براءة رئيسي الضرائب والجمارك السابقين من صرف حوافز مالية لغير المستحقين
أصدرت المحكمة التأديبية بمجلس الدولة حكمها في القضية رقم 272 لسنة 59 قضائية عليا ببراءة أحمد رفعت عبد الغفار، رئيس مصلحة الضرائب وأحمد فرج فرج سعودي، رئيس مصلحة الجمارك، السابقين من الاتهامات التي نسبتها إليهما النيابة الإدارية بشأن ارتكابهما مخالفات مالية وإدارية جسيمة تمثلت في تقاضي وصرف حوافز ومكافأت لغير المستحقين بالمخالفة للقانون.
قالت المحكمة إنه بشأن المخالفة المنسوبة إلى المحال الأول، أحمد رفعت عبد الغفار، رئيس مصلحة الضرائب الأسبق "وكيل أول وزارة"، فإن الثابت بالأوراق أنه تقاضى المكافآت المشار إليها بتقرير الاتهام من المصلحة رئاسة المحال الثاني والتابعة لوزارة المالية محل عملهما، وتمثلت تلك المكافآت في حوافز التنسيق بين اللجان المشتركة ومكافأة التعريفة الجمركية وحوافز رؤساء المصالح الإيرادية وحوافز لجان التصالح، وهو ما يخضع تقديره للسلطة المختصة بالصرف، فلها وعلى مسئوليتها وحدها تقدير استحقاقه تلك المكافآت من عدمه، وتقدير ما يُعَدُّ جهدا يستحق التقدير المالي أو تميزا في أداء الأعمال يبرر المكافأة، وهو مطلق تقدير السلطة المختصة طالما لم يثر في شأنه ما ينال من سلامته المفترضة.
وإذ قطعت الأوراق بأن ما صُرف للمحال من مبالغ مالية كان بناء على قرار السلطة المختصة بمصلحة الجمارك رئاسة المحال الثاني وفقا لتقديرها دون تدخل بتدليس أو ادعاء أداء أعمال على خلاف الواقع، فإن العدالة تأبى القول بارتكاب المحال الأول مخالفة الخروج على مقتضيات وظيفته والحال كذلك، فتبرأ ساحته مما هو منسوب إليه.
أسباب الحكم
وتضمنت أسباب الحكم إنه بشأن المخالفات المنسوبة للمحال الثاني، أحمد فرج فرج سعودي، رئيس مصلحة الجمارك الأسبق "وكيل أول وزارة" فإنه تجدر الإشارة إلى أنها في حقيقتها تتلخص في أمرين، ترتب عليهما تعدد ما نُسب إلى المحال من مخالفات، تمثلا يقينا في صرفه مبالغ مالية لجهات وعاملين ارتأت النيابة الإدارية أنها دون وجه حق وارتأت كذلك أنها صُرفت دون موافقة السلطة المختصة المتمثلة في وزير المالية، ومن حيث إن الثابت بالأوراق أنه قد تقررت مكافآت للعاملين بوزارة المالية ومصلحة الجمارك وجهات أخرى أُسـمِيَت "معاونة".
وصُرِفَت تلك المكافآت على نحو ما تبين بالأوراق إلى العاملين بمكتب وزير المالية، والهيئة العامة للخدمات الحكومية، ومديري ومراقبي الحسابات، ومباحث التهرب الجمركي، وإدارة الفتوى بمجلس الدولة والحاسب الآلي، وفرع هيئة التأمين والمعاشات بالمصلحة، وقطاع الموازنة العامة للدولة، وفرع مكتب البريد بالمصلحة، والعاملين بالصندوق الاجتماعي لعلاج العاملين بمصلحتي الجمارك والضرائب على المبيعات، والعاملين بنادي الجمارك وفروعه، وصندوق التكافل الاجتماعي، وحضانة الجمارك، والإدارة العامة لشرطة ميناء الإسكندرية، وأمن الدولة بالقاهرة، وشرطة ميناء القاهرة الدولي، ونيابة الشئون المالية والتجارية، وأمن موانئ القاهرة، والتشريع المالي، وصندوق الادخار لمصلحتي الجمارك والضرائب على المبيعات، ومباحث الأموال العامة بالقاهرة، ومرور القاهرة والإسكندرية، والمطابع الأميرية، والعاملين بمجلة الجمارك، والبحث الجنائي بالقاهرة.
وإذ تبين بالأوراق كذلك رفع مقترح لوزير المالية بتعديل حوافز مصلحة الجمارك واعتماد عدد أشهر المكافآت والحوافز المتاحة للمصلحة بواقع تسعة أشهر لكل شهر، وعلى أن يكون الصرف بموافقة مجلس الموازنة العامة، وهو ما تأشر عليه بالموافقة من وزير المالية، على ألا تزيد المكافأة عن قيمة تسعة أشهر، كما تبين صدور قرار وزير المالية رقم (402) لسنة 2011 لينفذ اعتبارا من 1/7/2011 ونصت مادته الثانية على أن جميع التأشيرات الخاصة المدرجة بموازنات الجهات يتم العرض بشأنها على لجنة متابعة تنفيذ الموازنة العامة للدولة (مجلس الموازنة العامة).
مجلس الموازنة العامة
كما تبينت قطعا في عدة مواضع بالأوراق المودعة ملف الدعوى مكاتبات من رئيس الإدارة المركزية لموازنة الجهاز الإداري بوزارة المالية موجهة إلى رئيس مصلحة الجمارك بالإشارة إلى طلباته بإقرار مكافآت وإحاطته بصدور الموافقة على صرف مكافآت للعاملين بالمصلحة ومن يعاونهم، وفق نظام مكافآت اعتمده وزير المالية، كما تبين صدور العديد من الموافقات من مجلس الموازنة العامة على صرف مكافآت على هذا النحو للعاملين بالمصلحة ومعاونيهم، وتبين بما لا يدع مجالا لشك أنه قُصِد بكلمة "معاونيهم" هؤلاء العاملون بجهات خارجية كتلك المشار إليها سلفا.
وبناء على ما تقدم، وإذ قطعت الأوراق بأن المحال الثاني بوصفه رئيس مصلحة الجمارك قد وجَّه بصرف المكافآت المنوه عنها سلفا على سند لديه من وجود موافقات من وزير المالية ومن مجلس الموازنة العامة على هذا الصرف وبتلك الكيفية للعاملين بوزارة المالية أو العاملين بمصلحة الجمارك ومعاونيهم من الجهات الخارجية، دون محاجة بتقصير في شأن الاستيثاق من موافقة الجهات الخارجية على صرف مكافآت لأي من العاملين بها ذلك أن الأوراق قد أفادت في غير موضع بأن تلك الموافقات قائمة منذ سنوات بحكم الاعتياد، لاسيما مع واقع صرف تلك المكافآت شهريا، ومنها ما تبين بالأوراق صراحة وجود طلبات من جهات خارجية بصرفها على سند من قول بمعاونة المصلحة في أعمالها والقيام على تسهيل مهمتها الموكلة إليها مما لا يحاج به على المحال تجاوزه السلطة المقررة قانونا لصرف مكافآت قدرتها السلطة المختصة بوزارة المالية، أو توجيهه تلك المكافآت لمن لا يستحقها عملا وقانونا، مما تبرأ معه ساحته مما نُسِب إليه ولهذه الأسباب قضت المحكمة ببراءة المحالين مما نسب إلى كل منهما.