نقيب المهندسين: مؤسسات الدولة تدير منظومة ضخمة للاستفادة من كل قطرة مياه
نظمت لجنة المياه في نقابة المهندسين، برئاسة الدكتور محمود أبو زيد رئيس المجلس العربي للمياه، ندوة بعنوان "إعادة استخدام المياه من أجل تحقيق التنمية المستدامة" والتي تضمنت ثلاث محاضرات، حملت الأولى عنوان " نحو إستراتيجية وطنية لإعادة استخدام المياه حتى 2031" والتي ترأسها خالد محمود أبو زيد- المدير الإقليمي للموارد المائية "بمنظمة سيداري" إحدى المنظمات الدولية المعتمدة.
وحملت المحاضرة الثانية عنوان "معالجة وإعادة استخدام الصرف الصحي المعالج في مصر" وألقاها الدكتور أحمد معوض- نائب رئيس الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي، فيما كان عنوان المحاضرة الثالثة "ضوابط واشتراطات إعادة استخدام المياه في الزراعة في مصر" وألقاها الدكتور أحمد جابر- أستاذ الهندسة الكيميائية بكلية الهندسة جامعة القاهرة.
وشارك في الندوة المهندس هاني ضاحي نقيب المهندسين، والمهندس الاستشاري حسن عبد العلم أمين عام النقابة، ولفيف من المختصين في مجالات الموارد المائية ومياه الري والصرف الصحي، وعدد من أساتذة الجامعات، وشباب المهندسين.
المهندسين منبرا لنشر المعلومات العلمية
و أكد المهندس هاني ضاحي نقيب المهندسين، أن النقابة صاحبة رسالة علمية سامية، مضيفا أنهم حريصون على أن تكون نقابة المهندسين منبرا لنشر المعلومات العلمية الحقيقية، ولهذا تنظم النقابة ندوات تثقيفية تقدم معلومات علمية مهمة في كافة القضايا الهندسية، مشيدًا بحرص شباب المهندسين على حضور ندوات النقابة التي يشارك فيها قامات علمية وهندسية كبيرة، لنقل الخبرات العلمية جيلا بعد جيل.
وقال ضاحي: ملف المياه هو أحد الملفات المهمة في مصر ويشهد حاليا اهتمام كبير من كل مؤسسات الدولة، التي تدير منظومة ضخمة للاستفادة من كل قطرة مياه، مع التوسع في محطات معالجة مياه الصرف ومحطات التحلية.
القضايا على الساحة المصرية
ومن جانبه رحب المهندس حسن عبدالعليم أمين عام النقابة بالقامات العلمية الكبيرة التي شاركت في الندوة، مؤكدا على سعادته بحرص شباب المهندسين على المشاركة في الندوة التي تناقش أحد أهم القضايا على الساحة المصرية، مضيفًا أن المحافظة على كل قطرة مياه والاستفادة منها لم يعد ترفا بل صار ضرورة على كل مصري ومصرية أن يلتزم بها، وأن يدرك خطورة إهدار المياه على مستقبل الأجيال الحالية والقادمة.
المياه وأركان الاستثمار
وأوضح، أن المياه هي أحد الأركان الخمسة للاستثمار، والتي تشمل الأرض والمياه والطاقة والقوانين المشجعة على الاستثمار والقوي البشرية.
وفي كلمته الافتتاحية قال الدكتور محمود أبو زيد رئيس لجنة المياه بنقابة المهندسين، إن موضوع الندوة يحظى بالاهتمام الأكبر في جميع أنحاء العالم، وفي المنطقة العربية ومصر على وجه الخصوص، حيث إنها من المناطق الأكثر جفافًا في العالم ومن أكثر دول العالم ندرة في المياه.
وأضاف أبو زيد، أن الموارد المتجددة في المنطقة العربية تقدر بحوالي 325 مليار م3 ويبلغ نصيب الفرد منها في عام 2013 ثلث ما كان عليه في50 عامًا مضت، وتزايدت الفجوة المائية بين العرض والطلب عام 2014 نحو 50 مليار م3 ومن المتوقع أن تتسع الفجوة لتصل 100 مليار م3 عام2025 ونحو 220 مليار م3عام 2050، لذلك ظهرت الحاجة للمياه غير التقليدية لسد الفجوة المتزايدة بين المتاح والمطلوب من المياه، وأصبح الأمن المائي العربي يعتمد بدرجة كبيرة على تنمية الموارد غير التقليدية.
لإعادة استخدام المياه في مصر
وأوضح أنه يتم إعداد الرؤية الإستراتيجية حتى عام 2030 لإعادة استخدام المياه في مصر بالتعاون والتنسيق بين "سيداري والمجلس العربي للمياه" وتتضمن الإستراتيجية دراسة وضع الصرف الصحي في مصر ومعالجة مياه الصرف الصحي وإعادة استخدامها والعقبات والقيم المؤسسية نحو تحقيق هذه الإستراتيجية، مؤكدًا على أن إعادة استخدام مياه الصرف الصحي هو خيار إستراتيجي أساسي يجب أن يتضمن جميع الإستراتيجيات المائية الوطنية.
وقال الدكتور محمود أبو زيد أن المجلس العربي للمياه قام بالتعاون مع المعهد الدولي لإدارة المياه (IWMI) بإطلاق مشروع "إعادة الاستخدام الآمن للمياه العادمة المعالجة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا" والذي تم من خلاله تنظيم الحوار الأول بين النهج العلمي وسياسات حسن الإدارة المائية في موضوع إعادة استخدام المياه، وذلك ضمن فعاليات المنتدى العربي الخامس للمياه الذي عقد في مدينة دبي بدولة الإمارات العربية الشقيقة في شهر سبتمبر الماضي.
وفي محاضرته قال خالد أبو زيد: إنه يمكن إعادة استخدام ما يصل إلى 23 مليار متر مكعب سنويا من مياه الصرف بأنواعه "الصحي والزراعي والصناعي" بحلول 2030، مضيفًا أن الصرف الصحي المعالج سيمثل موردًا مائيًا متجددًا ومتزايدًا في المستقبل، وخاصة لأغراض التنمية الزراعية المستدامة، موضحًا أنه "كلما زاد الإمداد بالاحتياجات المائية المتزايدة للاستخدامات المنزلية للسكان زاد معه الصرف الناتج، وهو مورد مائي ثانوي جديد ومتجدد".
الفقر المائي
ومن جانبه قال أحمد معوض نائب رئيس الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي: أن مصر حاليًا تقع تحت حد الفقر المائي، مشيرًا إلى أن استخدام المصادر غير التقليدية من الصرف الزراعي والصحي والتحلية والمياه الجوفية أصبح اتجاهًا لا بديل عنه لسد العجز المائي ولمواجهة التحديات المائية، مضيفًا أن الأرقام المتعلقة بالمياه العذبة في العالم تدعو للقلق حيث تحتل أكثر من 3% من مجمل المياه الموجودة في كوكب الأرض و77.8% من هذه النسبة على هيئة جليد و21% مياه جوفية، والكمية المتبقية بعد ذلك والتي لا تتجاوز 0.6% هي المسئولة عن تلبية احتياجات أكثر من 6 مليارات من البشر في كل ما يتعلق بالنشاط الزراعي والصناعي وسائر الاحتياجات اليومية.
وأوضح "معوض" أن الشركة القابضة لديها خطط واضحة ورؤى مستقبلية لمواجهة التحديات المتمثلة في الزيادة السكانية وما يتبعه من زيادة الاستهلاك من خلال وضع مخطط عام ديناميكي يتم تحديثه بصفة دورية ليتواكب مع التحديات المائية من تنوع مصادر المياه والزيادات الحتمية والتطورات والتقدم التكنولوجي.
وأشار إلى ضرورة تفعيل الاستفادة من المصادر غير التقليدية خاصة إعادة استخدام الصرف الصحي المعالج، وذلك بالتوسع في تغطية الصرف الصحي بنسبة 100 % من مساحة مصر، مما يؤدى تخفيض التلوث في مصادرنا المائية وإتاحة استخدام المياه بصفة عامة، وبالرغم مما يمثله من تحديات مالية فإن القيادة السياسية تضع هذا ضمن أولوياتها السياسية بالإضافة إلى استخدام المياه غير التقليدية منها تحلية مياه البحر.
استخدامات المياه المعالجة
وفي نفس السياق، أكد الدكتور مهندس أحمد جابر – أستاذ الهندسة الكيميائية بكلية الهندسة جامعة القاهرة، أن جودة المياه ليس هما مصريا فقط ولكنه هم أوروبي وأمريكي أيضا، مشيرا إلى أن مصر تمتلك خبرات عظيمة في مجال معالجة المياه، مضيفًا أنه من الخطأ أن نتعامل مع نهر النيل في مصر على أنه قطعة واحدة فالحقيقة أن كل منطقة منه لها خصائص وملوثات مختلفة عن الأخرى.
وأشار إلى أن استخدامات المياه المعالجة يحددها القانون رقم 48 لسنة 1982 والمعدل بالقانون رقم 92 لسنة 2013، والذي يحدد مواصفات مياه الصرف الزراعي المسموح بضخها في الترع، والكود المصري رقم 501 لسنة 2015 الخاص بإعادة استخدام مياه الصرف الصحي في الزراعة، ولكننا لازلنا في حاجة لوضع مواصفات قياسية مصرية لجودة المياه المعالجة.
مواجهة هذه الأزمة العالمية
ومن جانبه أكد الدكتور مهندس حسين العطفي – وزير الموارد المائية والري السابق، أن زمن المياه السهلة قد ولى إلى غير رجعة، وأن ندرة المياه صارت حقيقة يشعر بها الجميع، وقد تشهد مزيد من التحديات في مصر والدول العربية والعالم أجمع، وهو ما يحتم على الجميع البحث عن موارد مائية غير تقليدية لمواجهة هذه الأزمة العالمية، ومن هنا جاء التوسع في محطات معالجة مياه الصرف الزراعي والصحي.
وأشار إلى أن مياه الصرف الصحي في المنطقة العربية تبلغ 25 مليار متر مكعب، ويتم معالجة 26% منها فقط، ولا يستخدم من المياه المعالجة سوى 25% فقط، ومصر حاليا محظوظة بوجود قيادة سياسية تدعم بشكل كامل ملف المياه ومعالجة مياه الصرف وتحلية مياه البحر.