رفض المراجعات الفكرية أقوى عامل هدم للتنظيم في قاموس الإخوان
يتعامل الإخوان والإسلاميون بشكل عام مع دعوات التجديد باستخفاف، مع أن التجديد هو سنة الحياة ودونه لا تستوي الأشياء، تنتهي الأفكار بتجمدها وعدم تطويرها، ولهذا دُمرت جماعة الإخوان وأصبحت غير قادرة على العطاء بسبب تمسكها بنفس القناعات التي أودت بحياة حسن البنا، وذهبت بـ “سيد قطب” إلى الإعدام هو وقيادات الصف الأول والثاني، وجعلتهم مطاردين طوال عصر مبارك إلا من صفقات قليلة، وجاءت ثورة يناير بالاختبار الكبير الذي كتب السطر الأخير.
فيروس يضرب الجميع
يجادل ما تبقى من التيار الإخوان بأن الجماعة ما زالت بعافية باقية وتتمدد وستظل ماضية متمسكة بمواقفها ومبادئها، أكدوا على ذلك خلال ما سمي بالمؤتمر الفكري الأول الذي نظمته الجماعة بمدينة إسطنبول التركية قبل أشهر.
الغريب أن الذين أيدوا هذا الطرح هم كبار الرموز التاريخية للجماعة وجاءوا بهم من 20 دولة بالعالم، ما يعني أن الأزمة ليست في إخوان مصر وحدهم، وفيروس الجمود والتعصب مستشري في قيادات وأعضاء التنظيم بالداخل والخارج.
ويقول جورج فهمي الباحث فى شئون الجماعات الإسلامية: إن الإخوان عجزت على مدى العقود الماضية عن ممارسة أدنى مستوى من النقد الذاتي ولم تجرِ أي مراجعة، وهو السبب الرئيسي في تفجير الصراعات حولها حتى من الجبهة الداخلية للجماعة، وبسبب هذا التصلب أصبح طريقها مسدود في مصر على وجه الخصوص.
ويوضح الباحث أن جمود الجماعة قادها إلى الانقسام إلى فريقين عقب عزلهم عن الحكم في أغسطس 2013، الأول الحرس القديم ويمثل النواة الصلبة للجماعة الإخوانية، وأثبت أنه لا يملك أي استراتيجية عملية سوى أسلوب المواجهة والحشد والمظاهرات، وهذا المنهج دمر الجماعة وأوصلها إلى طريق مسدود.
وأشار الباحث إلى أن الاتجاه الثاني هو التيار الذي حمّل محمد مرسي وقيادات الحرس القديم المسئولية عن إسقاط الجماعة بسبب عدم اتخاذهم أسلوب أكثر عنفا مع مؤسسات الدولة، ويعتبره القطاع الأكثر عنفا وتطرفا بحسب الباحث.
فشل سياسي واجتماعي
أما عبد الرحمن عياش، الباحث المتخصص في الحركات الإسلامية، فيرى أن جماعة الإخوان الإرهابية ستظل تدفع ثمنا باهظا لأنها أظهرت عدم قدرتها على النقد الذاتي ولم تقم بأي مراجعة تستخلص من خلالها دروس فشلها السياسي في أول تجربة لهم في الحكم.
ويوضح عياش أن الحرس القديم للجماعة يرفض أي مراجعات فكرية أو نقد ذاتي ويتعامل دائما مع أعضاء الإخوان كالقطيع لهذا همست الأصوات الإصلاحية التي رفضت الجمع بين الدعوة والسياسة في بدايات ثورة 25 يناير حتى تستطيع تغيير جلدها مع مناخ الحرية الجديد.
واختتم: دفع التنظيم نهايته ثمنًا لمحاولة فرض واقع سياسي يناسب أفكاره وتصوراته على العالم.