لمسة سينمائية مؤثرة.. ولكن!
فاجأ مهرجان القاهرة السينمائي بدورته الثالثة والأربعين، الجمهور بلمسة سينمائية وإنسانية مؤثرة ومستحقة في حفل الختام، حين دعا مجموعة من كبار الفنانين للمشاركة في الحفل تقديرا لتاريخهم، لكن مع التنوع الواضح وثراء الدورة المنتهية لم يمنع وجود بعض القصور والسلبيات التي تحتاج وقفة ومحاسبة، خصوصا أنه مهرجان رسمي للدولة.
في العام الماضي أثنى الجميع على إدارة مهرجان القاهرة السينمائي لإصرارها على إقامته رغم تفشي كورونا وإغلاق الطيران بين دول العالم، وتغاضى أيضا عن ملاحظات عدة، إذ يكفينا تنظيم مهرجان دولي في وقت ألغيت فيه غالبية مهرجانات العالم أو أقيمت "أونلاين". لكن لا عذر هذا العام ولا يجب التسامح مع التقصير والتساهل.
تكريم مستحق
نبدأ من حفل الختام، حيث كان أبرز ما فيه التكريم الإنساني والفني لرواد يكن لهم الجمهور احتراما وتقديرا كبيرا، وكان لتلك اللمسة أثر بالغ في نفوس النجوم أنفسهم ولدى الجمهور أيضا، فمجرد حضور الفنانين الكبار لبنى عبدالعزيز، رشوان توفيق وعبدالرحمن أبوزهرة، ختام المهرجان يرفع من معنوياتهم ويخفف عنهم الإحساس بالتجاهل ونسيان الجمهور لهم، ووضح التقدير الكبير لهم من التهافت على التقاط الصور معهم، والتصفيق وقوفا للثنائي لبنى عبدالعزيز ورشوان توفيق عند إطلالتهما على المسرح، فالفنانة الكبيرة لبنى عبدالعزيز اشتكت غير مرة من التجاهل وعدم التواصل معها، والفنان الكبير رشوان توفيق يعلم الجميع الأزمة الأسرية التي يعانيها، من هنا يجب أن نثمن فكرة اختيارهما لتسليم جائزتي أفضل ممثلة وممثل في الحفل.
ومن الإيجابيات أيضًا ما ذكره رئيس المهرجان محمد حفظي، في كلمته عن "تحقيق رقم قياسي في مبيعات تذاكر دور عرض أفلام المهرجان بأكثر من 42 ألف تذكرة في 10 أيام، رغم الالتزام باجراءات التباعد الاجتماعي للحد من إصابات الفيروس".
في المقابل لم يشهد الختام الحضور الكثيف والمتوهج للنجوم مثل حفل الافتتاح، لتفضيل كثير من نجمات السينما المصرية وكذلك الضيوف العرب عدم حضور ختام مهرجان القاهرة السينمائي، والسفر إلى جدة لحضور افتتاح الدورة التأسيسية لمهرجان البحر الأحمر.
وهنا يجب التوقف عند الحضور المهم في المهرجان السينمائي السعودي، حيث نجحت إدارته في استضافة نخبة لامعة من نجوم الفن الخليجي والعربي خصوصا المصريين، فضلا عن نجوم السينما العالمية ومشاهير الموضة، تقدمه وفد فرنسي رفيع المستوى يضم أيقونة السينما كاثرين دونوف، ڤينسنت كاسل، ووزير الثقافة والتعليم الأسبق جاك لانغ، وهو الرئيس الحالي لمعهد العالم العربي، وكذلك النجمة الأميركية هيلاري سوانك، كليف أوين، مع مجموعة من أشهر عارضات "فيكتوريا سيكريت"، ويترأس لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الطويلة ألمع مخرجي إيطالي المعاصرين جيوسبي تورناتوري.
سلبيات مهرجان القاهرة
هؤلاء النجوم استقطبهم المهرجان السعودي في دورته الأولى، رغم عدم وجود صناعة سينما بمعناها الحقيقي، بينما مهرجان القاهرة السينمائي الدولي أعرق المهرجانات العربية وخلفه صناعة سينما تزيد على 100 عام، لم تستقطب إدارته أحد نجوم السينما العالمية، واقتصر الأمر على تولي المخرج الصربي العالمي امير كوستاريتسا رئاسة لجنة التحكيم، ما يؤكد وجود تقصير في الإعداد الجدي للمهرجان.
التطرق إلى السلبيات يجب ألا يغفل ما أثير عن استغلال رئيس مهرجان القاهرة، الدورة المنتهية في الترويج لأعمال شركائه في الإنتاج وتنظيم عروض خاصة لأعمالهم المنتظر عرضها قريبا، لعدم جواز الخلط بين العام والخاص، وعليه مكاشفة الرأي العام بحقيقة الترويج لأعمال شركته في مهرجان الدولة وتكليف شركائه بإدارة حوارات مهمة مع ضيوف المهرجان.
مشوار نيللي
فيما يخص افتتاح الدورة كان أجمل ما فيها تذكر نجومنا الكبار الراحلين، وما أكثرهم هذا العام، وتوجيه التحية لهم على عطاء ممتد لسنوات طوال، كما وفق المهرجان في تكريم أيقونة الاستعراض والسينما المصرية الفنانة الكبيرة نيللي، بجائزة إنجاز العمر، فهي تحتفظ بأرشيف زاخر وغير مسبوق منذ طفولتها، وبدت فرحتها الغامرة منذ كلمتها المسجلة قبل التكريم وصولا إلى إطلالتها في الافتتاح وحديثها الشيق في الندوة التكريمية، ولا ننسى الاستعانة بالفنان الكبير سمير صبري لتكريم الفنانة نيللي، علما أنه أيضا يستحق التكريم على مشواره الفني والإعلامي الثري.
جمال حفل الإفتتاح عابه الاستعانة بمقدمة لا نعرف كيف تم اختيارها، إذ وضح من أدائها السئ أن وجودها على المسرح خطأ لا يغتفر، فهي ليست الإسم اللامع ولا صاحبة تاريخ ولا تتحلى بحضور وقبول، ومع كل الانتقاد لإطلالتها أرادت الدفاع عن رئيس المهرجان، مؤكدة أنها "طلبت وسعت كثيرا لتقديم إفتتاح المهرجان"، لكن دفاعها عن إدارة المهرجان يدينها أكثر لإسناد التقديم لها، وقد كان للانتقادات دور في تصحيح الخطأ بحفل الختام وإسناده إلى إعلامية تحظى بخبرة وثقة وجمال وإطلالة مشرفة وأداء مميز.