مجلس الدولة:
التأديبية تلغي قرار رئيس جامعة عين شمس بمجازاة أستاذة اللغة العربية
قضت المحكمة التأديبية بمجلس الدولة حكمها في الطعن رقم 89 لسنة 55 قضائية عليا بقبوله شكلا، وفي الموضوع بإلغاء قرار رئيس جامعة عين شمس فيما تضمنه من مجازاة الدكتورة نجلاء عبده محمد، أستاذ مساعد بقسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية بكلية التربية مع ما يترتب على ذلك من أثار وإلزام الجامعة المطعون ضدها المصروفات، بعد ثبوت عدم ارتكابها مخالفة تمثل إخلالًا بواجبات وظيفتها أو خروجًا على مقتضياتها.
وقالت المحكمة عبر أسباب حكمها أن الطاعنة تقدمت بشكوى ضد رئيس القسم لقيامه بنقل أغراضها وإتلاف مكتبها في غير حضورها وذلك بغية نقل المكتب الخاص بها إلى غرفة أخرى، وبإجراء التحقيق معها، انتهى المحقق الدكتور ربيع أنور فتح الباب، أستاذ ورئيس قسم القانون العام بكلية الحقوق بجامعة عين شمس في هذا الشأن إلى حفظ التحقيق والتوصية بتشكيل لجنة من أعضاء القسم برئاسة الأستاذ الدكتور عميد الكلية لتوزيع الأماكن ووضع نظام ثابت لتوزيع المكاتب بطريقة عادلة يقرها جميع الأعضاء بالاتفاق بينهم.
إلا أنه وبتاريخ 16/7/2019 أجرى المحقق سالف الذكر تحقيقًا جديدا مع الطاعنة بناء على الشكوى المقدمة من الدكتور محمود محمد الحنطور، أستاذ ورئيس قسم اللغة العربية بكلية التربية جامعة عين شمس، وبناء على تأشيرة رئيس الجامعة، والتي يشكو فيها الطاعنة لعدم استجابتها لقرار عميد الكلية بتحديد مكان مكتبها الجديد وإصرارها على التواجد في أماكن معينة دون قبول الموجودين في هذه الأماكن.
توزيع الأماكن
وبسؤال الطاعنة بعد مواجهتها بما هو منسوب إليها، أفادت بأن اللجنة المفترض تشكيلها من قبل عميد الكلية لم تتشكل، وأنها أجبرت على شغل مكان بعيد عن القسم وفي الدور الأرضي على الرغم من توافر أماكن أفضل للأساتذة المساعدين والمدرسين في القسم، وقدمت الطاعنة أقراصًا مدمجة تحتوي على فيديوهات وصور توضح توزيع الأماكن (غير العادل) وفقا لما ذكرت بمحضر التحقيق الذي تعاني منه.
وانتهى المحقق إلى التوصية بتوقيع عقوبة التنبيه على الطاعنة على سند من قيام القسم بترضيتها وقيام عميد الكلية بتحديد مكان معين لها؛ بما يصم الطاعنة بالتعنت وعدم الالتزام بقرارات العميد والقسم وما ينطوي عليه ذلك المسلك من مخالفة اللوائح والقواعد الجامعية وما ينبغي أن يكون عليه عضو هيئة التدريس من طاعة لأوامر رؤسائه. وصدر بالبناء على ذلك القرار المطعون عليه رقم 9422 بتاريخ 30/9/2019 بمعاقبة الطاعنة بعقوبة التنبيه لمخالفتها القواعد واللوائح الجامعية.
وشددت المحكمة على أن الثابت من التحقيقات أن الطاعنة لم يصدر عنها فعلا يمثل إخلالا بمقتضيات وظيفتها، وأن رفضها الالتزام بمكان عملها الذي حدده لها عميد الكلية لا يجوز اعتباره تقصيرا في أداء الدور المنوط بها باعتبارها عضوا بهيئة التدريس، لا سيما أن موقف القسم منها في أمر توزيع المكاتب لم يؤثر على حضورها أو أدائها أعمال التدريس والامتحانات الموكلة إليها.
لم تخالف القوانين
كما أنها لم تتجاوز الأعراف الجامعية بأي سبيل، ولم تخالف القوانين واللوائح المنظمة لعملها، بل إنها قد سلكت مسلكا قويما حال نقل مكتبها من مكانه بمعرفة رئيس القسم ولجنة الجرد إلى مكان أخر دون توافر حالة طارئة تضطره إلى ذلك أو دون توضيح هذه الحال كحد أدنى للمعاملة اللائقة بين أعضاء الأسرة الواحدة في التدريس الجامعي بأن تقدمت بشكوى لجهة الاختصاص للتحقيق في الأمر، وهو ما يشير إلى أجواء التحامل على الطاعنة ويلقي في روع المحكمة بظلال من المشاحنة بين رئاسة القسم وبعض أعضائه من ناحية والطاعنة من ناحية أخرى.
ويؤكد ذلك ما ورد بالتحقيقات من رفضهم تواجد الطاعنة معهم في أماكن عملهم وهو ما يثير الريبة بأخذ آراء زملائها في التواجد معهم محل اعتبار، دون الاعتداد برأيها في مكان تواجدها. ولما كان الثابت من التحقيقات أن ما انتهى إليه المحقق من قيام القسم بترضية الطاعنة قد جاء قولا مرسلا عاريا من أن ثمة دليلًا يؤيده ويؤازره، فإنه والحال كذلك يخرج بالطاعنة من حيز المخالفة والتعنت وعدم الاستجابة إلى أوامر الرؤساء، إلى ساحة أرحب وأوسع من الخلاف الجائز والمحتمل بين أعضاء القسم الواحد حول أمر من أمور تسيير الأعمال اليومية، بما لا يمس الرسالة التعليمية والأعمال البحثية بأدنى أثر أو يشكل خروجا على مقتضيات الوظيفة العامة.
وأصبح من الثابت لدى المحكمة أن الطاعنة لم ترتكب مخالفة تمثل إخلالًا بواجبات وظيفتها أو خروجًا على مقتضياتها، الأمر الذي تطمئن معه المحكمة إلى براءة الطاعنة مما نسب إليها في التحقيقات سالفة الذكر. ويكون القرار المطعون عليه رقم 9422 الصادر بتاريخ 30/9/2019 قد صدر مفتقرا إلى سنده الصحيح من الواقع والقانون مما ينحدر به إلى درك البطلان، ويغدو خليقا بالإلغاء، ولهذه الأسباب أصدرت المحكمة حكمها المتقدم.