رئيس التحرير
عصام كامل

رفع أسعار الضرائب.. ما بين هموم الناس وتبريرات معيط

حظى مشروع قانون قدمته الحكومة لمجلس النواب خلال الأيام القليلة الماضية -متضمنا تعديلات على ضريبة القيمة المضافة وزيادة ما يعرف باسم رسوم تنمية موارد الدولة- باعتراضات وجدل على نطاق واسع من الشعب ونوابه في مجلس النواب، ولم تفلح تبريرات الدكتور محمد معيط وزير المالية دفاعا عن الزيادات الضريبية الجديدة، وأنها لا تمس محدودى الدخل أو إنها محدودة، وتشمل فقط السلع الترفيهية والمعمرة وغيرها من تبريرات وربطها بعلاج أزمة البطالة وزيادة التدفقات الاستثمارية في اقناع الناس والمجلس النيابى بالموافقة عليها وتمريرها.

 

فهل كان وزير المالية محقا في دفوعه لتمرير زيادات ضريبية جديدة في هذا التوقيت ولم تمضى شهور قليلة على إعتماد البرلمان لخطته للعام المالى الحالى متضمنة التعهد بعدم فرض ضرائب جديدة وإستكمال الإصلاحات المالية والضريبية لتعميق الرقمنة والسداد الإلكترونى للمستحقات الضريبية وتطوير ورفع كفاءة الإدارة الضريبية، وغيرها من محاور الإصلاح المالى والضريبى، أم أن الأمر له وجهان.. 

 

نصيحة الخبراء

 

وجه يتضمن تعهد وزير المالية أمام البرلمان بزيادة موارد الدولة لتصل إلى نحو ٢ تريليون جنيه خلال عامين وبنسبة نمو إستهدف أن تصل إلى نحو ١٨% في العام المالى الحالى، على أن يتم ذلك دون أى زيادات ضريبية، لإننا إنتقلنا إلى المرحلة الثانية من الاصلاح الاقتصادى مبشرة بوعود تخفيف الإعباء على الناس وتعظيم مكاسبهم من الاصلاح الجارى، ولكن ستتحقق تنمية الموارد بحسب وعد وزير المالية من خلال حزمة إصلاحات هيكلية وإدارية ترتكز بالأساس على تحسين ورفع كفاءة الجهاز الضريبى..

 

والوجه الاخر متطلبات إنفاق عام متزايدة كل عام وعجز فى الموازنة مطلوب خفضه إلى نحو ٥،٥% بدلا من نحو ٨% وارتفاع في حجم الدين العام وفوائد وأقساط خدمته، إضافة إلى متغيرات سلبية يفرضها إستمرار تداعيات أزمة كورونا وتباطؤ حركة الاقتصاد العالمى.

 

صحيح أن الدولة بحاجة ماسة لزيادة مواردها السنوية لمواجهة تحديات إستكمال برنامج البناء والإصلاح الاقتصادى الكبير الذى يجرى على أرض بلادنا منذ سنوات، ولكن صحيح أيضا أن الناس تعانى، وتعانى بشدة من تفاقم أحوالها المعيشية في ظل إرتفاع الأسعار والأعباء المتوالية على كاهلها منذ سنوات، والأهم الذى يمكن أن نذكر به وزير المالية، أن خبراء المالية والضرائب بالداخل والخارج يجمعون على أن تنمية موارد الدولة خاصة في أوضاع مثل التى تعيشها بلادنا، لا تأتى فقط من رفع أسعار الضرائب والرسوم، وإنما هناك مجالات واسعة لزيادة حصيلة الإيرادات العامة للخزانة العامة وبمعدلات قد تفوق رفع أسعار الضرائب القائمة، وهى لا تخفى على الوزير بالطبع ولكنها تحتاج إلى جهد كبير..

 

 

وأولها محاصرة لحجم التهرب الضريبى واسع النطاق في بلادنا والذى تقدر الدراسات نسبته بما يتراوح بين ٣٠و٤٠%، بالأضافة إلى وضع أليات غير تقليدية لضم الإقتصاد الموازى أو السرى تحت مظلة الشرعية القانونية، وأيضا الحد من التهرب الواسع النطاق فى مجال المهن الحرة، وكذلك رفع مستوى كفاءة الجهاز الضريبى للحد من سلبيات الفساد والتأخير في سداد المستحقات وغيرها من أليات يمكن أن تضاعف حصيلة الإيرادات الضريبية خلال وقت قياسى دون الحاجة لزيادة جديدة فى أسعار الضرائب والتنغيص على الناس وزيادة همومهم المعيشية، ولا إيه!

الجريدة الرسمية