كسر شوكة إسرائيل وأنقذ مبارك من الموت وأثار حيرة القذافي.. سيرة صقر المخابرات عبدالسلام المحجوب
اشتهر اللواء محمد عبدالسلام المحجوب إبان الفترة التى قضاها محافظا للإسكندرية، ذاع صيته بعد النجاح الكبير الذي حققه فى عروس البحر المتوسط لدرجة أن أهالي الإسكندرية أطلقوا عليه لقب "المحبوب" بدلا من "المحجوب"، لكن كثيرين ربما لا يعرفون أن الرجل الذي رحل عن عالمنا أمس يمتلك تاريخا ناصعا فى جهاز المخابرات العامة المصرية، قضى "المحجوب" سنوات طويلة داخل واحد من أهم وأحرف أجهزة المخابرات فى العالم، وشارك فى العديد من العمليات المحفورة بحروف من نور فى سجلات المخابرات، وعُرف بذكائه وحنكته وقدرته على تنفيذ كافة المهام الموكلة إليه ونجح في زرع عملاء لمصر داخل الموساد الإسرائيلي.
وبعيدا عن مسيرته المهنية فى العمل الإداري والمحلي فى دواليب الحكومة المصرية، ترك المحجوب مسيرة عظيمة فى العمل المخابراتي وفي عالم الجاسوسية، وكان صقرا من صقور المخابرات المصرية وتميّز بعملياته الناجحة التى كانت تقض مضاجع العدو الصهيوني.
"المحجوب" ابن قرية محل دمنة بمحافظة الدقهلية والمولود عام 1935، حصل على بكالوريوس العلوم العسكرية من الكلية الحربية عام 1955، وعين ملحقا عسكريا بعدد من السفارات المصرية بعدة دول كما تولى منصب نائب رئيس جهاز الأمن القومي، خلال الفترة بين 1992-1994، ومحافظًا للإسماعيلية خلال الفترة بين 1994- 1997، ومحافظًا للإسكندرية خلال الفترة بين 1997-2006، وعين وزيرًا للتنمية المحلية في 2006 بناء على القرار الجمهورى الصادر في 27 أغسطس من العام نفسه.
شغل المحجوب منصب نائب مدير المخابرات العامة أيام اللواء عمر سليمان، وكان فى منصبه وقت محاولة اغتيال الرئيس الأسبق حسنى مبارك في العاصمة الإثيوبية «أديس أبابا»، وهو صاحب فكرة الإصرار على اصطحاب الرئيس للسيارة المصفحة خلال الرحلة والتى كانت سببا مباشرا فى إنقاذ حياة مبارك وفشل عملية الاغتيال.
ارتبط اسم "المحجوب" بواحدة من أشهر عمليات جهاز المخابرات العامة المصرية؛ حيث قاد العملية المخابراتية التي أخرجت الزعيم الفلسطينى الراحل «ياسر عرفات» من الأردن في الثمانينيات بعد أن حاصرتها إسرائيل بهدف اغتياله إبان أحداث أيلول الأسود، وكلف من قبل قيادته بتنفيذ تلك العملية الصعبة والدقيقة ونجح فيها واستطاع بالفعل دخول الأردن قبل تنفيذ العملية بشهور وكان ضابط الميدان المسؤول عن إخراج عرفات بسلام.
وتولى صقر المخابرات الراحل متابعة عملية تدمير «الحفار الشهير» وعمل خلال تلك الفترة على تجنيد عدد كبير من ضباط الشرطة الأوروبيين، كما قام بتسهيل شحن المتفجرات الخاصة بعملية الحفار، عن طريق وضع الألغام والملابس والمعدات في حقائب، وتغطيتها بمادة لمنع أي أجهزة من كشف ما بداخلها، كما وضع أقلام التفجير داخل علبة أقلام أنيقة في جيب «الجاكيت» الذي كان يرتديه.
كان "المحجوب" ــ رحمه الله ــ أحد ضباط المخابرات المصرية الذين سافروا إلى السنغال وباريس لتنفيذ عملية الحفار، حيث نجحت المخابرات المصرية في تفجير حفار البترول «كنتينج» الذي اشترته إسرائيل لكى تنقب به عن البترول في خليج السويس بعد نكسة 1967، وكانت تديره شركة إينى الإيطالية، لكن الضفادع البشرية المصرية نجحت في تدميره أثناء توقفه بعاصمة ساحل العاج «أبيدجان» في 28 مارس 1968 أثناء رحلته من كندا إلى إسرائيل، بعد إعداد للعملية استمر عامًا كاملًا، لتمنع إسرائيل من تنفيذ خطتها الرامية إلى نهب الثروات البترولية واعلان فرض سيادتها الدولية على سيناء.
ومن العمليات الشهيرة للمحجوب نجاحه فى تهريب العديد من أسر بعض المعارضين الليبيين، الذين كانوا ممنوعين من السفر بطرابلس فى عهد العقيد الليبى الراحل وخلافه مع السادات والعملية ظلت محفورة في ذاكرة القذافي، حتى أنه طلب في إحدى زياراته لمصر بعد عدة سنوات، رؤية ضابط المخابرات الذي تمكن من تهريب أسر معارضيه، وكان وقتها « محمد عبد السلام المحجوب» محافظًا للإسكندرية، وعندما قابله القذافى طلب منه أن يخبره عن الأسلوب المخابراتى الذي اتبعه لتخليص أسر المعارضين الذين تحت مراقبة مشددة وكيفية تهريبهم من ليبيا، لكنه اعتذر للقذافى بلباقة عن التحدث عن أسلوب عمل المخابرات المصرية.