ڤيتو داخل فيلا الشيخ
مقبرة بأمر الرئيس.. حكاية مدفن الشيخ مصطفى إسماعيل في الغربية|فيديو
قدمت "فيتو" من خلال بث مباشر لها عبر صفحتها الشخصية ذكري وفاة الشيخ مصطفى إسماعيل من داخل الفيلا الخاصة بالقارئ الراحل، وتوجد بها مقبرته في مركز السنطة بمحافظة الغربية وتعرفنا من خلاله علي قارئ الملوك والرؤساء الشيخ مصطفي اسماعيل بمسقط رأسه.
.
ولد الشيخ مصطفى إسماعيل فى 17يونيو 1905 بقرية ميت غزال التابعة لمركز السنطة بمحافظة الغربية وكان أول حفيد لجده الشيخ مرسى إسماعيل.
يقول المهندس توفيق الجمال نجل شقيقة الشيخ: كان جده الشيخ مصطفى يقوم برعايته ووجد فيه عذوبة الصوت فأرسله إلى الشيخ إدريس فاخر الذى علمه القرآن وتجويده وذاع صيته لعذوبة صوته وكان يرسله جده إلى القرى المجاورة لإحياء المآتم دون الحصول على أجر وكان يرسل إليه الطعام على "الركوبة" لمدة 3 أيام التى كان يقرأ فيها حيث كانت عادة القرى أن تتم القراءة فى المعازى 3 أيام متتالية.
وعندما بلغ سن 13 سنة أرسله إلى المعهد الأحمدى بطنطا والذي كان أحد فروع الأزهر الشريف وتعلم تجويد القرآن بعدة قراءات وكان يطلب منه محفظ القرآن داخل المعهد الأحمدى عقب كل درس للقرآن أن يتلو القرآن بصوت عذب لمدة 5 دقائق وكانت تربط المحفظ علاقة صداقة قوية بنجل القصبى باشا وأثناء ذلك توفى القصبى باشا فى تركيا وتم نقل جثمانه إلى القاهرة لدفنه بمقابر العائلة بطنطا، وحضر الجنازة والعزاء حيدر باشا وزير الحربية آنذاك ومصطفى النحاس رئيس الوزراء وعدد من الوزراء والشخصيات العامة بحضور عظماء قراء القرآن الكريم أمثال الشيخ محمد رفعت والشيخ أبو العينين شعيشع والشيخ محمود صبح والشيخ عبد الفتاح الشعشاعى وحضر مندوب من القصر الملكى وقرأ الشيخ مصطفى إسماعيل القرآن الذى أبهر الحضور بصوته العذب.
وأثناء تلك الفترة ذهب لقراءة القرآن فى أحذ المعازى بدمياط وتعرف على والد زوجته الشيخ محمود عمر صاحب مدارس"عمر" ومكث فى بيته 3أيام طوال فترة العزاء وشاهد ابنته فاطمة وفى العام الثانى توجه إلى دمياط لإحياء الذكرى الثانوية ورأى وفاتح والدها فى الزواج منها وحضرت أسرتها إلى قرية ميت غزال للتعرف على الأسرة وتمت الموافقة على الزواج وأنجب منها 6 أبناء 3 ذكور وهم عاطف وسمير ووحيد، و3بنات وهن إنجى، وهمت، وماجدة واستقروا فى القرية وكونوا أسرهم وقام بشراء قطعة أرض لبناء منزل عليها وإنشاء استراحة شخصية للاقامة بها عند قدومه لقريته.
وقال حفيده "مصطفى" ابن نجله وحيد الذى كان يعمل وكيل أول وزارة بوزارة الإعلام والذى كان ملاصقا لوالده طوال حياته لوجود شقيقيه الاثنين عاطف وسمير بألمانيا إنه توجه إلى الميكانيكى بطنطا بسيارته "ماركة بكار" لإصلاحها فقال له إن هذه السيارة إصلاحها سيكون بالقاهرة وهذه كانت نقطة تحوله للإقامة بها.
في عام 1944 أصدر الملك فاروق فرمانا ملكيا بتعيين الشيخ مصطفى إسماعيل قارئًا للقصر الملكى.
واضاف "الجمال" سافر الشيخ مصطفى إسماعيل إلى العديد من دول العالم بعد أن ذاع صيته وعقب ثورة 23يوليو استمر القارئ الرسمى للدولة عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وقام بتكريمه فى عيد العلم وحصل على وسام الجمهورية من الطبقة الأولى هو وأم كلثوم فى أول عيد للعلم بمصر.
واكد "الجمال" أن الشيخ قرأ فى عزاء الرئيس الراحل جمال عبد الناصر واختاره السادات ليكون قارئا رسميا للقصر الرئاسى وذهب الشيخ مصطفى إسماعيل إلى بيت المقدس لقراءة القرآن بالمسجد الأقصى 3 مرات آخرها عام 1977 عندما اصطحبه الرئيس السادات فى زيارته للكنيست الإسرائيلى وقراءة القرآن بالمسجد الأقصى وأذن لصلاة العيد الأضحى فى المسجد الأقصى.
وسافر الشيخ مصطفى إسماعيل ماليزيا وأمريكا وألمانيا وكندا ودول إفريقيا ولبنان وكان يفضل الذهاب إلى لبنان باستمرار لإحياء حفلات القرآن الكريم وكانت تربطه علاقات وطيدة بالوزراء اللبنانيين وحصل على وسام الأرز وهو أعلى وسام بلبنان.
ويعد الشيخ مصطفى اسماعيل من أبرز القارئين في المائة عام الأخيرة، فقد تربع على عرش دولة التلاوة المصرية بعد الشيخ محمد رفعت واختارته منظمة اليونسكو الدولية كأحد الأصوات المؤثرة لأكثر من خمسين عاما.
واستطاع الشيخ مصطفى اسماعيل، الذي يوافق اليوم ذكرى رحيله، أن يغرد بالقرآن بأكثر من ١٩ مقاما، حيث مكنّه صوته العذب أن يصبح من أشهر المشايخ وأعظمهم، حيث ترك وراءه ١٣٠٠ تلاوة قرآنية ما زالت تُبث عبر الإذاعات كافة.
فنون المقامات
والشيخ مصطفى هو ابن مدرسة التصوير النغمى للقرآن، وهى مدرسة عظيمة تلت ونافست مدرسة الإحساس التى أسسها الشيخ أحمد ندا وكان من أعظم من أنجبت الشيخ محمد رفعت؛ وفي حوار نادر للشيخ مصطفى مع الإعلامى المعروف طارق حبيب، قال إنه لا "ينجلي" إلا أمام مستمعيه وفى القراءات الحية وأنه لا يفضل تسجيلات الإذاعة ولا يرضيه صوته فيها.. وقال مثلا إنه يحتاج إلى وقت فى بداية تلاوته لتسخين صوته (أو توضيبه حسب وصفه)، وبنص كلماته: لازم يمهلونى ربع ساعة على بال ما أملك نفَسي.. لازم أقعد شويه وأستلهم المدد من الله.. وقال مثلا إنه تعلم فنون المقامات سماعيا وبالممارسة العملية، وحكى أنه بدأ التلاوة مرة بالبسملة وفوجئ بمستمع يعترض ويقول له "ما تنفعش"، فأدرك أنه لم يختر الدخلة المناسبة، فراح "يكح" عدة مرات ثم بدأ القراءة من جديد واختار مقاما آخر نال الاستحسان..!
ولعب “السميعة” فى تجربة الشيخ مصطفى إسماعيل، دورا هامًا، لذلك كان يردد عبارته المشهورة: ربنا يبعت المزاج على قد السميعة.. فهو قارئ سرادقات وليس استديوهات، فإذا ما سمعته فى استوديو تحس أنه مجرد قارئ عادي، أما فى وجود جمهور فأنت أمام صوت فذ يأتى بالأعاجيب وأحيانا كان بعض مستمعيه "يُسكره" الصوت المبدع فيُخرجه عن شعوره، مثلما حدث مرة عندما تجلى الشيخ فى سورة "يوسف" فقام واحد من الجمهور يهتف فى انفعال تلقائي: يعنى وبعدين معاك يا شيخ مصطفى؟!
وينتمي صوت الشيخ مصطفى إلى فئة "الباريتون" حسب التصنيف الأوبرالي، وكان يتميز بالتمرد، فيذهب إلى الطبقات الحادة جدا التى يجتهد صاحب التينور ليصل إليها أو يمسك بها، فيضغط على صوته حتى لا يفلت منه الجواب أو جواب الجواب، خاصة فى جواب جواب البياتى والحجاز والكرد والصبا، كان قادرا على أن "يعفق" هذه المقامات ببراعة.. كما كان القارئ الوحيد الذى استخدم مقام السيكا فى الترتيل.
وعن وفاته قال نجل شقيفته ذهب خالي بعد وفاة أبيه لقرية ميت أبو الكوم بمحافظة المنوفية والتقى بالرئيس السادات ونقل إليه وصية الشيخ مصطفى إسماعيل بأن يدفن بمنزله وعلى الفور أمر الرئيس السادات محافظ الغربية آنذاك ببناء ضريح بجوار منزله بمسجده ونقل إليه وأقيمت ليلة العزاء بمسجد عمر مكرم.
وأقيمت له جنازة رسمية يوم الخميس 28 ديسمبر 1978.
و حصل الشيخ مصطفى إسماعيل على وسام الاستحقاق من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وعلى وسام الأرز من لبنان عام 1958، ووسام الفنون عام 1965، ووسام الاستحقاق من سوريا، كما حصل على أعلى وسام من ماليزيا، ووسام الفنون من تنزانيا
ويبقي لنا ما تركة الشيخ من تراث التلاوات.. ويجب علينا ان نترحم علية جميعًا بالدعاء والمغفرة