رئيس التحرير
عصام كامل

أسسه عمرو بن العاص وانتهكه المماليك.. سوق الحسبة بدمياط منقذ الاقتصاد المصري

سوق الحسبة قديما
سوق الحسبة قديما

سوق الحسبة هو السوق الأشهر والأقدم في تاريخ دمياط، احتل مكانة كبيرة لدى ولاة مصر على مر العصور، بينما كان عصر صدر الاسلام هو عصره الذهبي، كان له الفضل في اهتمام حكام مصر بمحافظة دمياط، كما أنه كان صاحب الفضل الأكبر في حركة التجارة وإنقاذ ولاة مصر من الازمات الاقتصادية.

كان أحد أهم المنافذ التجارية في مصر والدلتا خاصة، اعتاد على استقبال الخيرات فهنا صوامع أقماح، وهنا جلود وأقمشة، هذا يبتاع الخضر والفاكهة، وذاك يبيع الأضاحى، وبين هذا وذاك يظل بيت المال عامرًا بالخيرات باحثًا عن أهل الحاجة.

موقعه

يقع مقر سوق الحسبة وسط دمياط بالقرب من شارع البحر، وكان لموقعه بالقرب من نهر النيل أثرا في اختياره سوقا "للحسبة".

أطلق عليه "جلاب الخير" وذلك لكثرة خيراته، كما كان لبحيرة "الخليج" الأثر الأكبر فى كل ذلك.


أصل التسمية

أطلق عليه "سوق الحسبة" إسوة لوظيفة المحتسب، والذى كان عمل تطوعي رقابي إبان الفتح الإسلامي لمصر كان  "المحتسب" يتولي مراقبة التجار والتزامهم بالأسعار والموازين، يبحثون  عن مظلمة أرباب السوق ورواده، فضلًا عن جمع الضرائب ونصيب بيت مال المسلمين، ومجازاة المخالفين وإصدار الأحكام ضدهم.

ظلت مهنة “المحتسب” تطوعية لقرون طويلة ولكن في عهد دولة المماليك، تبدلت الأحوال كثيرا فأصبح “المحتسب” أحد الوظائف الخاصة بالبلاط لم يأتى إليها سوي المقربون من الوالي، كما أصبح لها راتب من قبل الدولة فذهبت قيمتها وبدأت فى استغلال الغلابة.

التجريس.. والضرب.. والتشهير أشهر عقوبات "المحتسب" فى دمياط

تمتع  “المحتسب” في عهد المماليك بالعديد من الصلاحيات المطلقة فى اتخاذ القرار المناسب لمن يثبت مخالفته للشروط، وتتفاوت العقوبات حسب وجهة نظره، فكان التجريس أحد أشد العقوبات النفسية التى كان يلجأ إليها وهى أن يطوف التاجر المخالف أرجاء السوق ليعرف الجميع أنه من المخالفين، فيما يأتى السجن والضرب كأحد العقوبات التى كان يقوم بتنفيذها لردع المخالفين أو من يرفض دفع الاتاوة.


"الجمالى" أشهر محتسب جاء دمياط

فى عام 873هـ قام السلطان قايتباى بتعين "يشبك الجمالى" محتسبًا لأسواق مصر، وعقب صدور قرار تعينه ذهب “الجمالي” لدمياط مفضلا التمركز في سوق الحسبة.

اشتهر “محتسب قايتباي” بغلظة قلبه وظلمه لتجار السوق، راح يجمع الجباية نظير السماح للتجار بالتلاعب في الموازين، ابتكر أنواعا عديدة من العقوبات لإهانة من يرفض دفع الجباية المقررة.


بائع التين الدمياطى كان سبب استبعاد الوالى

في أحد الأيام وتحديدًا  سنة 875 رفض بائع تين غلبان بدمياط، أن يدفع الرشوة المعهودة لزبانية المحتسب فاحتملوه إلى ذلك الطاغية فضربه الثلاث علقات المعهودة، ثم قام بتعليقه عاريا على باب دكانه في هيئة فظيعة، إذ علقه من ذراعه وربط ذراعه الأخرى في ظهره، ثم لطخ جسده بالعسل وتركه في الشمس فتجمع عليه النحل والذباب  " فقاسى من العقوبة ما لا يوصف".

كان لذلك أثره عند السلطان "قايتباى" فراح على الفور بإصدار فرمانًا بعزل "الجمالى" ومحاكمته لما بدر منه حيال البائع.

السوق الآن

لم يمتنع سوق الحسبة عن جلب الخير لأهالي المحافظة، أصبح واحدا من الأسواق الشهيرة التي مازالت تستقبل الباعة والتجار، بحثا عن ترويج بضائعهم، فقط اختفي المحتسب.

الجريدة الرسمية