المحجوب.. الجندي المعلوم الذي رحل!
نعم.. هو بطل وضابط الارتباط في عملية "جمعة الشوان" الاسم الكودي الذي اختاره الكاتب الكبير صالح مرسي للبطل أحمد الهوان.. ونعم هو أحد قادة جهاز مخابراتنا العظيم في لحظات حرجة من تاريخه.. ونعم هو محافظ لمحافظتين كبيرتين منحه الله الوقت ليقدم لهما -وفي الإسكندرية تحديدا- تجربة تستحق التوقف.. وقد توقف الكثيرون أمامها بالفعل..
حيث المحافظ المسئول عن حياة الناس ومصالحهم والمفوض من رئيس البلاد لا يعرف الراحة في المكاتب بل يقضي معظم وقته خارجها يبدع في إدارة شئون محافظته بعيدا عن الأطر التقليدية، ويتوصل إلى توازنات عبقرية تنعكس كلها على حال الناس خصوصا بسطائهم وفي الوقت نفسه تضع الفساد عند حده وتقاومه بسلطة القانون ليتم الفرز حتى لا يتبقى حوله إلا أغنياء شرفاء يريدون العمل بشرف الربح الحلال وخدمة الوطن، وفقراء تتحسن أحوالهم بتحسن الخدمات المقدمة لهم!
ولكن قوى الفساد لا تستسلم أبدا.. والتخلص من الرجل القوي بحب الناس يكون صعبا وصادما والحل سهل ومجرب.. ترقية تبدو هكذا أمام الناس ولكن في واقع الحال هي إبعاد عن المسئولية في العاصمة الثانية وخصوصا أن ملفات عديدة لم تكتمل.. وكان المطلوب ألا تكتمل!
اليوم يرحل الرجل وقد ترك السلطة والمسئولية منذ سنوات انقطع فيها ما انقطع.. لكن.. هل رأيتم حزن أهالي الإسكندرية وغيرهم عليه؟ ربما جيل كامل ولد هناك بعد رحيله عنها ومع ذلك عم الحزن أرجاء الإسكندرية والإسماعيلية أيضا بل وعند كل شعبنا فالأثر الباقي يطغى علي الزمن والسيرة الطيبة لا تمحوها الأيام وفي بلادنا رجال لم يعرفوا إلا العطاء لأنهم تربوا في مدرسة الوطنية المصرية، لم تشوبهم شائبة ولم تقترب منهم إشاعة ولم تغيرهم مناصب ولم تتبدل عزائمهم ولن ينساهم المصريون أبدا!
رحم الله اللواء المحجوب وخالص العزاء لأسرته وتلاميذه ومحبيه ولأهالي الإسماعلية والإسكندرية..