رئيس التحرير
عصام كامل

بعد إعلان الاتحاد الأوروبي مراجعة أوضاع الساحل الأفريقي.. إلى أين تتجه أزمة مالي

قوات الاتحاد الأوروبي
قوات الاتحاد الأوروبي في مالي

لم يتوقف قطار أزمات مالي على الانسحاب الفرنسي من بامكو فبعد نشوب صراع مصالح في منطقة الساحل الأفريقي والتي تعاني من تهديدات المتطرفين صعد الاتحاد الأوروبي من حدة التوتر في خطوة حاسمة ملوحا بالانسحاب الكامل من منطقة الساحل الأفريقي.

 

رحيل الاتحاد الأوروبي 

ومع رحيل الاتحاد الأوروبي من مالي والساحل الأفريقي يتبادر إلى الأذهان كيف ستتمكن مالي الدول الفقيرة الملعونة بالانقلابات والعقوبات من الحفاظ على كيان الدولة التي يتهددها التطرف والإرهاب من كل اتجاه. 

وأعلن الاتحاد الأوروبي، أمس الإثنين، أنه يدرس وجود بعثاته في منطقة الساحل الأفريقي، على خلفية الأوضاع المضطربة التي تشهدها المنطقة.

وقالت المتحدثة الرسمية باسم المفوضية الأوروبية للشؤون الخارجية، نبيلة ماسارلي، خلال إحاطة إعلامية: إن الاتحاد الأوروبي يراجع مسألة وجود بعثاته في منطقة الساحل الأفريقي، على خلفية ما تشهده من اضطرابات.

وأضافت ماسارلي أن "الاتحاد الأوروبي يؤكد على أن الحل العسكري لا يمثل حلا للأزمة الحالية في مالي".

وتابعت: "التهديدات الإرهابية ما زالت تتواجد في منطقة الساحل الأفريقي وتتزايد بسبب زعزعة استقرار منطقة".

 

ألمانيا 

وأعلنت ألمانيا أن الوقت قد حان للنظر في تواجدها العسكري بمالي، في وقت تتنامى فيه المواقف المناهضة للتواجد العسكري الأجنبي في البلاد منذ أن سيطرت السلطات العسكرية على الحكم في هذه الدولة.

وقالت وزيرة الدفاع كريستين لامبريخت، في تصريح مصور نقله حساب الوزارة على (تويتر): "الوضع في مالي شديد الخطورة، لهذا السبب، حان الوقت للتحقق مما إذا كنا سنواصل التزامنا هناك".

وبينت أن الجيش الألماني يشارك في بعثة الاتحاد الأوروبي في مالي وبعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي - حاليًا بحوالي 300 و1000 جندي على التوالي.

وكان رئيس وزراء مالي، شوجويل مايجا، قد أعلن في وقت سابق، أن بلاده لن تسمح بعد الآن بتواجد قوات أجنبية على أراضيها دون شروط مسبقة ومحددة.

وكان  أعلن الاتحاد الأوروبي، في البيان صادر عنه الجمعة، عن فرض عقوبات على 5 مسؤولين في دولة مالي.

 

عقوبات أوروبية

وتضمنت العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي،  رئيس الوزراء الانتقالي، تشوجويل كوكالا مايجا، وذلك على خلفية اتهامهم بإعاقة الانتقال السياسي في البلاد، مع استمرار حكم المجلس العسكري.

وتقضي العقوبات بتجميد أصول الشخصيات المستهدفة ومنعها من دخول أراضي الاتحاد الأوروبي، وكذلك منع الأفراد والكيانات في دول التكتل من وضع أموال في تصرف المسؤولين المذكورين.

 

علاقات مالي وفرنسا

وشهدت العلاقات بين مالي والاتحاد الأوروبي في الفترة الأخيرة، توتر كبير، وخاصة بعد طرد السفير الفرنسي، وذلك بعد تبادُل تصريحات حادة بين حكومتي البلدين.

وطرد المجلس العسكري في مالي السفير الفرنسي من البلاد، الثلاثاء الماضي، ممهلًا إيّاه 72 ساعة للمغادرة؛ ما قد يوسّع الطريق أمام روسيا لـ"سد الفراغ".

وذَكَر التلفزيون المالي، في بيان، أن الحكومة أبلغت الرأي العام أن السفير الفرنسي في باماكو، جويل ميير، استُدعي من قبل وزير الخارجية، وتم إخطاره بقرار الحكومة ودعوته لمغادرة البلاد خلال 72 ساعة.

 

تصريحات معادية

وبررت السلطات المالية القرار بتصريحات "معادية" لها من قبل مسؤولين فرنسيين مؤخرًا.

ويمثل هذا الاستدعاء تصعيدًا للتوتر بين باماكو وباريس التي تدخلت عسكريًّا في مالي والساحل الغربي لأفريقيا ضمن مهام "مكافحة الإرهاب" منذ 2012- 2013، وتدهورت العلاقات منذ الانقلاب العسكري في مالي في مايو 2020.

إلا أنّ العامل الأكثر قوة في هذا الخلاف، بدأ في قرار فرنسا تخفيض قواتها في مالي، رغم استمرار خطر الإرهاب وتلويح مالي بالاستعانة بـ"شركاء آخرين"، لتظهر في أفق هؤلاء الشركاء روسيا التي تخشى فرنسا ودول أوروبية توغلها في مناطق نفوذها بأفريقيا.

جاءت خطوة مالي بطرد السفير بعد تصريح لوزيرة الجيوش الفرنسية، فلورانس بارلي، السبت، أن بلادها لا يمكنها البقاء في مالي بأي ثمن، وسبقها وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، بالقول: إن الوضع في مالي أصبح "لا يُطاق".

المواجهة مع المجلس العسكري

وأوضح لودريان، في تصريحات أدلت بها الشهر الماضي، أن المواجهة القائمة في مالي مع المجلس العسكري أصبحت "خارج السّيطرة" ولا يُمكن أن تستمر.

وردّ وزير الخارجية المالي، عبد الله ديوب، بأن "مالي أيضًا لا تستبعد شيئًا بالنسبة إلى هذه المسائل إن لم تكُن تأخذ بمصالحنا"، في حديث لإذاعة "إر إف إي" وشبكة "فرانس 24" التلفزيونية.

وعن خروج القوات الفرنسية نهائيًّا، قال ديوب: "هذا غير مطروحٍ في الوقت الحالي"، لكن إذا ما رأت بلاده أن وجود تلك القوات "مخالف لمصالح مالي، فلن نتردد في تحمّل مسؤولياتنا، لكننا لم نصل إلى هذا الحد".

وكانت وكانت 15 دولة غربية تشارك في محاربة الإرهاب في الساحل الإفريقي، أدانت في بيان مشترك، بدء انتشار عناصر "فاجنر" الروسية في مالي، وذلك بعد أيام من فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على المجموعة.

فيما نفت الحكومة في مالي اي تواجد لعناصر فاجنر في بيان رسمي، مؤكدة إنها تقدم نفيا رسميا لهذه المزاعم بشأن انتشار مزعوم لعناصر من شركة الامنية الروسية خاصة في مالي فاجنر. 

وتسبب تصاعد انعدام الأمن في انزلاق حكومات الساحل في حالة اضطراب سياسي

فيما وضغطت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، إلى جانب فرنسا، على جويتا لإجراء انتخابات ديمقراطية عام 2022.

 

20 عاما من الحر ب على الإرهاب 

وكان ونشر مركز "فاروس" للاستشارات والدراسات الاستراتيجية، دراسة عن الوضع في أفريقيا بعد مرور 20 عاما على الحرب على الإرهاب في إفريقيا، أوضحت أن عام 2021 شهد ترتيبات جديدة من القوى الدولية للانسحاب العسكري من القارة الإفريقية، وبالفعل بدأت القوات الفرنسية الممثلة في قوة "برخان" في الانسحاب من مواقعها في شمال مالي.

وأشارت الدراسة إلى إعلان الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في يونيو 2021 إعادة انتشار وتخفيض قوات "برخان" في الساحل الإفريقي، كما أوقف التعاون العسكري مع الجيش المالي ردا على الانقلاب العسكري الذي شهدته البلاد في مايو 2021.

وعلى الرغم من تراجع شعبية فرنسا في منطقة الساحل والخسائر الفادحة التي كبدتها التنظيمات الإرهابية لقواتها والتي تضمنت خسائر كبيرة في الأرواح منذ نهاية عام 2019، إلا أن الجيوش الوطنية في الساحل، وخاصة الجيش المالي، لا تستطيع مواجهة التنظيمات الإرهابية المنتشرة في المنطقة.

الجيش المالي

ودفع هذا الاتجاه الجيش المالي إلى الاتفاق مع شركة "فاجنر" الروسية للقيام بمساندة الجيش المالي، وأوضحت الدراسة أن هذا التحرك أثار حفيظة فرنسا والتي يتصاعد العداء ضدها في منطقة الساحل، خاصة حكومة مالي.

ووسط هذا الصراع يدفع الشعب المالي الثمن من الفقر المدقع والتوترات السياسية والعقوبات الاقتصادي التي تضيق عليه سبل العيش وسط صراع نفوذ الدول الكبرى واستراتيجيات الارهاب

الجريدة الرسمية