سوزانا ماسي.. المرأة التي أوقفت الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي
امرأة هشة استطاعت إيقاف الحرب الباردة المستعرة بين القوتين العظميين؛ الاتحاد السوفييتي السابق والولايات المتحدة، وذلك بفضل ثقافتها وموهبتها في الإقناع، التي تفوق التصور.
وقد منح الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، الجنسية للكاتبة الأمريكية والمستشارة السابقة للرئيس الأمريكى الأسبق رونالد ريجان بشأن الاتحاد السوفيتى سوزان ماسى بموجب مرسوم رئاسى.
وتكلم عنها الصحفيون الأمريكيون، بمن فيهم كريستوفر لايدن بامتنان، في "الراديو الجمهوري الوطني"، الذي سماها بـ "المرأة التي أوقفت الحرب الباردة".
مستشارة الرئيس
إنها المستشارة السابقة للرئيس الأمريكي الأربعين رونالد ريجان لشؤون الاتحاد السوفييتي (1984-1988) سوزانا ماسي، التي كتب ريجان عنها في مذكراته في 20 مايو 1986 واصفًا إياها بأنها "أفضل باحث للروس، عرفه".
وتشير الويكيبيديا الروسية إلى أن سوزانا ماسي، التي تجيد الروسية، أثارت اهتمام ريجان أول مرة بعد أن قرأ كتابها "أرض طائر النار.. جمال روسيا القديمة".
أما سوزانا ماسي نفسها فقالت: "أنا التقيت الرئيس ريجان في 17 فبراير 1984 ذات مرة قبل أن يرسلني البيت الأبيض إلى موسكو بمهمة.. وبعد هذه المهمة الناجحة التقيته 17 مرة أيضا خلال السنوات الأربع التالية في إبان ولايته الرئاسية الثانية، وعلمتُه المثل الروسي "ثِقْ ولكنْ تَحَقَّقْ"، الذي أحبه، وكثيرا ما كان يستخدمه".
في المكتب البيضاوي
وجميع لقاءات الكاتبة مع الرئيس الأمريكي السابق كانت تُجرى في المكتب البيضاوي في البيت الأبيض.
وكانت تتلو الاجتماعات ولائم خاصة مع الرئيس ونانسي ريجان. وقد دعيت سوزانا ماسي إلى الغداء التاريخي الرسمي الذي أقيم على شرف ميخائيل جورباتشوف وعقيلته رائيسا في أواخر سنة 1987.
ونوه عدد من الأفلام الوثائقية الروسية بأهمية دورها في فهم ريجان للروس، والمساعدة في التوصل إلى إنهاء الحرب الباردة.
20 مرة
ويقول أنطون ديميدوف في صحيفة "جازيتا. رو" الإلكترونية الروسية إنها التقت ريجان نحو 20 مرة. ويؤكد أنها سميت لنصائحها له بـ "المرأة التي أوقفت الحرب الباردة".
وتذكِّر صحيفة "إزفيستيا" بأن السيدة ماسي شاركت في الإعداد لقمتي رونالد ريجان وميخائيل جورباتشوف في جنيف بسويسرا (1985)، وفي العاصمة الأيسلندية ريكيافيك (1986).
وشاركت أيضا في إعداد معارض فنية مع كثير من متاحف الفنون العالمية البارزة، من بينها "الإرميتاج" في سان بطرسبورج و"متروبوليتن" في نيويورك. وكان كثيرون من أعضاء الكونجرس يستشيرونها.
تحسين العلاقات الأمريكية-السوفييتية
ولعله لذلك، فإن وسائل الإعلام الروسية في غالبها أشادت بالسيدة التسعينية، التي ولدت في سنة 1931 في نيويورك في عائلة دبلوماسي سويسري، وثمنت عاليا دورها في تحسين العلاقات الأمريكية-السوفييتية. ولا سيما أنها أمضت 38 عاما في بحث هذه العلاقات بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي وروسيا.
وكانت كتبها "أرض طائر النار: جمال روسيا القديمة" (1980)، "بافلوفسك: حياة القصر الروسي" (1990)، "مرآة حية" (1972)، "رحلة" بالمشاركة مع زوجها السابق روبرت ماسي (1975)، و"ثِقْ ولكنْ تَحَقَّقْ! دروس اللغة الروسية لريجان" (2013) من بين الكتب الأكثر مبيعا.
وهي أيضا كانت عضوا في مجلس إدارة الرابطة الدولية لحقوق الإنسان. وفي سنة 1991 كانت الشخص العلماني الوحيد الذي جرى تعيينه في لجنة التنسيق الدائمة للأسقفية الأرثوذكسية، التي كانت كثيرا ما تقيم حوارات في روسيا والولايات المتحدة مع أقطاب الكنيسة، بمن فيهم بطريرك موسكو وسائر روسيا السابق أليكسي الثاني.
الجنسية الروسية
أما عن تطرقنا إلى هذه السيدة هنا وفي هذا الوقت بالذات، فلذلك سبب مهم. ففي شهر مايو الماضي توجهت سوزانا ماسي عبر قناة "إن تي في" التلفزيونية الروسية بطلب إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمنحها جنسية بلده.
وألمحت الكاتبة الأمريكية الشهيرة إلى أنها كرست سنوات طويلة من حياتها للتقريب بين شعوب روسيا والاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة، وذكرت أن من المهم لها الحصول على الجنسية الروسية لمواصلة عملها على كتابها السابع عن روسيا. وقد استجاب بوتين لطلبها ووقع مرسومًا بذلك.
وكان أن جاءت أول مرة إلى روسيا في مطلع هذه السنة كمواطنة روسية، وأعربت عن فرحتها بذلك في كاتدرائية المسيح المخلص الشهيرة في موسكو، وقالت إن "العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة يجب أن تتطور بطريقة بناءة".
وتمنت أن "يسمح العام الجديد للبلدين بتسوية المسائل الخلافية بينهما كافة". وأضافت أن "أمريكا وروسيا يجب أن تعملا معا، لأنهما تستطيعان مساعدة العالم كله".
خالف تعرف
بيد أن يوري روجوليوف، مدير مؤسسة "روزفلت" للدراسات الأمريكية في جامعة موسكو الحكومية، وعلى طريقة "خالف تعرف!" في التحليل السياسي، الذي لا يستند إلى معطيات معينة، أكد لـ "راديو بيزنس إف إم" (24 /01 /2022) أنها لم تلتق الرئيس ريجان "سوى مرة أو مرتين"، وأنها "بهذا المعنى لعبت دورها".
ويذكِّر روجوليوف بأن "خلَف ريجان الرئيس جورج بوش-الأب هو الذي أنهى الحرب الباردة"، وأن "ريجان كان يفضل على أي حال إجراء المباحثات من موقع القوة"، وأنه كان يعتقد أن الضغط على الاتحاد السوفييتي و"حرب النجوم" هما اللذان أجبراه على الدخول في مباحثات".
وعلى أية حال، فإن رونالد ريجان الآتي من عالم السينما إلى عالم السياسة المعقد فكان بحاجة إلى شخص من وزن سوزانا ماسي بالذات، وإلى ثقافتها وموهبتها في الإقناع، لكي يزور موسكو في سنة 1988، ويقول في الساحة الحمراء: "أنا لم أعد أرى في الاتحاد السوفييتي "إمبراطورية للشر".