واختطفتني السنوات
تنسحب السنوات واحدة تلو الأخرى، فتأكل من أعمارنا كما تأكل النار الحطب، نغلق أعواما ونفتتح أخرى، ومع كل بداية نسترجع ما مر في سنوات الطفولة والصبا، أيام الحيوية والشباب، إلى أن قفزنا فى غمضة عين إلى الحقبة التي تقترب من حافة الخمسين لا يفصلها عنها سوى سنوات قليلة.
أتصفح مواقع الانترنت، تقودني أصابعي للبحث عن أغنياتي القديمة إبنة حقبة الثمانينات والتسعينات، انسحب من أغنية إلى أخرى ومع كل نغمة يزداد الشجن والحنين إلى أعوام وساعات خلت ولن تعود.
افتتحت عامى السادس والأربعين منذ شهر ونيف، ولا أدرى حتى الأن إن كنت قد ازددت حكمة ودراية بتقدير الأمور من حولي، أم توقف بي الحنين عند مرحلة الصبا، يوم أن كنت أعيش لنفسي، لا يهمنى القادم، لا أفكر فيما فات، تسعدني اللحظة بذاتها، انتشي بساعات المرح، ألهو وأصادق بلا حسابات.
على حين غرة اختطفتني السنوات أنا وأبناء جيلي، نستمع إلى ألحان الماضي طربا، وبالأحرى حنينا وشجنا إلى دائرتها الطيبة البسيطة الصادقة، وقد كانت معادلة السعادة، إقتناء ألبوم أغاني جديد، ومشاهدة فيديو كليب بسيط، يكملها بنطالا جديدا، أو قميصا شبابيا مزخرفا.
نستقبل اليوم بمشيئة الله، وليد الألفية الجديد، وقد ساوى العامين الأخيرين منها، كل العشرين الفائتة، ففيهما فقدنا الكثير من الأحباب والأصحاب والأهل، فتك بالبشرية فيروس لعين أرهق علماءها، وأفنى أعمار شبابها وشيوخها، ويحدونا الأمل بأذن الله فى أيام مقبلة تحفل بالسعادة والحب والخير، بانتصار العلم التام على هذا الوباء، وعودة مجريات الحياة إلى طبيعتها كما كانت.
نأمل في أيام مقبلة من الخير والنماء لمصرنا الحبيبة، عام يخلو من البغضاء والكراهية، يحقق فيه كل منا ما يصبو إليه من توفيق وراحة وسعادة.
كل عام وأسرتي الحبيبة في "فيتو" بكل الخير، وكل عام وكل قارئ لتلك السطور بخير، كل عام ومصر الغالية بكل الخير والسعادة والعلو والنماء.