جيل القصيرات
لا اقصد الإساءة، فليس من طبع ولا صنع هذا القلم النيل من أقدار الناس، ولا جرح مشاعرهم، إنما القصد هو الرصد، لظاهرة باتت شبه عامة فى الجيل الجديد من بناتنا فى الفن وفى السكان بصفة عامة، وإن كانت أقل في الخلفة المصرية من الذكور. إنهن أقصر قامة بشكل يدعو للتساؤل: ماذا جرى وماذا طرأ؟ على مدى سنوات أتعامل وأرى وأدرس لطلاب وطالبات فى الجامعات، فراعنى أن الفتيات قصيرات، وهو قصر أقل من المعتاد والمقبول. ترى الطول يليق بطفلة والصوت لفتاة.
بدأت ظاهرة النساء الصغيرات القصيرات مع حنان ترك ومنى زكى.. حنان أقصر طبعا، وفى جيلها أيضا قصيرات كثيرات، وكان معهن فى تلك الفترة نجمتان باسقتان، شيرين سيف النصر بشقرتها وبياضها وطولها، وجيهان نصر بقامتها الفرعة وسمرتها المصرية الحلوة.
أذكر ملحوظة ذكية للمرحوم ممدوح الليثي، حين ضحك وهو يقول لى: الجديد كله قصير.
ظاهرة التقزم
يسرا فرعة ما شاء الله. غادة عبد الرازق فرعة ضعفين. هند رستم الأنوثة الراقية بالطول والقوام واللفتات.
مريم فخر الدين. مديحة يسرى. كلهن شجرات باسقات. حتى متوسطات الطول مثل شادية وفاتن حمامة ونجلاء فتحى ومديحة كامل ولبنى عبد العزيز وغيرهن في جيلهن كن نساء مكتملات القامة لا بذور نساء لم تكتمل القامة.
وفى المسلسلات المصرية الحالية، انظر ودقق وأرصد سترى أنهن في أجسام صبايا صغيرات وأصوات ناضجة. الجسم جسم طفلة والصوت لامرأة!
يصعب على المرء كثيرا قبول الأداء التمثيلي الذي يحمل هذا التناقض الخلقى الفنى في سياق ينبغي أن تكون فيه المرأة امرأة شكلا وموضوعا. لا أقول إنهن لسن نساء، بل أيضا أعود وأذكر بأننى أرصد حالة.. أتساءل أهي تقزم؟
أهذا القصر هو آخر المطاف؟ وكما أن الطول المفرط يهدر القيمة الشكلية والاجتماعية، لا القيمة الإنسانية بالطبع، فكذلك يصبح استمرار إنتاج إناث قصيرات القامة من البطن المصرية مؤشرا يحتاج للدراسة والبحث. نسأل مثلا ما العوامل التى عكست الطول قصرا. هل الأسباب وراثية؟ هل انتهى عصر الأمهات الطويلات أو متوسطات القامة، وبالتالي فإن المتزوجات القصيرات سينجبن قصيرات مثلهن أو أقصر ربما؟
هل للتغذية دور في الإنجاب الحالي لقصيرات القامة، مترا وبعض المتر؟! التقزم أيضا في طلاب المدارس من الذكور، والبعض يعزوه إلى سوء التغذية.. لكن المطلوب نظرة أشمل وأدق، لعلاج هذه الظاهرة، قبل تفشيها. حين تقصر قامة أبناء المجتمع تقصر قامة المجتمع.. ويحرم الوطن من قدرات الطول اللازمة لمنافع ووظائف عديدة.
تريثت طويلا وشهورا قبل أن أجرؤ وأكتب هذه الملحوظة أن تجرح أحدا، لكن القصد كما قلت هو الإنتباه إلى ظاهرة التقزم الحالية.. ووضع المشكلة فى إطارها السكاني، وهل هي في الحضر أكثر من الريف آم العكس أم التقزم لم يغادر ريفا ولا حضرا؟
فى مقاييس الأنوثة يقولون إن السيدة المتوسطة والقصيرة أشد جاذبية وعاطفة حميمية.. نعم.. لكن: مترا وبضع متر.. مسألة تدعو للمراجعة العلمية والطبية.