فخر العرب.. ما بين أهل الفتي والفتوى
ما بين الفتي والإفتاء مسافة كبيرة قد تصل إلى النقيض في النتيجة والهدف.. فالفتي هو فعل الجاهل الفهلوى أما الفتوى فهى تصدر من عالم يعتمد قواعد علمه وخبرته في فتواه.. وبما أن أهل الفتي بطبيعة الحال أضعاف أضعاف أهل الفتوي والعلم في كل ميدان، رياضة أو علوم أو حتى سياسة وإقتصاد أو غيرها من أنشطة الحياة، تراجع دور القيمة والقامة في حياة الناس والمجتمع، وباتت فرصة الجهل وأهله في الإنتصار على العلم وأنصاره كبيرة وفي كل ميادينه..
وأمثلة ذلك كثيرة ليس فقط فيما طرحه فخر العرب النجم العالمى محمد صلاح مؤخرا من رأى عابر حول شرب الخمر، وما يمكن أن يتعرض له من مواقف قد تكون محرجة له خلال مناسبات يحضرها في مجتمع مختلف يعتبر شرب الخمور إحدى عاداته التقليدية بخلاف المجتمعات الاسلامية، محمد صلاح إختار أن يرد على قدر الموقف دون فتي أو إفتاء، ولكن أهل الفتي والفهلوة أرادوا أن يلبسوه العمامة ويطالبونه أن يخلع نعليه ويصعد المنبر وينبرى في الخطبة العصماء ويفتي ويحرز الهدف في مرمى أهل الكفر والفجور.
نصب علنى
ما هذا الهبل والتنطع لعقول فارغة سادت حياتنا وأطلت على دنيانا من طاقات السوشيال ميديا والفضائيات، وبات كل همها تسطيح أى قول أو فعل بدون مناسبة. والمتابع يهاله الأمر أن قضية الفتي والفهلوة باتت سلوكت يوميا مشينا يمارسه غالبية المتنطعون في كل مجالات حياتنا، في السياسة نقول جائز ورغى، في التاريخ قد نقول وجهة نظر وأحداث التاريخ لها وجهان، في الإقتصاد قد نقول حاجة الناس تحكم.
في الدين قد نقول لكم دينكم ولنا ديننا، في الرياضة قد نقول مجرد تعصب وانحياز مشجع، لكن الأمر تعدى لدخول أهل الفتي لمجالات العلم والطب وأصبح لهم قنوات فضائية كمان للفتي والفهلوة بلغ حد النصب العلنى ونشر الجهل بين الناس وبما يمكن أن يصيبهم بكوارث لا نجاة منها وللأسف لم يتحرك أحد لإيقاف تلك المهازل..
والعجيب أن في الساحة نشط مشجعين للفتي ونشر الفهلوة ليس فقط في الرياضة والفن ولكن أيضا في السياسة والإقتصاد والعلوم الطبيعية كمان.. ينشرون كل غريب وعجيب، ويهدرون كل قيمة وقامة، حتى شاعت الفوضى وتوارى أهل الإبداع والقيمة وأصبح يتصدر المشهد حاحا وتفاحة وطيخة وبطيخة، ليس فقط في الفن والغناء والإعلام والرياضة وإنما في التعليم وفي الاقتصاد والسياسة وغيرها، وأصبح الحمل ثقيل علينا وعلى حكامنا للفصل ما بين أهل الفتوى ومجرمى الفتي والفهلوة واتقاء شرهم وجرمهم إلى حين.. يا منجى من البلايا أجرنا.