علي جمعة: دراسة السنن الإلهية أصبحت واجبة لتجديد الخطاب الديني
قال الدكتور علي جمعة، المفتي السابق للجمهورية، عن سنة التوازن: إن الاستقرار هو الأساس الذي يجب أن ينتهي إليه النشاط الإنساني بعد التوتر الذي يبدأ به، وأكد أن التكليف بالأحكام مرتبط ارتباطا تاما بالسنن الإلهية المحيطة بنا، مضيفا أن تطبيق هذه الأحكام، من خلال فهمنا للسنن، هو الضامن لتحقيق هدفها والوصول إلى مقاصدها.
دراسة السنن الإلهية
وطالب علي جمعة بدراسة السنن الإلهية، مؤكدًا أنه أصبح واجبًا، يمكن أن يفيد الإنسان والإنسانية بنظرة جديدة لمجموعة العلوم الاجتماعية والإنسانية، مشيرًا إلى أن دراسة السنن الإلهية يمكن التهيؤ لتجديد علمي واعي للخطاب الديني.
وكتب علي جمعة تدوينة على الفيس بوك قال فيها: "سنة التوازن: وهي سنة قد أشار الله إليها كونيا، قال تعالى: ﴿وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ﴾، وقيميا قال تعالى: ﴿وَأَقِيمُوا الوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تُخْسِرُوا المِيزَانَ﴾، وقال سبحانه: ﴿اللَّهُ الَّذِي أَنزَلَ الكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ﴾، وقال تعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾.
واضاف: "ونرى مرة ثانية أن الاستقرار هو الأساس الذي يجب أن ينتهي إليه النشاط الإنساني بعد التوتر الذي يبدأ به، وإذا تحدثنا عن مثل هذه السنة لرأينا أنها سنة كونية وسنة قيمية، ونأخذ منها موقفنا من قضايا البيئة وموقفنا من قضايا الفكر، وموقفنا من مفهوم العدل خاصة إذا رأيناها تمتد إلى الآخرة والحساب وتمثل دالًا على عدل الله سبحانه، قال تعالى: ﴿وَنَضَعُ المَوَازِينَ القِسْطَ لِيَوْمِ القِيَامَةِ﴾، وقال سبحانه: ﴿وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الحَقُّ﴾ والذي لابد للإنسان أن يتمثل به ثم يأتي التكليف على وفق هذه السنة مشيرا إلى أن التكليف بالأحكام مرتبط ارتباطا تاما بالسنن الإلهية المحيطة بنا، وأن تطبيق هذه الأحكام من خلال فهمنا للسنن وتفاعلنا معها هو الضامن لتحقيق هدفها والوصول إلى مقاصدها يقول تعالى: ﴿فَأَوْفُوا الكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾.
المبادئ العامة القرآنية
وتابع: "إن دراسة السنن الإلهية بل واستقلال علم بدراستها وبيان علاقتها مع المبادئ العامة القرآنية التي تكون أيضا عقل المسلم من فوح قوله تعالى: ﴿وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾، وقوله سبحانه ﴿وَلَكُمْ فِي القِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ﴾، وقوله تعالى: ﴿عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ﴾، وقوله سبحانه: ﴿وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى﴾، وقوله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ إلى آخر ما هنالك من أسس ومبادئ تبين أن الضرر يزال واليقين لا يرفع بالشك، والأمور بمقاصدها ونحو ذلك".
وتابع جمعة: "أقول إن دارسة السنن الإلهية أصبح واجبا يمكن أن يفيد الإنسان والإنسانية بنظرة جديدة لمجموعة العلوم الاجتماعية والإنسانية ويمكن بهذه النظرة أن تتهيئ لتجديد علمي واع للخطاب الديني".
تجديد الخطاب الديني
وأضاف "لقد ألف المرحوم الشيخ محمد الصادق عرجون عن السنن الإلهية، ودعا الشيخ رشيد رضا في المنار إلى الالتفات إليها، ومن المحدثين تكلم عنها د. جمال عطية، وكتبت السيدة زينب عطية موسوعة لها، وللدكتور عبد الكريم زيدان كتاب مستقل، وهناك إسهامات د. مصطفى الشكعة وتلامذته في هذا الشأن"
واختتم قائلًا: "إن توليد العلوم والذي توقف في القرن الرابع الهجري، وتوليد الحضارة منها على مقتضيات العصر الذي نعيشه هذا هو الأصل في تجديد الخطاب الديني بعيدا عن الجهالة وعن الأماني وعن الآمال التي قد تخطر ببالنا مع كسل مريع في تحصيل العلم".