كيف يدفع المجتمع ثمن تشدد التيارات الإسلامية ورفضهم للآخر؟
لا يستطع الإسلاميون إخفاء رفضهم للآخر أبدا، يوميا ومع ظهور علامات الصباح، تجد عشرات الفتاوى التي تتعلق بكل تفاصيل الحياة في شكل تعليقات على السوشيال ميديا وحتى في الحياة العادية، وتزيد الأزمة مع كل مناسبة يجتمع فيها المصريون أو العرب والمسلمون داخل الحدود الوطنية.
ويدفع المجتمع ثمن تراكم الفكر المتشدد والتعرض لجرعات عالية من أفكار الإسلام السياسي بمختلف توجهاته، ولا سيما جماعة الإخوان التي تفوقت على جميع التيارات المدنية وتتسبب تمكنها في إحداث شروخ عدة في نسيج اللحمة الوطنية الواحدة.
التعصب قنبلة موقوتة
يقول عمران مختار، الكاتب والباحث في شئون الجماعات الإسلامية: إن الجهل من أسباب انتشار الإرهاب، لافتًا إلى أن الإسلام السياسي خلف ترسيخ المحاولات العبثية للتفتيش في ضمائر الناس.
وأوضح الباحث أن مجتمعاتنا بحاجة ماسة إلى نشر الحداثة التي تقوم على قيم العقلانية والحرية حتى تنهض وتتقدم، فكلما ارتقى الإنسان بعقله تراجعت انتماءاته الضيقة وأصبح أقرب للإنسانية حيث لا يصنف البشر إلا من خلال سلوكهم ومواقفهم الإنسانية العادلة والراقية.
وأكد أن تجارب السنوات الماضية، أشارت إلى أن تدمير أي أمة وضرب وحدة شعبها وتفكك نسيجه المجتمعي ونسف مكاسبه التي ضحت من أجلها أجيال، لا حاجة إلى حروب أو ترسانة عسكرية، يكفي فقط أن يتمكن الإسلاميون وحلفاؤهم الداعمين لهم من الحكم، فأينما حلوا حل معهم الخراب والدمار.
واختتم: الإسلام السياسي بتنظيماته الانتهازية الزائفة، لا تعني سوى المزيد من تعقد الأوضاع، والمزيد من عمر التبعية والقهر والاستغلال على حد قوله.
تنظيمات خطيرة
الدكتور عبد الملك المالكي، الكاتب والباحث، يرى أن أسلوب عمل التيارات الدينية وخاصة جماعة الإخوان الإرهابية يكشف عن تنظيمات أخطر مما نتصور ومما يدرك الكثيرون، ولا سيما أنهم استطاعوا تغيير شكل كل المجتمعات الإسلامية تقريبًا.
وأشار "المالكي" إلى أن الإسلام السياسي خلف الدعوات المحمومة لـ “تنقيب النساء”، فبعد أن كان من المستحيل التفرقة بين المسلمين والمسيحيين واليهود أصبحت معظم النساء المسلمات المنتميات للتيارات الإسلامية منتقبات، ما أعطى صبغة جديدة للحياة في مجتمعات ودول تفوق المليار نسمة.
وأضاف: الشعب المصري على سبيل المثال تقريبًا نسى الكثير من المفردات التي كان يستخدمها، واستطاع الإسلاميون استبدال هذه الكلمات المعروفة بأخرى ذات بعد ديني في غضون بضعة عقود فقط وهي قدرة تفوق التصور.
احتفالات الشعوب
واستكمل: نجحوا في فترة زمنية محدودة أن يجعلوا عشرات الملايين يحتفلون بالعقيقة بدلًا من السبوع، والاحتفاء بالمولود الجديد بعد أسبوع من ولادته، مردفًا: احتفالات الشعوب هي شيء تم توارثه عبر مئات السنين، إنْ لم يكن لآلاف، وليس من السهل تغييره.
وأشار الباحث إلى أن الإسلام السياسي نجح في تغيير اهتمام الكثير من المصريين، من الثقافة والموضة والفن إلى قراءة كتب السلف والاستماع إلى برامج شيوخ التطرف، وأصبحت الكثير من المناقشات إنْ لم يكن أغلبها تدور حول أمور فقهية مثل هل إظهار وجه المرأة حلال أم حرام، وهل السلام على المرأة ينقض الوضوء أم لا.
مفهوم الدين البسيط
واختتم: أخطر ما فعلوه في العالم الإسلامي خلال العقود الماضية، تغيير مفهوم الدين البسيط والجميل من محبة الله ومساعدة الآخرين إلى أيديولوجية تفهم الدين بحرفية تحبط العقل والضمير، وتجعل الطقوس الحركية أو أداء العبادات أهم من نقاء القلوب.