رئيس التحرير
عصام كامل

الأهرام والستينيات!

الأهرام.. أكبر مؤسسة صحفية في مصر والوطن العربي وأفريقيا والشرق الاوسط وواحدة من أهم مؤسسات الصحافة والنشر في العالم.. أحد أهم صور النفوذ المصري (القوة الناعمة) في العالم كله.. ولذلك فهي في قلب وعين وإهتمام كل مصري مهتم بمؤسسات وطنه، قبل أن يهتم بالصحافة والسياسة.. ومع التاريخ الطويل للمؤسسة العريقة إستقر الحال قبل سنوات في إدارتها إلي إثنين من أخلص أبنائها ممن قدموا لها وللمهنة كلها -صحفيا ونقابيا- عطاء كبيرا هما الأستاذان الكبيران عبد المحسن سلامة وعلاء ثابت.. 

 

والأخير -الأخ والصديق العزيز- مثقل بمهام عديدة قد لا تسمح له -صدقا- بمتابعة كل صغيرة وكبيرة في كيان كبير تتعدد جوانبه وتتنوع مهامه.. خصوصا أن العادة جرت -حسبما نعرف- علي إسناد الافتتاحية لعدد من أبرز أعضاء مجلس تحرير الصحيفة الكبيرة.. لكن تظل غيرتنا علي الأهرام وأبوابه ومنها الافتتاحية اليومية التي ينتظرها الناس ليس للاقتراب من الموقف الرسمي المصري في مختلف القضايا فحسب، لكن أيضا باعتبارها نموذجا في الصياغة والرصانة وترتيب الأفكار!

 

تنمية الصعيد

 

ولذلك نندهش أن تتهم افتتاحية الأهرام ليوم الخميس 23 ديسمبر الجاري الستينيات والسبعينيات بإهمال الصعيد!  وبعيدا عن الموقف السياسي تعنينا أولا وأخيرا المعلومة التي يتأسس عليها وعي المصريين.. إذ يعرف الناس حتى خارج مصر أن الستينيات شهدت تشييد أكبر وأعظم مشروعات كوكب الأرض في القرن العشرين بالصعيد وهو السد العالي! وإلي جواره وفي حدود أسوان وحدها أكبر بحيرة بشرية في العالم، وهي بحيرة ناصر التي فتحت باب الصيد للآلاف من المصريين وأسرهم.. وإلي جواره شركة كيما أسوان التاريخية العملاقة.. وإلي جوارهم المشروع الأسطوري لنقل آثار النوبة بالتعاون مع اليونسكو!

 

وإلى الشمال من أسوان وفي الأقصر مشروع الصوت والضوء التاريخي الأثري السياحي! وإلى الشمال من الأقصر في قنا مصنع غزل قنا أحد مصانع شركة الوجه القبلى للغزل والنسيج والذي ضم خمسة مصانع كبري في قنا وسوهاج والفيوم وأسيوط ومصنع أبو الهول! مع شقيقتهم "مصر الوسطى للغزل والنسيج" ومصانعها الثلاثة أشهرها مصنع المنيا! وهناك في الجنوب عند نجع حمادي أكبر مجمعات صناعة الألمنيوم في العالم الثالث كله! 

 

بالمناسبة في الستينيات أطلقت الدولة محافظة الوادي الجديد بحالها ومحتالها وهي وحدها ثلث مساحة مصر تقريبا فضلا عن أول جامعة إقليمية كانت وقتها حلم للملايين وهي جامعة أسيوط ومع الجامعة والوادي كانت عشرات من محطات الأمن الغذائي والتسمين والألبان وغيرها!

 

السد العالي أنار الصعيد وما بعده وزادت بسببه مساحة الأرض الزراعية  ب ١٥٪ من مساحة مصر الكلية لأول مرة في تاريخها وهو ما إنعكس على حال الناس هناك فضلا عن نهضة بناء المدارس والمستشفيات والوحدات المجمعة!، و التحقنا في السبعينيات والثمانينيات بالتعليم الابتدائي و الاعدادي لمدارس بنيت في الستينيات، وتلقينا رعاية طبية لمستشفيات بنيت في الستينيات، ووجدت في مدينتي -أبوتيج بأسيوط - حديقة حيوان رائعة أسست في الستينيات وزرنا قرى مدينتنا وشاهدت الوحدات المجمعة وكانت تضم وحدة صحية وفصول مدرسية ومكان القراءة وغيرها من أنشطة مارسناها في قصر الثقافة المواجه للمدرسة الإعدادية وقد بني في الستينيات وهكذا كانت أغلب مدن الصعيد! 

 

 

ما يحدث الآن في الصعيد وقد قلناه مرارا حتى قبل الافتتاحات الأخيرة أسطوريا بكل المقاييس.. وهو كبير وعظيم.. يحتاج الدعم لاستمراره وتعريف الناس به لاخبارهم بما يجري في بلدهم.. لكنه يصحح ويعوض ما توقف أو تراجع نصف القرن الآخير! حيث التنمية أقل كثيرا من المطلوب!

قدموا أعزاؤنا -في افتتاحية الأهرام العريقة وغيره- المعلومة الصحيحة.. في وطن يستهدف بناء الإنسان ويخوض أكبر معارك الوعي! 

الجريدة الرسمية