حين يصبح أطفال مصر والعرب إسرائيليين!
كتبت كثيرا وما زلت أظن أهمية تكرار ما كتبته لاستمرار القضية بل وتفاقمها من جميع جوانبها وإن بدت على السطح أحيانا عكس ذلك، أقصد الصراع العربى الاسرائيلى الذى إنتقل إلى صورة أعتقد أنها الأخطر منذ بدأ، وأكثر خطورة من الصراع المسلح الذى يكون ظاهر ومحدد أمام الجميع.. للأسف انتقل الصراع إلى محاولات التغلغل في البنية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وقبلهم السياسية طبعا.
وبعيدا عن بعض التداخلات التي للأسف وجدت تباينا في بعض الآراء حولها من منطلق المصالح البحتة وقد ينطبق عليها المثل العامى المصرى "هى الحداية بترمى كتاكيت" سأعيد ما كتبته وكتبه غيرى منذ سنوات بعد تفاقم الظاهرة وأدعو كافة المراكز العلمية والمتخصصة دراسة الظاهرة بعمق، أقصد زواج الإسرائيليات من مصريين وأردنيين وفلسطينيين وبعض الجنسيات العربية الأخرى في الخارج أو من المتواجدين على أرض الكيان الصهيونى، وسواء كانت الزوجات من إسرائيليات أو ممن يطلق عليهن عرب 48، أى كل من يحملن الجنسية الإسرائيلية!
بداية لا توجد إحصائيات دقيقة عن عدد المصريين أو الأردنيين أو السوريين أو اللبنانيين وباقى الجنسيات العربية الأخرى الذين ذهبوا إلى إسرائيل للعمل أو السياحة أو للاستثمار أو للإقامة الدائمة بها أو من تزوجوا من إسرائيليات داخل أو خارج إسرائيل.. حيث تضاربت الأرقام والإحصائيات عن عدد المصريين ما بين 34 أو 36 ألف مصري إلى نحو 60 ألفا منذ سنوات.. وتتوالى مفاجآت الأرقام..
حين تشير تقارير صحفية نشرتها وسائل إعلام إسرائيلية عن مشاركة خمسة آلاف مصرى في الانتخابات الرئاسية الإسرائيلية عام 2021 يعنى شاركنا في إختيار قاتلنا وتثبيت أركان دولته.. ويتوالى تضارب الأرقام والإحصائيات حين يشير شكري الشاذلي رئيس رابطة المصريين في إسرائيل، إلى أن عددهم عام 2015 كان نحو 57000 مواطن بينما كان يبلغ 12 ألفا قبل بضع سنوات.. المهم وبعيدا عن الجدل حول الأرقام والإحصائيات والظروف الاقتصادية التى أدت إلى ذلك فهناك ملمح خطير جدير بدق نواقيس كل الخطر حوله!
نصنع الجواسيس علينا
لكن السؤال.. ما هو مصير ونتاج هذه الزيجات التى تتم بين مصريين وإسرائيليات؟ والأمر كذلك بين باقى الجنسيات العربية الأخرى وخاصة إذا عرفنا أن القانون الإسرائيلي يمنح الجنسية الإسرائيلية لأى متزوج من إسرائيلية، يعنى ببساطة سنجد غدا مئات الآلاف من الأطفال المصريين والعرب سيحملون الجنسية الإسرائيلية إلى جانب جنسياتهم الأساسية، وبالتالى سنكون جميعا أمام وضع مأساوى شديد التعقيد وأمام أجيال من أطفالنا لا يعترفون بقضايانا مع الكيان الصهيوني!
نعم هناك حكم قضائى أصدرته محكمة القضاء الإداري في القاهرة عام 2009 بإسقاط الجنسية المصرية عن المصريين الذين تزوجوا من إسرائيليات بمن فيهن الفلسطينيات من عرب 48، وذلك من منطلق أن هؤلاء يتزوجون من عميلات للموساد حتى يتم تجنيدهم لتنفيذ مخططات إسرائيلية عدوانية ضد الدول العربية كما أصدر مجلس الوزراء قرارا في سبتمبر 2014 بإسقاط الجنسية عن مواطنة حصلت على الجنسية الإسرائيلية!
لكن السيناريو السرطانى المتوقع ينتظرنا جميعا.. حتى لو أسقطنا الجنسية عن هؤلاء.. تعالوا نتخيل هذا المسلسل الكارثى إذا شب نزاع عسكرى بين العرب وإسرائيل فيمكن ان يتقاتل أبناء العائلة الواحدة بل ويكفى أن العرب وقتها سيقتلون بعضهم البعض، ألا يكون هذا وضعا مأساويا يستحق منا جميعا الوقوف أمامه.
ولن يقف الأمر عند هذه الكارثة بل سنجد هناك أوضاعا قد تبدو أقل خطورة لكنها تمس الأمن القومى المصرى أيضا حين نجد هذه الأجيال من الأطفال الإسرائيليين من آباء مصريين أو عرب يطالبون بحقهم فى الميراث فى أراض ومنشآت مقامة على أراض مصرية أو أردنية أو سورية.. ألا تتفقون معى أيضا عن كارثية هذا الوضع المتوقع!
ويبقى للذين لا يضعون فى عيونهم ذرة ملح ويتبجحون علينا بأن هناك اتفاقية سلام مع هذا الكيان ولن أرد عليهم بما يصفونه بشعارات ستينية تنتمى لعصر بائد عن القومية العربية والصراع العربى الإسرائيلى بوصفه صراع وجود وليس صراع حدود.. أرد على هؤلاء بما أكدته إدارة شئون المرأة في الجامعة العربية في تقرير استنادًا إلى تأكيدات مصادر أمنية مصرية أن مصر تكاد تستحوذ على معظم عمليات التجسس التي يقوم بها الموساد الإسرائيلي في المنطقة العربية، والأمر الآن في العديد من الدول العربية.
يعنى هذا الكيان الذى نرتبط معه باتفاقيات سلام يرسل لنا كل يوم جواسيسه، لكن الأخطر أن يكون بعض أولادنا هم جواسيسه.. هل نقف جميعا أمام توالد مئات الآلاف من الجواسيس منا.. علينا.. أو القتلة الجدد أو الوارثين الجدد بدماء مصرية وعربية بحقد وغل صهيونى بعد أن سلمناهم أمس واليوم بطوع أيدينا لكيان يربى ويزرع فيهم كل هذا الشر لنا؟!
yousrielsaid@yahoo.com