رئيس التحرير
عصام كامل

عقب انهيار الليرة.. اختفاء الأدوية في الصيدليات التركية والأزمات تضرب الدولة

الصيادلة التركية
الصيادلة التركية

يواجه الشعب التركي أزمة غير مسبوقة بعد قرارات الرئيس رجب طيب أردوغان بخفض سعر الفائدة ما أدى الى انهيار الليرة التركية في حالة أشبه بالسقوط الحر من فوق قمة جبل بعد أن فقدت العملة التركية نحو 50% من قيمتها خلال الأشهر الماضية. 

وقد أكد بولنت ناظم يلماز الأمين العام لاتحاد أطباء تركيا ان الشعب التركي يواجه أزمة صحية جديدة تتمثل في شح الأدوية في الصيدليات بعد انسحاب الموردين من السوق نتيجة خسائرهم الفادحة. 

 

أزمة شح الدواء في تركيا 

وكشفت وكالة الأنباء الفرنسية عن قصص مأساوية للشعب التركي جراء ازمة شح الدواء غير المسبوقة بسبب انهيار سعر الليرة التركية. 

 

ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية قصة المواطن فاتح يوكسل، شأنه شأن آلاف الأتراك، الذين يتنقلون من صيدلية إلى أخرى بحثا عن أدوية لم تعد متوفرة في السوق مع انهيار الليرة التركية.

 

ويقول الرجل البالغ من العمر 35 عامًا الذي يعاني منذ تسع سنوات من مرض ”بهجت“، وهو مرض نادر من أمراض المناعة الذاتية يسبب صداعا مؤلما ”أحيانا لا أجد أدويتي على الإطلاق وتزداد حالتي سوءًا“.

 

ويضيف ”الأمر صعب للغاية لكن عليّ أن استمر في العمل“.

 

ووفقا للوكالة، يعتبر القطاع الطبي التركي من الأكثر تضررا بسبب اعتماده على الواردات مع انهيار العملة الوطنية.

 

وتضيف: ”أصبحت مجموعة كاملة من الأدوية المخصصة لعلاج أمراض مثل السكري والسرطان أو حتى نزلات البرد غير متوفرة في 27 ألف صيدلية في تركيا“.

 

وفقدت الليرة التركية أكثر من نصف قيمتها منذ بداية العام أمام الدولار، وتراجعت بشكل حاد منذ إعلان الرئيس رجب طيب أردوغان الشهر الماضي حرب الاستقلال الاقتصادي“.

 

وتجاهل الرئيس النظريات الاقتصادية الكلاسيكية، وفرض على البنك المركزي خفض أسعار الفائدة بانتظام، ما زاد من التضخم الذي تخطى 21% خلال عام.

 

وبلغ سعر صرف الدولار الجمعة 17 ليرة بعد أن كان 9،6 مطلع نوفمبر.

 

بدوره يقول الأمين العام لاتحاد أطباء تركيا ”فيدات بولوت“، إن تركيا تمر بأزمة دواء، بعد أن انسحب العديد من الموردين من السوق لأنهم بدأوا يخسرون الأموال، واستمرت وزارة الصحة في تسديد المال لهم بسعر الدولار عند 4 ليرات تركية“.

 

ويضيف بولوت: ”إن أكثر من 700 دواء انقطعت اليوم من السوق، والقائمة تطول يوما بعد يوم، لكن السلطات التركية تنفي وجود أزمة“.

 

وأعلن وزير الصحة فخر الدين قوجة الأسبوع الماضي، بأن ”الأنباء التي تثير نقص الأدوية لا تعكس الواقع“، متهما شركات الأدوية بمحاولة بيع منتجاتها ”بأسعار مرتفعة“.

 

وردا على ذلك يقول الأمين العام لاتحاد أطباء تركيا: ”إنه إنكار للواقع“، موضحا أن الأزمة نفسها تطال أيضًا المعدات الطبية اللازمة للعمليات الجراحية.

 

ويحذر من أن ”العديد من العمليات علقت اليوم. وصحة مواطنينا في خطر“.

 

صب الزيت على النار

وتؤكد وكالة الأنباء الفرنسية أنه أمام يأس المرضى الذين يطلبون منهم تأمين أدوية لم تعد متوفرة، يدعو الصيادلة الحكومة بإعادة تقييم أسعار الأدوية ثلاث مرات على الأقل في السنة.

 

من جهته، يوضح رئيس نقابة الصيادلة في أنقرة ”تانر إركانلي“ أن الوضع تدهور بسبب انهيار الليرة التركية.. تخيلوا حريقا يسكب عليه الزيت؟ هذا ما نعيشه، ورفع أسعار الأدوية المستوردة اليوم لن يكون بالضرورة كافيا“.

 

ويضيف: ”بعد أن تسبب الوباء في زيادة أسعار المواد الأولية، تأثرت أيضًا العلاجات المنتجة في تركيا“.

 

ويطالب المنتجون المحليون من الحكومة أن تأخذ المدفوعات المتأخرة في الحسبان سعر الصرف الحالي، وليس السعر المتفق عليه في ذلك الوقت.

 

وتحذر جمعيات أرباب العمل من ”أن بعض الشركات ستضطر إلى التوقف عن العمل إذا لم تتمكن من تعويض خسائرها“.

 

وبحسب تقرير الوكالة فإن الأدوية التي لا يمكن العثور عليها هي أحيانا تلك التي كانت منتشرة بكثافة في السوق مثل أدوية السعال للأطفال.

 

وفي استطلاع مع الشارع أجرته الوكالة، يقول أمين دورموس (62 عامًا) أنه بحث دون جدوى عن دواء ضد السعال لحفيده البالغ من العمر 5 سنوات. ويقول: ”نحن في وضع بائس.. آمل أن يسمعنا المسؤولون“.

 

كما يعاني إركان أوزتورك الذي يدير مركزًا صحيًا في أنقرة، من نقص أدوية الحمى والغثيان أو المسكنات. ويشرح قائلًا: ”نواجه صعوبات جدية في إيجاد حقن لخفض الحمى لدى الأطفال“.

 

ويضيف: ”عندما تكون شبكة الدعم بين المستشفيات غير قادرة على الاستجابة للطلب، عليها إعطاء الأدوية عن طريق الفم أو استخدام الكمادات الباردة التي تعمل بشكل أبطأ من الحقن“.

 

ويرى الصيدلي جوكان بولموس أن الأزمة تتفاقم. ويقول بقلق: ”كمية أدوية مرض السكري وارتفاع ضغط الدم والربو والالتهاب الرئوي تتراجع أكثر وأكثر“.

 

واختتم حديثه بقوله: ”نتجه نحو نقص معمم، ما بقي اليوم هو آخر الأدوية وبعد ذلك لن نتمكن من استبدالها“.

مازق حقيقي 

وكان دخل أكثر من 250 ألف عامل وطبيب ومسعف تركي في إضراب احتجاجا على الأوضاع المعيشية القاسية في تركيا بعد انهيار العملة وضعف الرواتب، مطالبين برحيل الحكومة ما يضع النظام والرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مأزق حقيقي.

الجريدة الرسمية