رئيس التحرير
عصام كامل

في ذكرى وفاة عمرو بن العاص.. حقيقة تسببه في الخلاف بين علي ومعاوية.. وسر تسميته بداهية العرب

في ذكرى وفاة عمرو
في ذكرى وفاة عمرو بن العاص

كان عمرو بن العاص من سادة قريش في الجاهلية، فأبوه هو العاص بن وائل السهمي، وكان يحترف التجارة، فقد كان يسافر بتجارته إلى الشام واليمن ومصر والحبشة. كما كان من فرسان قريش. أرسلته قريش إلى أصحمة النجاشي ملك الحبشة ليرد عليهم من هاجر من المسلمين إلى بلاده. وحضر عمرو بن العاص غزوة بدر مع قريش ضد المسلمين، ثم حضر غزوة أحد، ثم غزوة الخندق.

إسلام عمرو بن العاص

لمّا عادت قريش إلى مكة بعد صلح الحديبية ذهب إلى الحبشة عند أصحمة النجاشي، فوجده اعتنق الإسلام، فاعتنق الإسلام هناك على يد النجاشي في السنة الثامنة للهجرة، ثم أخذ سفينة متجهًا إلى المدينة المنورة، فالتقى في الطريق بخالد بن الوليد وعثمان بن طلحة، فدخل ثلاثتهم المدينة المنورة في صفر عام 8 هـ معلنين إسلامهم. وحينها قال الرسول: "إن مكة قد ألقت إلينا أفلاذ كبدها".

منطق عمرو بن العاص

واشتهر عمرو بن العاص بحكمة كلامه وجمال منطقه. ومن جميل كلامه: “والله لا أملّ دابتي ما حملتني، ولا ثوبي ما وسعني، ولا زوجتي ما أحسنت عشرتي، إن الملال من سيء الأخلاق”. وكان يقول: “ليس العاقل من عرف الخير من الشر، ولكن العاقل من عرف خير الشرّين”. وكان الفاروق عمر بن الخطاب يحبه ويعجبه منطقه، وعندما كان يري رجلا لا يحسن الكلام كان يصكّ فاه، ويقول: “سبحان الله إن الذي خلق هذا خلق عمرو بن العاص”.

عمرو بن العاص حاكما لمصر

قضى عمرو بن العاص في فتح مصر ثلاث سنوات، وقد استقبله أهلها بالكثير من الفرح والترحيب؛ لما عانوه من قسوة الروم وظلمهم، وقد كانوا خير العون لعمرو بن العاص ضد الروم، وكان عمرو –رضي الله عنه- يقول لهم: يا أهل مصر؛ لقد أخبرنا نبينا أن الله سيفتح علينا مصر، وأوصانا بأهلها خيرًا؛ حيث قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: «إِذَا افْتَتَحْتُمْ مِصْرَ فَاسْتَوْصُوا بِالْقِبْطِ خَيْرًا؛ فَإِنَّ لهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا».

وكان عهد ولاية عمرو على مصر عهد رخاء وازدهار، فكان يحبُّ شعبها ويُحبُّونه، وكانوا ينعمون في ظلِّ حكمه بالعدل والحرية، وفيها قام بتخطيط مدينة الفسطاط، وأعاد حفر خليج تراجان الموصِّل إلى البحر الأحمر لنقل الغنائم إلى الحجاز بحرًا، وأنشأ بها جامعًا سُمِّيَ باسمه، وما يزال جامع عمرو بن العاص قائمًا إلى الآن بمصر.

قصة التحكيم

كان لعمرو بن العاص أثر كبير في الخلاف الذي نشب بين علي بن أبي طالب ومعاوية ابن أبي سفيان، إذ استطاع معاوية أن يغري عَمرًا بالانضمام إليه، وقد تجلى دهاء ابن العاص في حرب صفين عندما بدأت بوادر الهزيمة تتضح في جيش الشام، إذ نصح معاوية أن يأمر جنده برفع المصاحف على أسنة الرماح لإيقاف القتال والاحتكام إلى ما جاء في القرآن الكريم، وقد نجم عن ذلك انقسام في صفوف أنصار علي بين مؤيد ومعارض. كما خدع أبا موسى الأشعري ممثل علي بن أبي طالب في أمر التحكيم، إذ ثبت عمرو صاحبه في الخلافة، مخالفًا للاتفاق الذي تم بين الممثلين اللذين قررا خلع الطرفين معاوية وعلي ودعوة المسلمين إلى اختيار خليفة بدلًا عنهما.

رفض الخوارج الوضع الجديد فقرروا اغتيال علي ومعاوية وعمرو بن العاص في وقت واحد، إلا أن هذا القرار لم ينفذ إلا بعلي بن أبي طالب، وأخفق المكلفان الآخران في تحقيق هدفهما.

لكن على جانب آخر ذكر بعض الرواة أن تلك الأحداث المتداولة عن قصة التحكيم باطلة حيث ذكرها الراوي الشيعى لوط بن يحيى، المكني بأبي مخنف، وقد وصفه النقاد بأنه كذاب، ولا يوثق بروايته.

داهية العرب

إن مواقف عمرو هذه، وما نجم عنها من ظهور خلافات في صفوف أنصار علي بن أبي طالب، إضافة إلى نجاح سياسته في معاملة المصريين، جعلت بعض المؤرخين يعدونه أحد دهاة العرب الأربعة.

الجريدة الرسمية