ماذا بعد تسريب المستشار؟
قبل أن يصل الجهاز الأمنى المصرى إلى حقيقة من يقفون وراء ما أطلق عليه "تسريب المستشار" كنت قد تناولت الموضوع برمته ورجحت كفة القول نحو قضية نصب كبيرة، ولم تمض سوى ساعات قليلة إلا وجاء القول اليقين من جهاز الأمن الوطنى الذى توصل إلى الجناة المتورطين في النصب والمتورطين في تصدير هذا التسريب إلى أعضاء بالجماعة الإرهابية بالخارج.
وجاءت اعترافات المتورطين شافية وافية تتضمن كافة التفاصيل التي يمكن أن تطرح على عقل المتلقي، أما اليوتيوبر الذي تورط في عرض تفاصيل التسريب فقد خرج علينا برواية تشبهه تماما من حيث ضعفها ووهنها أمام الحقائق التي توصلت إليها أجهزة الأمن المصرية.
المشكلة لم تعد فيما كشفت عنه التحقيقات والاعترافات، المشكلة الحقيقية هي كيف تناولت بعض برامج التوك شو رغم أن الصيد ثمين والحقائق دامغة والاعترافات أكثر إثارة.. بدا واضحا أننا أمام مقدمى برامج من النوعية الرديئة والتي لا تعرف كيف تخاطب عقول الجماهير، وبين صراخ وشتائم وكيد "نسا" كانت الرسالة الإعلامية أضعف من الحقيقة بكثير.
لم يكلف واحدا منهم نفسه أن يقرأ تفاصيل الاعترافات بروية وهدوء ليترك للمتلقى أن يتخذ قراره ضد ممارسات الجماعة الإرهابية، وتحولت البرامج إلى ساحة للشتائم واستخدام الهابط من الكلام، وبدلا من اكتمال الضربة القوية ضد ممارسات التنظيم اتجهت البرامج إلى ممارسة الكيد والتناول السطحى، ولم يجب واحد منهم عن الأهداف التي أراد بها التنظيم أن ينفذ إلى واحدة من أهم مؤسسات الدولة المصرية والتشكيك فيها.
وبدلا من استضافة قامات في تحليل الشائعات وطريقة صنعها وحياكتها والأهداف المرجوة من ورائها وجدنا أنفسنا أمام عدد من الرداحين الذين فرطوا في الحقائق لصالح الشتائم.
سنظل نعانى من ضربات الجماعة الإرهابية طالما أفسحنا المجال للسطحية والردح ومناقشة الأمور بعيدا عن التناول العميق، وسنظل نتلقى الهزات من جماعة للأسف الشديد تدرك أهمية الإعلام المضلل دون أن يكون لدينا عقل إعلامى أكثر وعيا في الرد.