أزمات لبنان.. أكثر من مليون طفل يدفعون ثمن الصراع السياسي
تواجه لبنان أزمات طاحنة اودت بمستقبل أطفال بيروت في ظل سلسلة من الأحداث المأساوية اللا نهائية عقب انهيار مؤسسات الدولة وتصاعد الصراعات السياسية.
عملية احتيال
انهيار النظام المالي في لبنان يمثل اكبر المخاطر على الأطفال في بيروت خاصة بعدما اكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، إن الانهيار المالي في لبنان كان سببه "شيئا ما شبيها بعملية احتيال" في تسجيل مصور لتعليقات أدلى بها أثناء زيارة إلى بيروت هذا الأسبوع.
ولبنان في العام الثالث من أزمة اقتصادية خانقة بدأت في 2019 عندما انهار النظام المالي تحت وطأة دين عام ضخم، هو نتيجة عقود من الفساد وسوء الإدارة، والطريقة غير المستدامة التي جرى بها تمويله.
واتهم منتقدون للسلطات اللبنانية، النظام المالي بالقيام بعملية احتيال، تعتمد على اقتراض جديد لسداد الدين القائم، وذلك حسب رويترز.
وتسبب الانهيار في فقدان الليرة اللبنانية أكثر من 90% من قيمتها، وتجميد ودائع المدخرين في النظام المصرفي الذي أصيب بالشلل.
يونيسف
وفي ذلك الصدد نبّهت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، إلى أن مليون طفل معرضون لخطر العنف مع اشتداد الأزمة الاقتصادية التي تعصف بلبنان.
ويشهد لبنان منذ عام 2019 انهيارًا اقتصاديًا غير مسبوق، صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ منتصف القرن الماضي.
ويترافق الانهيار مع شلل سياسي يحول دون اتخاذ خطوات إصلاحية تحد من التدهور وتحسّن من نوعية حياة السكان الذين بات أكثر من 80% منهم تحت خط الفقر.
وقالت المنظمة في تقرير أطلقته بعنوان "بدايات مظاهر العنف: أطفال يكبرون في كنف أزمات لبنان"، إنّه "ﻣﻊ ﺗﺰاﻳﺪ اﻟﺘﻮﺗﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺰل، والإغلاق جراء جائحة كوفيد-19، وﻧﺘﻴﺠﺔ ﺗﺪﻫﻮر اﻟﺨﺪﻣﺎت الاﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ، ﻫﻨﺎك ﻣﻠﻴﻮن ﻃﻔﻞ ﻋﻠﻰ الأﻗﻞ ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎن ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﺧﻄﺮ اﻟﻌﻨﻒ اﻟﻤﺒﺎﺷﺮ".
وأوضحت أنّ طفلًا من بين كل طفلين معرض "لخطر العنف الجسدي أو النفسي أو الجنسي، في وقت تكافح الأسر لمواجهة الأزمة المتفاقمة في البلاد".
وفاقمت تدابير التصدي لوباء كوفيد-19 ثم انفجار مرفأ بيروت المروّع في 4 أغسطس 2020 من تداعيات الانهيار الاقتصادي.
وبحسب اليونيسف، يعاني نحو 1،8 مليون طفل، أي أكثر من 80 في المئة من الأطفال، "من فقر متعدد الأبعاد" بعدما كان العدد نحو 900 ألف طفل عام 2019.
ويواجه هؤلاء "خطر تعرضهم للانتهاكات مثل عمل الأطفال أو زواج الأطفال بهدف مساعدة أسرهم على تغطية النفقات".
وأحصت اليونيسف ارتفاع حالات الاعتداء على الأطفال، التي تعاملت معها وشركاؤها، بنحو 50% بين أكتوبر2020، وأكتوبر2021.
وبيّن استطلاع آراء أجرته في أكتوبر، أن 12% من الأسر المستجوبة أرسلت طفلًا واحدًا على الأقل إلى العمل، بينما لم تتجاوز النسبة 9% قبل 6 أشهر.
الزواج المبكر
ويعمل أطفال لا تتجاوز أعمارهم 6 سنوات في المزارع والشوارع وببيع الوقود بصورة غير قانونية، ما يعرضهم لخطر الحروق الخطيرة وحتى الموت، فيما تواجه الفتيات الصغيرات خطر الزواج المبكر "سعيًا من أسرهن الواقعة في براثن اليأس للحصول على مهر".
وأورد التقرير أنّ واحدة من كل 5 فتيات سوريات بين 15 و19 سنة في لبنان متزوجة، في وقت يستضيف لبنان قرابة 1،5 مليون لاجئ منذ اندلاع النزاع في سوريا المجاورة.
ومن بين المخاطر التي وثّقتها المنظمة، تخلي "بعض الأسر التي تعاني من العوز عن أطفالها الرضع في الشوارع، إضافة الى زيادة خطر اختطاف الأطفال مقابل فدية مالية".
وقالت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالعنف ضد الأطفال الدكتورة نجاة معلا مجيد "أزمة لبنان تهدد حاضر ومستقبل ملايين الأطفال. هناك حاجة أكثر من أي وقت مضى لضمان حمايتهم من سوء المعاملة والأذى والعنف وحماية حقوقهم".
وأضافت "الاستثمار في حماية الأطفال ونمائهم ورفاههم لا يمكن أن ينتظر".
نجاة رشدي
وشدّدت المنسقة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتّحدة في لبنان نجاة رشدي على أنه "لا يجوز حرمان أي طفل في لبنان، بغض النظر عن جنسيته، من حقوقه الأساسية"، مؤكدة أن الأطفال يجب أن يكونوا "في طليعة خطط وسياسات وممارسات الحكومة للتعافي".
ووسط كل تلك الازمات قتلت برأة الاطفال وسط الازمة المعيشية والمالية الطاحنة التي يعيشها الشعب اللبناني وانهيار قدرة الاسر على توفير ابسط احتياجات اطفالها لتتركهم فريسة للفقر والجوع والمرض.