لماذا لا يتذكر التونسيون لـ"الإخوان" إلا الفقر والفساد؟
زادت الأزمة أو ظهرت بعض خيوط الحل، لا يتذكر التونسيون لـ “الإخوان" الآن، إلا الحقبة الصعبة التي شهدت توليهم أرفع مناصب الدولة، وفشلهم التام الذي شكل مفاجئة كبرى، لمن كان يراهم الأكثر جاهزية للتصدي للمهمة في كل بلدان المنطقة بعد أن سقطت الأنظمة القديمة في ظروف صعبة لم تترك بدائل للسلطة إلا الإسلام السياسي.
أسوأ أيام تونس
ويقول علي الصراف، الكاتب والباحث، إن حركة النهضة التونسية من أسوأ ما لتونس من ذكريات، موضحا أن راشد الغنوشي زعيم الحركة المتمسك بالسلطة حتى الآن، لم يعد إلا واحدا من رجال الماضي، الذين تجاوزتهم الأحداث والأيام.
وأضاف: كلما نطق الغنوشي بشيء جديد، أعاد التذكير بما يود التونسيون لو أنهم ينسونه، فانتقاداته لم تعد مما يشكل عائقا للبلاد كما كان في السابق، ولا حتى حجر عثرة في طريق إعادة بناء البلاد وإصلاح ما فاتها.
وأوضح أن التونسيين يتذكرون من إرث الغنوشي الفشل التام، مضيفا: تونس خلال الأعوام العشرة الماضية عرفت 12 حكومة قبل الأخيرة التي شكلتها نجلاء بودن في أكتوبر الماضي بتكليف من الرئيس قيس سعيد، أي إن معدل عمر الحكومة الواحدة كان يبلغ 10 أشهر فقط، وهو دليل قاطع على أن البلاد كانت تعيش في حالة فوضى سياسية، انعكست على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
حكومات الغنوشي
وتابع: الحكومة الأولى بعد التغيير تولاها الغنوشي في يناير 2011، ولم تعمر أكثر من عشرة أيام، وشكل آخرى في 2011، ولم تعمر هي الأخرى أكثر من 39 يوما، لاستقالة عدد كبير من الوزراء، مما أجبر الغنوشي على عدم تكرار السعي، فتولى الباجي قايد السبسي قيادة الحكومة الثالثة في 7 مارس 2011.
واستكمل: استمرت حركة النهضة في بسط نفوذها وجعلت من نفسها القوة المهيمنة تأمر وتنهي، فسقطت الحكومة تلو الأخرى، وتحول تشكيل الحكومات إلى واحد من أسوأ نماذج المساومات وشراء الضمائر ورعاية المصالح الخاصة.
وأضاف: لم يكن البرلمان إلا بمثابة سوق، تحت اسم الديمقراطية، لبيع وشراء التحالفات والنواب والوزراء، بقصد تمكين حركة النهضة من التسلل إلى مؤسسات الدولة المدنية، ودفع الاقتصاد الثمن الأكبر من تحالف الفساد والإسلام السياسي الذي سيطر على حكومة هشام المشيشي.
واستطرد: قبل عام 2011 كانت تونس تفخر بأن الطبقة الوسطى فيها هي الأوسع، وتبلغ نحو 70% من السكان، لكن هذه الطبقة انحسرت بعد 10 سنوات إلى أقل من 40%، وهو مؤشر صارخ على كارثة اجتماعية واقتصادية تهز أركان الاستقرار الذي أرساه العهد القديم.
وأشار الباحث إلى ارتفاع معدلات البطالة إلى 21.9%، وبلغت بين أوساط الشباب، نحو 40%، وأضيف في العام الماضي وحده أكثر من 274 ألف عاطل جديد عن العمل، وزادت نسبة الفقر لتشمل 20% من السكان.
معدلات النمو
وأضاف: معدلات النمو ظلت تتراجع حتى سجلت انكماشا بلغ 7% في العام الماضي ونموا ضئيلا بلغ 0.3% فقط في العام الحالي كما تراجع الاستهلاك الأسري بنسبة 8%، وبحسب إحصاءات وزارة التربية والتعليم، فقد بلغ أعداد الذين لم يلتحقوا بالمدارس 100 ألف طالب.
تابع: 37% من الشركات الخاصة تواجه خطر الإغلاق الدائم وصندوق النقد الدولي يتوقع أن تبلغ نسبة التضخم 5.4% وأن يبلغ العجز 8.3 % وأصبح عجز الموازنة يبلغ 3.4 مليار دولار أضعفت قدرة البلاد على خدمة الديون لمستويات خطيرة.
واختتم: هذه هي تركة الغنوشي، وإرث هيمنة حركة النهضة على البرلمان والحكومات المتعاقبة التي دفعت بتونس إلى حافة الهاوية.