عبدالله النجار يشرح كيف يستعد الإنسان للقاء الله
الاستعداد للقاء الله يجب أن يكون قائما في ذهن كل إنسان يفهم مهمته في الحياة ويعي معنى عبوديته لربه سبحانه وتعالى فإن الله ما خلق الإنسان إلا ليعود إليه، ولهذا كتب الفناء على كل شيء وقال في محكم كتابه ( كل نفس ذائقة الموت)، وقال عز من قائل (كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ) ومن ثم كان مصير كل حي إلى الفناء.. فكيف يستعد كل منا لـ لقاء الله ؟
وأجاب الدكتور عبدالله النجار أستاذ الشريعة والقانون بجامعة الأزهر فقال: حيث كان مصير الناس الحتمي إلى لقاء ربهم، ولن يستطيع أحد أن يفلت من ذلك اللقاء أو أن يركن إلى أنه سوف يخلد في الحياة، ولهذا يجب أن يكون مستعدا لهذا اللقاء في أي وقت، لأنه تحت الطلب للقاء الله ، وأنه حينما يطلب له لن يعصمه من ذلك الطلب عاصم قال تعالى (أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة ) وقال سبحانه وتعالى ( فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) ومن ثم كان لقاء الله حتميا لا عاصم منهم.
عذاب الحساب
والكيّس من الناس هو الذي يعلم في كل وقت أن مصيره إلى ذلك اللقاء، ومن ثم يجب عليه أن يستعد له، وأن يتجهز بما رفع عنه الحرج وقته، فإن أعظم الحرج أن يقف العبد أمام ربه فيسأله عما قدم لنفسه، ولا يجد عنده الإجابة لذلك، أو لايكون في رصيده ما ينجيه من عذاب ذلك الحساب.
خير الزاد التقوى
إن لقاء الله ذاته عذاب وخجل إذا كان صاحبه غير مزود بما يجعله موفور الكرامة مرفوع الرأس مستور الطوية أمام ربه، وأمام الخلائق لعدم العرض عليه، وقد حذر الله عباده من الإخفاق عند لقائه، وأرشدهم الى ما يقيهم عناء ذلك اللقاء فقال ( وتزودوا فإن خير الزاد التقوى، واتقون يا أولى الألباب ).
والتزود بالتقوى الذي أشار إليه القرآن الكريم يتمثل في أمرين:أولهما: أداء الأمانة التي كلف بها الإنسان والحذر من خيانتها، وثانيها: إبراء الساحة من كافة الحقوق التي يدين العبد بها لربه أو لخلقه، وذلك كما يلي:
أولا: فيما يتعلق بأداء الأمانة والحذر من خيانتها، فإنه على المكلف حتى يكون مستعدا تمام الاستعداد للقاء ربه أن يؤدي أمانة التكليف وأن يحذر من مغبة خيانتها، وليس المراد بالامانة هنا هو مجرد رد ما قد يكون مودعا كأمانة لدى شخص، وإنما المراد به عموم ما يشمل به ذمة المكلف من الالتزامات التي تشغل بها الذمة، ومن ثم كان لفظ الأمانة شاملا لكل ما يجب على الإنسان أن يؤديه، ومن أهم تلك الواجبات المحافظة على حياة الناس وأعراضهم وأموالهم، فقال الله تعالى ( ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما.
حقوق العباد
ثانيا: أما إبراء الساحة فإنه يجب على الإنسان أن يؤدي ما عليه من حقوق العباد فإذا لم يستطع ان يؤديها لعجزه عن الوفاء، او لأن الظلم كان متعلقا بالعرض كما لو شهد زورا عليه، أو اغتابه، اومارس النميمة ضده، فإنه يجب عليه ان يستحل من ظلمه أو الإساءة إليه،، بأن تخبره انه قد اساء اليه يوما وتطاول عليه وسبه أو شتمه، وتطلب منه الصفح فإن لم يفعل ذلك فإن الله سوف يحاسبه على ذلك، لأن أول ما يحاسب عليه الناس يوم القيامة حقوق العباد.
أن الله قد يتنازل عن حقوقه لأن مبناها على الصفح والمغفرة، والله واسع الفضل والمغفرة، أما حقوق العباد يجب أخذ السماح من أهلها حتى يعفو الله عن الذي اعتدى عليها.