فإن لهم ذمة ورحما
كل عام ومع احتفال الإخوة الأقباط بأعياد الميلاد يتجدد الحديث حول ما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات، وقبل الحديث عن ذلك الأمر أود التنويه إلي حديث النبي صلي الله عليه وسلم المشهور عن أهل مصر قبل أن يدخلها الإسلام والوارد في صحيح مسلم عن أبي ذر: "إنكم ستفتحون أرضا يذكر فيها القيراط فاستوصوا بأهلها خيرًا فإن لهم ذمة ورحمًا"..
والذمة فضلا عن كونها عهدا يعطى للمواطنين غير المسلمين في دولة الإسلام بالحفاظ على أرواحهم وأموالهم وعدم المساس بأديانهم بحسب الفقهاء فإنها في أحد معانيها اللغوية تعني الحق والحُرمّة، وإذا أردنا معرفة هذه الحقوق فقد شرع لنا الله سبحانه وتعالي في آياته وأوضحت لنا السنة النبوية ما فعله رسولنا الكريم وصحابته الميامين مع غير المسلمين، ولعل في سيرة هؤلاء الأخيار الكثير والكثير من الحرص علي هذه الحقوق..
ويكفي الإشارة لما فعله عمر بن الخطاب عندما فتح بيت المقدس حينما رفض الصلاة في كنيسة بيت المقدس حفاظا علي حقوق الأقباط فيها، ولكي لا يتخذها المسلمون سنة من بعده، وما فعله مع المجوسي الذي خرج يطلب المال وقابله عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقال قولته المشهورة: (ما أنصفناك إن أكلنا شبيبتك، ثم نأخذ منك الجزية، ثم كتب إلى عماله أن لا يأخذوا الجزية من شيخ كبير) والعديد من هذه القصص والعبر نسوقها للتدليل علي حقوق هؤلاء التي أقرتها الشريعة الإسلامية وفعلها الرسول الكريم.
وأما الرحم فإن المصريين هم أخوال العرب من جهتين أولاهما زوجة خليل الله إبراهيم السيدة هاجر أم نبي الله إسماعيل والتي يقول علماء اتاريخ والأنساب أنها أم العرب وأما الرحم الثانية فإنها للسيدة مارية القبطية التي أهداها المقوقس عظيم مصر إلي رسول الله صلي اللع عليه وسلم حينما أرسل إليه الوفود داعيا إياه ومن معه إلي الإسلام وهي من أنجبت له ولده إبراهيم الذي توفاه الله وقال عنه صلي الله عليه وسلم "إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضى ربنا وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون".