الجد الأزهرى والأم الممثلة.. حياة المتناقضات صنعت شخصية إحسان عبد القدوس
احسان عبد القدوس هو أحد الشخصيات الأدبية والسياسية والفكرية في تاريخ مصر الحديث، جمع بين الكتابة الأدبية في مجال الرواية والقصة القصيرة وبين الكتابة في مجال السياسة، كما مزج حبه للوطن بمعشوقتين الرواية والسياسة.
نشأ إحسان عبد القدوس في أسرة جمعت بين المتناقضات فجده الشيخ رضوان من خريجى الأزهر ورئيس المحاكم الشرعية المتمسك بأوامر الله، بينما والدته ووالده على النقيض منه فقد عشقا الفن حتى عملا به.
ولد الكاتب الاديب احسان عبد القدوس في مثل هذا اليوم الأول من ينايرعام 1919 ويحكى الكاتب الكبير عن بدايته في كتاب ( مذكرات ثقافة تحتضر ) وهى عبارة عن حوار مع الأديب غالى شكرى يقول: ولدت في مستشفى الدكتور سامى بالقاهرة، وافترقت أمى عن أبى قبل ولادتى بشهرين، وبعد شهور من ولادتى وضعنى أبى الفنان محمد عبد القدوس في بيت جدى لتربينى عمتى حتى حصلت على شهادة التوجيهية، وعندما دخلت الجامعة انتقلت للعيش مع أمى الفنانة الصحفية صاحبة الاسم اللامع التي تركت المسرح لتنشئ اول مجلة نسائية في الشرق.
مرحلة الشيخ رضوان
يقول إحسان عبد القدوس:
إن الكتابة موهبة موروثة عن أبى قلدته وانا في العاشرة فكتب مسرحية واحدة بعنوان (المعلم علم التلميذ) فأصبحت الكتابة ملعبى، لكن كان لتعدد المجتمعات التى نشأت فيها، فقد تربيت فى بيت جدى الشيخ رضوان فى شبرا اليمن وهو المجتمع الدينى المحافظ على التقاليد، وكان أطفال الحى يعايروننى بأنني ابن الممثلة روز اليوسف.
محامي فاشل
تخرجت في كلية الحقوق عام 1942 وكنت محاميا فاشلا لا أجيد المناقشة والحوار وكنت ادارى فشلى في المحكمة بالصراخ والمشاجرة مع القضاة بالمرح والقاء النكت وهو الامر الذى افقدنى احترام القضاء وعدم تعاطفهم معى فودعت أحلامى لكى أكون محاميا.
والدى كان مهندسا للطرق والكبارى لكنه يعشق التمثيل، تعرف على والدتى روزا حين كان يقدم فاصلا من المونولوجات على خشبة المسرح بالنادى الاهلى جاء الحب والزواج واعترض الجد الازهرى على هذا الزواج واصر والدى على الزواج وترك وظيفته وتفرغ للفن.
كان جدى يعقد ندوات في بيته وأنا طفل صغير يحضرها رجال الازهر وتضم دروسا دينية، وكانت أمى تعقد ندوات يشترك فيها كبار الادباء والشعراء والروائيين والسياسيين وأنا اتنقل بين الندوتين.
مجتمع المشاهير
إن كل نجوم الأدب والسياسة فى مصر كانوا دائما فى بيت أمى العقاد والتابعى وأحمد شوقى ومحمد حسين هيكل كانت صلتى بهم وثيقة وعن طريقهم كانت بدايتى الصحفية فقد وجدت نفسى منذ وعيت فى مجتمع يضم الناجحين.
من اهم المحطات في حياتى تولية رئاسة تحرير مجلة روز اليوسف وعمرى 26 عاما وتركت رئاسة التحرير وقدمت استقالتى الى السيدة روز اليوسف لأبدأ السلم الصحفى مع استاذى محمد التابعى في آخر ساعة والاخبار.
هكذا وصف الأديب الصحفى إحسان عبد القدوس نفسه بشجاعة ونبل صاحب الكلمة الجميلة والعبارة الرشيقة والفكرة الجريئة، صاحب الرأى الحر، أنشأ مدرسة صحفية متميزة فى دار روز اليوسف.
مدرسته الأدبية هى مدرسة الرفض للقيود التى تكبل المشاعر لكنها تسمح بالبوح والرفض للقبح، مدرسة تعالج المشاكل الأسرية والشخصية شديد الواقعية فى كتاباته الصحفية، فى حين كان رومانسيا شديد الرقة فى رواياته.
يقول احسان عبد القدوس: أجمل ما أعتز به هو أن لى دائما قراء فى سن الصبا، السن التى تتأرجح بين العاشرة والعشرين، وكل جيل منهم يكبر ويصبح جيل زوجات وأمهات وآباء .
السجن ثلاث مرات
ويضيف: ليس معنى هذا ان كل قرائى قراء قصص وخواطر اجتماعية من فئة الشباب ،فقد كان فكرى السياسى أيضا يعتبر محرما وهو فكر كان يرتفع عن الواقع فى سبيل التطلع الى المستقبل لذلك كان مرفوضا.. فقد تعرضت للكثير بسبب فكرى، سجنت ثلاث مرات وتعرضت للاغتيال اربع مرات
فى ذكرى ميلاده عام 1961 كتب الاديب احسان عبد القدوس كلمة في مجلة صباح الخير يقول فيها:يخيل إلى أن الناس تسكر في ليلة رأس السنة لا لتنسى العام الماضي، ولكن لتنسى العام القادم، أما أنا فإنى لا أطمع في أن تجعل الناس يحبونني، ولكنى أطمع في أن تساعدني على حب الناس، ظللت سعيدا لأنى طفلا لكنى عندما ماتت أمى لم أعد طفلا.