شهر مايو 2007 حتى شهر سبتمبر 2013 على العديد من الرشاوي المتمثلة في شكل رحلات ترفيه وتذاكر سفر ووجبات مميزة وإقامة في الفنادق الفخمة وغيرها من الهدايا الباهظة الثمن.
كما أنه حظي رفقة العشرات من الضباط والمسؤولين المتورطين في القضية بخدمات أخرى تتمثل في حفلات جنس مع فتيات متخصصات بهذا الشأن، مقابل الكشف عن بعض الأسرار العسكرية للدولة ومساعدة الشركة الخاصة برجل الأعمال الماليزي ليونارد جلين فرانسيس، الشهير بـ"فات ليونارد" بمعلومات عن جداول التحركات البحرية إضافة إلى العديد من المعلومات الأخرى التي مكنتهم من الاحتيال على البحرية الأمريكية بحوالي 35 مليار دولار، مقابل الحصول على خدمات مثل توفير زوارق السحب والأمن وإزالة النفايات من السفن في الميناء والفوز بالعقود وغيرها.
اعترافات
وبحسب صحيفة "واشنطن بوست" تعليقًا على هذه القضية وعلى ضوء ما أفاد به ستيفن شيد المتهم الرئيسي في تلك الفضيحة المدوية للبحرية الأمريكية، قال المدعي الأمريكي راندي جروسمان، في بيان صحفي: اعترف شيد بأنه كان واحدًا من الكثيرين الذين تحول ولاءهم من البحرية إلى ليونارد فرانسيس.. هذا التنازل عن واجبات المدعى عليه نحو البحرية والولايات المتحدة يأتي بعواقب وخيمة.
كما أن نجاح ليونارد في استدراج مسؤولين بمواقع حساسة لشبكته الإجرامية سابقة خطيرة، خاصة أنه استدرج واحدًا من أبرز المسؤولين ستيفن شيد، الذي عمل مسؤولًا للسياسة والتخطيط في جنوب آسيا على الموظفين في البحرية الأمريكية، ومن ثم ضابطًا تنفيذيًا وقائدًا لمدمرة الصواريخ الموجهة USS Milius (DDG-69)، لذا فمن المحتمل أن يواجه شيد ما يصل إلى 20 عامًا في السجن، وغرامات مالية قدرها 500 ألف دولار خلال المحاكمة المقبلة والمقرر عقدها في الـ21 يوليو القادم".
ومن جانبه لفت عمر لوبيز، مدير خدمة التحقيقات الجنائية البحرية، بحسب صحيفة "لوس انجلوس" الأمريكية أن المدعو شيد أساء استخدام منصبه الرفيع في البحرية بقبوله الهدايا الفخمة بشكل غير قانوني وإفشاء أسرار البحرية الأمريكية.
وعلى الرغم من أن تلك الواقعة لم تنته بعد إلا أنه ليست المرة الأولى التي يتم فيها الكشف عن قضايا فساد في الجيش الأمريكي فسبق وأن وجه دونالد ترامب، اتهامات لجنرالات الجيش الأمريكي بالفساد وارتكاب جرائم سرقة ورشوة بنحو ٥٢ مليون دولار في فترة انتشارهم بأفغانستان والعراق.
ليس ذلك فحسب بل تعرض المجتمع العسكري الأمريكي أيضا لقضايا أخرى لكنها لازالت غامضة حول مصير 95 ألف سيارة و174 مليون دولار مخصص للوقود وصيانة هذه الآليات تم سرقتهم واستغلالهم من قبل رجال الجيش والشرطة الأمريكان وأمن الدولة التابع لهم خلال تواجدهم في أفغانستان.
كما تم خلال الفترة 2015-2017، فقدت ذخائر قيمتها 700 مليون دولار من مخازن القوات الحكومية الأفغانية التي يحرسها الأمريكيون، وانتهى الأمر دون معرفة أين ذهبت تلك الأموال والذخائر، وبات ذلك المسلسل مستمرا دون وضع نهاية لأحداثه لتستمر بذلك حلقات سلسال النصب بين القوات الأمريكية.
نقلًا عن العدد الورقي…