كيف أتقن مصطفى إسماعيل فنون التلاوة دون دراسة؟ |فيديو
يعد الشيخ مصطفى اسماعيل من أبرز القارئين في المائة عام الأخيرة، فقد تربع على عرش دولة التلاوة المصرية بعد الشيخ محمد رفعت واختارته منظمة اليونسكو الدولية كأحد الأصوات المؤثرة لأكثر من خمسين عاما.
واستطاع الشيخ مصطفى اسماعيل، الذي يوافق اليوم ذكرى رحيله، أن يغرد بالقرآن بأكثر من ١٩ مقاما، حيث مكنّه صوته العذب أن يصبح من أشهر المشايخ وأعظمهم، حيث ترك وراءه ١٣٠٠ تلاوة قرآنية ما زالت تُبث عبر الإذاعات كافة.
فنون المقامات
والشيخ مصطفى هو ابن مدرسة التصوير النغمى للقرآن، وهى مدرسة عظيمة تلت ونافست مدرسة الإحساس التى أسسها الشيخ أحمد ندا وكان من أعظم من أنجبت الشيخ محمد رفعت؛ وفي حوار نادر للشيخ مصطفى مع الإعلامى المعروف طارق حبيب، قال إنه لا "ينجلي" إلا أمام مستمعيه وفى القراءات الحية وأنه لا يفضل تسجيلات الإذاعة ولا يرضيه صوته فيها.. وقال مثلا إنه يحتاج إلى وقت فى بداية تلاوته لتسخين صوته (أو توضيبه حسب وصفه)، وبنص كلماته: لازم يمهلونى ربع ساعة على بال ما أملك نفَسي.. لازم أقعد شويه وأستلهم المدد من الله.. وقال مثلا إنه تعلم فنون المقامات سماعيا وبالممارسة العملية، وحكى أنه بدأ التلاوة مرة بالبسملة وفوجئ بمستمع يعترض ويقول له "ما تنفعش"، فأدرك أنه لم يختر الدخلة المناسبة، فراح "يكح" عدة مرات ثم بدأ القراءة من جديد واختار مقاما آخر نال الاستحسان..!
دور السميعة
ولعبت “السميعة” فى تجربة الشيخ مصطفى إسماعيل، دورا هامًا، لذلك كان يردد عبارته المشهورة: ربنا يبعت المزاج على قد السميعة.. فهو قارئ سرادقات وليس استديوهات، فإذا ما سمعته فى استوديو تحس أنه مجرد قارئ عادي، أما فى وجود جمهور فأنت أمام صوت فذ يأتى بالأعاجيب وأحيانا كان بعض مستمعيه "يُسكره" الصوت المبدع فيُخرجه عن شعوره، مثلما حدث مرة عندما تجلى الشيخ فى سورة "يوسف" فقام واحد من الجمهور يهتف فى انفعال تلقائي: يعنى وبعدين معاك يا شيخ مصطفى؟!
وينتمي صوت الشيخ مصطفى إلى فئة "الباريتون" حسب التصنيف الأوبرالي، وكان يتميز بالتمرد، فيذهب إلى الطبقات الحادة جدا التى يجتهد صاحب التينور ليصل إليها أو يمسك بها، فيضغط على صوته حتى لا يفلت منه الجواب أو جواب الجواب، خاصة فى جواب جواب البياتى والحجاز والكرد والصبا، كان قادرا على أن "يعفق" هذه المقامات ببراعة.. كما كان القارئ الوحيد الذى استخدم مقام السيكا فى الترتيل.