رئيس التحرير
عصام كامل

102 عام على ميلاد الشيخ محمد صديق المنشاوي.. الصوت الباكي الذي لم يمنعه مرضه من تلاوة القرآن

القارئ الشيخ محمد
القارئ الشيخ محمد صديق المنشاوي

له بصمة خاصة في التلاوة، يتميز بصوت خاشع ذي مسحة من الحزن، لُقِّب بـ"الصوت الباكي"، يُعدُّ أحد رواد التلاوة المتميزين بتلاوته المرتلة والمجودة، وأحد أعلام هذا المجال البارزين والمشهورين على مستوى العالم الإسلامي وسجل المصحف المرتل برواية حفص عن عاصم، وكان قارئًا في الإذاعة المصرية وتوفي مبكرًا عن عمر ناهز الـ49 عامًا.. إنه القارئ الشيخ محمد صديق المنشاوي.

مولده ونشأته

واليوم الخميس، تحل الذكرى الـ 102، لميلاد الراحل الشيخ القارئ محمد صديق المنشاوي، الذي ولد في الـ 20 من يناير عام 1920 بمدينة المنشاة التابعة لمحافظة سوهاج، وأتم حفظ القرآن الكريم وهو في الثامنة من عمره؛ حيث نشأ في أسرة قرآنية عريقة توارثت تلاوة القرآن، فأبوه الشيخ صديق المنشاوي وجده تايب المنشاوي وجد والده كلهم قُراء للقرآن، وفي أسرته الكثير ممن يحفظون القرآن ويجيدون تلاوته منهم شقيقه محمود صديق المنشاوي، فتأثر بوالده الذي تعلم منه فن قراءة القرآن الكريم، فأصبحت هذه العائلة رائدة لمدرسة جميلة منفردة بذاتها في تلاوة القرآن. 

في عام 1927 رحل إلى القاهرة مع عمه القارئ الشيخ أحمد السيد فحفظ هناك ربع القرآن، ثم عاد إلى بلدته المنشاة وأتم حفظ القرآن ودراسته على مشايخ مثل محمد النمكي ومحمد أبو العلا ورشوان أبو مسلم الذي كان لا يتقاضى أجرًا على التعليم.

الصورة
محمد صديق المنشاوي

رحلة المنشاوي مع القرآن

وبدأت رحلة الشيخ محمد صديق المنشاوي مع التلاوة بتجواله مع أبيه وعمه بين السهرات المختلفة، وفي عام 1952 سنحت له الفرصة أن يقرأ منفردًا في ليلة بمحافظة سوهاج، ومن هنا صار اسمه مترددًا في الأنحاء.

سجل المنشاوي القرآن الكريم كاملًا في ختمة مرتلة، كما سجل ختمة قرآنية مجودة بالإذاعة المصرية، وله كذلك قراءة مشتركة برواية الدوري مع القارئين كامل البهتيمي وفؤاد العروسي، وله أيضًا العديد من التسجيلات في المسجد الأقصى والكويت وسوريا وليبيا وتلا القرآن في المساجد الرئيسية في العالم الإسلامي كالمسجد الحرام في مكة المكرمة والمسجد النبوي في المدينة المنورة والمسجد الأقصى في القدس، وزار عددًا من الدول الإسلامية كالعراق وإندونيسيا وسوريا والكويت وليبيا وفلسطين والمملكة العربية السعودية.

محمد صديق المنشاوي – المصحف المعلم – Al coran Al karim
محمد صديق المنشاوي

عميد مملكة التلاوة

سيطر الشيخ محمد صديق المنشاوى على مملكة تلاوة القرآن الكريم في مصر والعالم العربي، وذاع صيته ولقي قبولًا حسنًا لعذوبة صوته وجماله وانفراده بذلك، إضافة إلى إتقانه لمقامات القراءة، وتأثره العميق بالمعاني والألفاظ القرآنية.

حصل الشيخ المنشاوي على أوسمة عدة من دول مختلفة، كإندونيسيا وسوريا ولبنان وباكستان، وكان على رأس قراء مصر في حقبة الخمسينيات مع القراء أمثال الشيخ عبد الباسط عبد الصمد وغيرهم من القراء وما زالوا إلى يومنا هذا على رأس القراء لما كان عندهم من رونق في صوتهم جعلهم يحرزون المراتب الأولى بين القراء.

وقال عنه إمام الدعاة الشيخ الراحل محمد متولي الشعراوي: “إنه ورفاقه الأربعة مقرئون؛ الآخرون يركبون مركبًا ويبحرون في بحر القرآن الكريم، ولن يتوقف هذا المركب عن الإبحار حتى يرث الله -سبحانه وتعالى- الأرض ومن عليها”.

محمد صديق المنشاوي (@Manshawi_1) / Twitter
الشيخ المنشاوي

موقفه مع جمال عبد الناصر

مر الشيخ محمد صديق المنشاوي بالعديد من المواقف المثيرة التي من أبرزها، أنه رفض طلب الرئيس جمال عبد الناصر، للقراءة في إحدى المناسبات، اعتراضًا على الأسلوب الذي تكلم به معه المندوب الذي أرسلته مؤسسة الرئاسة، عندما قال له المندوب: “ستنال شرف القراءة في حضور الرئيس جمال عبد الناصر”، فرد عليه الشيخ المنشاوي: “ولمَ لا ينال الرئيس شرف الحضور، لقراءتي للقرآن”، وقرر ألا يذهب حتى يعلم الرئيس عبد الناصر بما فعله مندوبه.

كما تعرض الشيخ المنشاوي لموقف آخر صادم، عندما تعمد بعض حاشية أحد القراء المنافسين له في الصعيد، تعطيل مكبر الصوت في أحد سرادقات العزاء، حتى لا يسمعه الحضور فيصيبهم الاستياء، أو يظنوا مرضه وعدم قدرته على القراءة، ففطن الشيخ للمكيدة، وأصر على القراءة، ولكنه قام وسار بين صفوف السرادق يقرأ القرآن بصوته العذب الذي أبكي الكثيرين في هذه الليلة.

وفاته

أصيب بمرض دوالي المريء في عام 1966، ورغم مرضه فإنه ظل يقرأ القرآن حتى رحل عن عالمنا في يوم الجمعة 5 ربيع الثاني 1389 هـ الموافق 20 يونيو 1969 م.

الجريدة الرسمية