الكنيسة الأرثوذكسية تحيي ذكرى البابا كيرلس "أبي الإصلاح"
تحيي الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، تذكار نياحة البابا كيرلس الرابع الشهير بـ"أبى الإصلاح".
وُلد البابا كيرلس ببلدة الصوامعة الشرقية من أعمال جرجا، من أبوين تقيين، سنة 1816م تقريبًا، وأسمياه داود بِاسم جَد أبيه، واعتنى والده بتربيته وتعليمه.
ولزهده في أباطيل العالم، قصد دير القديس أنطونيوس وهو لم يُتم الثانية والعشرين بعد؛ فسلك طريق الفضيلة والنسك بعزم أكيد وجِدّ شديد؛ ما جعل القَس أثناسيوس القلوصني رئيس الدير آنذاك أن يُلبسه ثوب الرهبنة؛ فدأب منذ ذلك الحين على الدرس والمطالعة.
وبعد سنتين من رهبنته، تنيح رئيس الدير، فأجمع الرهبان على اختياره رئيسًا، فرسمه البابا أنبا بطرس الجاولي (التاسع بعد المئة في بطاركة الإسكندرية) قَسًّا، وعيَّنه رئيسًا على الدير؛ فاهتم بشؤون الدير والرهبان أبلغ اهتمام.
وكان هذا الأب حادّ الذكاء، على قسط وافر من الإلمام بالمسائل الدينية؛ ولذلك فإنه لما نَشِب خلاف بين الأحباش في بعض الأمور العقائدية، استدعاه الأب البطريرك أنبا بطرس الجاولي، وكلفه بالذَّهاب إلى البلاد الحبشية لفض هذا النزاع، فأدى مهمته خير أداء.
ثم عاد من الحبشة، يوم السبت 13/7/1853م، وكان البابا بطرس الجاولي قد تنيح في 15/4/1852م، فعند الشروع في اختيار خلف له، اختلفت آراء الشعب، فبعضهم اختار الأب داود، والبعض اختار غيره. ثم استقر الرأي على رسامته مِطرانًا عامًّا سنة 1853م، واستمر سنة وشهرين أظهر فيها من حسن التصرف ما جعله أهلًا لأن يقام بطريركًا، فتمت رسامته، في الثامن والعشرين من بشنس سنة 1571ش (1854م)، بِاسم كيرلس الرابع ليصير البابا العاشر بعد المئة في باباوات الكرسيّ المَرقسيّ.
بذل هذا الأب قصارى جهده في سبيل تهذيب الشبان وتعليمهم: فقد أنشأ المدرسة القبطية الكبرى بالبطريركية، وفتح مدرسة أخرى في حارة السقايين وشدد في تعليم اللغة القبطية فيهما، واشترى مطبعة كبيرة طبع فيها عدة كتب كنسية، وعمومًا إليه يرجع الفضل في تقدم الأقباط. وقد هدم كنيسة البطريركية القديمة وشيد غيرها، لكنه لم يتمكن من إتمامها لتغيبه في البلاد الحبشية مرة ثانية. وكان هذا الحَبر العظيم عالمًا، شديد الاعتصام بقوانين الكنيسة، محسنًا، ذا عناية شديدة بذوي الحاجة، محبوبًا من رعيته.
تنيح في الثالث والعشرين من طوبة سنة 1577ش (1861م).