رئيس التحرير
عصام كامل

علي جمعة ينبه: كثيرا ما يدعى الإجماع ولا يكون ذلك صحيحا

الدكتور علي جمعة
الدكتور علي جمعة

نبه الدكتور علي جمعة، المفتي السابق للجمهورية، إلى وجود ما يدعى الإجماع بشكل كبير، ولا يكون ذلك صحيحًا، بل يكون هناك اتفاق شائع لا يندرج تحت مفهوم الإجماع الأُصولي، الذي هو حجة. قائلًا: "ولذلك نرى كثيرا من المعاصرين ينكرون الإجماع، ونحن نخالفهم في هذا".

الإجماع في الفقه الإسلامي

وأضاف جمعة أن الاختلاف من باب اختلاف التنوع وليس من باب اختلاف التضاد، واختلاف التنوع أعطى للفقه الإسلامي مرونة وسعة وجعله قادرًا على مواجهة اختلاف الزمان والمكان والأحوال والأشخاص.
وكتب الدكتور علي جمعة تدوينة على الفيس بوك "السؤال الرابع بعد أن تمّ تحديد حجية المصدر وإثباته وفهمه ماذا نفعل عندما تختلف الأنظار في فهم نص معين؟ وهنا جاءت نظرية القطعية والظنية؛ حيث إن هناك فعلا أمورا اتّفق عليها كلُّ المسلمين، وليس هناك أي خلاف فيما بينهم حولها، وهو ما أسماه الأُصوليون بعد ذلك بالإجماع. واستدل له الشافعي بقوله تعالى: (وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ) [النساء:115]. 
وقال "وهذا هو المعبر عنه بالقطع فلا يمكن مع وجود هذا الإجماع، أن نفهم النص بحيث نخالف أو نخرق ما اتّفق عليه المسلمون؛ لأن ذلك يدل على وجود خلل خفي على الناظر الذي توصل إلى الحكم المخالف".

هوية الإسلام

وتابع "ولذلك جعلوا الإجماع سقفا للاجتهاد، وأنه في الحقيقة يمثل هوية الإسلام. ونظرية القطعية والظنية هذه سيكون لها أكبر الأثر في قضايا الخلاف الفقهي ومسألة الاجتهاد والإفتاء".
واستطرد جمعة قائلًا: "ويجدر بنا التنبيه هنا أن كثيرا ما يدعى الإجماع ولا يكون ذلك صحيحا بل يكون هناك اتفاق شائعا لا يندرج تحت مفهوم الإجماع الأُصولي، الذي هو حجة. ولذلك نرى كثيرا من المعاصرين ينكرون الإجماع، ونحن نخالفهم في هذا".
وقال: "فيمكن أن ننكر الإجماع المدعى في مسألة بعينها ولكن لا يمكن أن ننكر الإجماع باعتباره معبرًا عن المساحة القطعية في الشريعة. وهذه المساحة أقل بكثير من المساحة الظنية التي يمكن لنا أن نختلف فيها".
وأضاف جمعة "ويعد هذا الاختلاف من باب اختلاف التنوع وليس من باب اختلاف التضاد. واختلاف التنوع أعطى للفقه الإسلامي مرونة وسعة وجعله قادرا علي مواجهة اختلاف الزمان والمكان والأحوال والأشخاص."

العقيدة والأخلاق

وعن العقيدة والأخلاق قال جمعة: "والسؤال الخامس إذا كان ولا بد من وصف الأفعال البشرية بحكم من الأحكام الخمسة السابق ذكرها، فكيف نفعل ذلك والنصوص التي بين أيدينا محصورة؟ فالقرآن 6236 آية منه ما لا يزيد عن ثلاثمائة آية وقيل خمسمائة آية متعلقة بالأحكام الشرعية، والباقي في العقيدة والأخلاق".
وقال: "ومعنا نحو ألفين من الأحاديث النبوية تتعلق بهذه الأحكام أيضا. وهنا ظهرت آلية الإلحاق  التي أخذت في مضمونها أشكالا متعددة منها القياس ومنها تنزيل الكلي على أفراده الذي أنتهجه الظاهرية. وبذلك تمكن المسلمون من إيقاع النصوص المحددة المطلقة علي الواقع النسبي المتغير بحوادثه المتجددة غير المحصورة" .
وتابع "والسؤال السادس بعد كل ذلك ما المحددات التي تمكنا من استنباط الحكم بما يتلاءم مع مقاصد الشرع ومراد الله من خلقه وروح التشريع وتحقيق مصالح الناس في معاشهم، والاتفاق مع سنن الله سبحانه وتعالى في الأنفس والأفاق. ومع المبادئ العامة التي ذكرها في كتابه ومع النظام الأخلاقي من القيم الذي دعا إليه الإسلام منذ آدم والي اليوم"

وأضاف جمعة "فرأيناهم يتكلمون عن هذه المحددات فتكلموا عن العرف والعادة وشرع من قبلنا وسد الذريعة فيما أسموه الاستدلال. وبعضهم يقول الأدلة المختلف فيها. وأوصلها جمال الدين القاسمي بعد تقصيها من كلامهم إلى أكثر من ست وثلاثين عنصرا".
وقال "والسؤال السابع كان سؤالا منهجيا حول آلية فك التعارض بين الأدلة العقلية والنقلية التي ظاهرها التعارض في ذهن الباحث أثناء بحثه وإن لم تكن كذلك في نفس الأمر. فافردوا بابا للتعارض والترجيح". 

واختتم حديثه قائلًا: "وجاء السؤال الثامن منهجيا أيضا فتكلموا فيه عن شروط الباحث ومرة يعبرون عنه بالناظر ومرة بالمثبت ومرة بالمجتهد. وهذا هو المنهج الذي أنشأ مسائل الفقه الإسلامي. فكيف كان الإفتاء؟".
 

الجريدة الرسمية