كيف يرى الإسلام السياسي الدولة الحديثة ؟
من الأدبيات الغريبة في تيارات الإسلام السياسي رفض منطق الدولة الحديثة، الرغبة العارمة في تطبيق نموذج الدولة الإسلامية التي كانت في القرن الأول الهجري رغم اختلاف التوقيت والثقافة واللغة والعصرية، وكانت آخر مشاهد هذا الصدام مع تمسك حزب النور السلفى بوصف الدولة الوطنية فى الدستور بدلا من الدولة المدنية.
اعتبر الحزب أنذاك أن مصطلح الحكومة المدنية هو الأفضل له، لأن المدنية الكاملة ليس من الإسلام، واعتبر نواب النور في البرلمان أن وصف الدولة بالمدنية له أضرار كبيرة على المستقبل الثقافي والحضاري للدولة المصرية.
الانتماء الديني
محمد آل الشيخ، الكاتب والباحث، يرى أن العالم يعيش عصر الدولة الوطنية، موضحا أن الانتماء الديني كان في الماضي، وفي عصور ما قبل الدولة الوطنية، لافتا إلى أن المواطن هو صاحب الأرض وله الأولوية على الأجنبي وإن شاركك في الدين أو العرق، كما أن الإخاء لم يعد في الدين فقط وإنما أصبح في الوطن، وأصبح نيل الجنسية الوطنية شروط وواجبات يحددها القانون.
وأضاف: المنتمون للإسلام السياسي يرفضون الدولة الوطنية، ويعتبرون الانتماء للوطن، ضرب من ضروب الوثنية والكفر التي لا يُقرُّها الإسلام، وهم بذلك يدعون إلى فتح أبواب الدول الإسلامية على مصاريعها لكل المسلمين، بحيث يكون للفرد المسلم الحق كاملًا في اختيار الجنسية الإسلامية التي يرغب.
أوضح أن مرشد جماعة الإخوان الأسبق مهدي عاكف، أدلى بتصريح إعلامي قال فيه «طز في مصر» وأكد أنه يقبل أن يتولى حكم البلاد آسيوي طالما أنه مسلم، ولايقبل بمسيحي مصري، مردفا: هذه الجماعة المتأسلمة تعتبر أن جنسية المسلم هي عقيدته، وليست الجغرافيا التي يعيش فيها.
تابع: من المضحك والمثير للسخرية والتناقض في الوقت ذاته أن الجماعة ترفض أن يتولى منصب المرشد في هيكلها التنظيمي غير مصري؛ وهذا يدل على أنهم يظهرون للعلن غير ما يبطنونه في الخفاء.
التغيرات في الزمان والمكان
لفت الباحث إلى أن الجماعات الإسلامية، لاتستطيع مواكبة المتغيرات الزمانية في العالم، ما يثبت أنها غير قادرة على تقديم رؤية واقعية تستطيع أن تتفاعل بإيجابية مع قيم العصر ومتغيراته.
وأضاف: إذا فرض منطق الماضي على الحاضر، واعتبرت أن الماضي ثابت لا يتغير، فأنت تجمد دين الإسلام، مع أن العبرة بالمصلحة وليس بالماضي فقط لكونه ماضيًا، مردفا: كما قال ابن القيم «أينما تكون المصلحة فثم شرع الله»، ومثل هذه القاعدة الفقهية يمكن تفعيلها هنا ليكون الإسلام فعلًا صالحًا لكل زمان ومكان.
واختتم: من منطق الدولة الوطنية ومصالح المسلمين، على المسلم المعاصر أن يتعامل على أساس الوطن أولًا، طالما أن العقيدة يشاركك فيها أكثر من ملياري مسلم موزعين على دول العالم.